قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" في مقال افتتاحي، أعلنت فيه عن تأييدها لرئاسة
هيلاري كلينتون للولايات المتحدة، إنه نادرا ما كان الخيار في
الانتخابات الرئاسية الأمريكية بهذا الوضوح.
وتقول الصحيفة إن "السباق بين هيلاري كلينتون ودونالد
ترامب شكل دراما كبيرة، ظهرت بوضوح من خلال التدخل المتهور في آخر لحظة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، بخصوص موضوع الرسائل الإلكترونية لكلينتون، لكن يجب ألا يكون هناك شك حول أهمية انتخابات 2016 لأمريكا والعالم".
وتضيف الصحيفة: "بدأ النظام العالمي، الذي استمر على مدى السبعين سنة الماضية، بالاهتراء، وربما الانهيار، كما أن البريكسيت في حزيران/ يونيو سيعني في الغالب زوال أحد أعمدة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أن الشرق الأوسط وصل إلى مرحلة النظام المحطم، وأصبحت الصين تتصرف بثقة أكبر، متحدية نظام (بريتون وود/ الاتفاقية المالية وإدارة تصريف العملات لعام 1944)، كما أن روسيا تحت حكم رئيسها فلاديمير بوتين أصبحت تتصرف بجرأة أكبر، وتهدد حدود الناتو، وتنشر الدمار في سوريا، وواضح أنها تنسق التسريبات للتأثير في الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وترى الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، أن "هذا هو الوقت لتجديد القيادة الأمريكية، وهناك مرشح لديه المؤهلات، فهيلاري كلينتون عملت بصفتها سيدة أولى، وعضو مجلس الشيوخ عن نيويورك، ووزيرة للخارجية، أما ترامب فيتعامل بالإهانات وليس بالدبلوماسية، لقد شتم الحلفاء، وهدد بإزالة المظلة النووية لشرق آسيا، وبتهميش الناتو، وبإطلاق الحروب التجارية، ويصور ترامب نفسه على أنه رجل الغرب القوي، الذي يستطيع الوقوف بجانب أشباه بوتين".
وتشير الصحيفة إلى أن "ترامب أظهر ازدراء للديمقراطية الأمريكية ذاتها، وتحدث باستمرار عن احتمال تزوير الانتخابات، ورفض، حتى تحت الضغط، ضمان قبول النتيجة، وهدد بسجن كلينتون. هذا التعجرف لم يسبق له مثيل، ويشير إلى خلل كبير في شخصيته، وأول دور للرئيس هو أن يكون القائد العام المسؤول عن أكبر ترسانة نووية نشطة في العالم، وترامب لا يتمتع بالصبر، ولا يمكن التنبؤ بمزاجه، فتلك السنوات كلها، التي كان فيها مقدما لبرامج تلفزيون الواقع، لم تهيئه لوقت الذروة".
وتعتقد الافتتاحية أنه "في المقابل، فإنه لا يزال أمام كلينتون لتثبت الكثير، فبالنسبة لكثير من الأمريكيين، فإن سنوات الخدمة العديدة لها لا تعني الكثير، فهي تختزل معاني المؤسسة التي تخدم نفسها، وكان ينقص حملتها الكثير من الإلهام، وخاضت منافسة صعبة مع بيرني ساندرز، السياسي الاشتراكي البالغ من العمر 74 عاما، والحقيقة هي أن كلا من ساندرز وترامب عزفا على وتر حساس لدى الناخب الأمريكي، واستغلا تشكك الناس بالسياسة، الذي يتنامى بشكل ثابت في أمريكا، والذي يعود بشكل جزئي للأزمة المالية العالمية لعام 2008".
وتلفت الصحيفة إلى أن "الحلم الأمريكي، الذي كان فعالا للمهاجرين والمواطنين الأمريكيين على السواء، أصبح صعب المنال، وتم الضغط على الطبقة الوسطى لعدة عقود، لكن طبقة 1% أصبحت أكثر ثراء، وعادت الشعبوية بمساعدة من الإعلام، الذي أصبح مستقطبا أكثر من أي وقت مضى، وبحثا عن نسب متابعة أكبر، وقعت العديد من وسائل الإعلام صفقة مع ترامب، باعت فيها روحها للشيطان".
وتقول الافتتاحية: "إن تم انتخاب كلينتون فإن عليها أن تجد طريقة لعلاج الفرقة التي ميزت حملة الانتخابات لعام 2016، وإن رفض ترامب قبول النتيجة، فإن مهمتها ستكون أكثر صعوبة، ولأجل الصالح الوطني، فإن عليها أن تظهر إصرارا على العمل مع حزب جمهوري منقسم، وكان هذا من الصعب على الرئيس باراك أوباما تحقيقه، حيث أوشك أن يكون تعامله المتعب مع الكونغرس جبريا، ولدى كلينتون، التي عملت مع أعدائها الفكريين، فرصة بداية جديدة".
وتستدرك الصحيفة قائلة إنه "بعد سنوات من انسداد الأفق، فإن الأجندة المحلية واضحة: إصلاحات ضريبية، وترميم كامل لنظام الهجرة الأمريكي، وتعزيز للبنية التحتية، ولدى كلينتون برنامج قوي، لكن عليها مواجهة ساندرز وزملاءها الديمقراطيين الآخرين المعارضين بشدة لتقليل نسبة ضريبة الشركات، ويكون من الحكمة إن هي أعادت التفكير في اتفاقية التجارة العبر-باسيفيكية، وهي جزء مهم من منظومة التجارة الدولية الحرة، وجسر للحلفاء في آسيا، وبالذات اليابان".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "انتخابات 2016 تعد أكثر من أي انتخابات في الذاكرة القريبة فحصا لشرعية النظام السياسي الأمريكي، وستكون لها آثار عميقة في النظام العالمي الليبرالي، وتحمل كلينتون من الأوزار ما يملأ طائرة (بوينغ 747) ولا يثق فيها معظم الناخبين".
وتختم "فايننشال تايمز" افتتاحيتها قائلة: "من الواضح أن كلينتون أكثر كفاءة من ترامب، الذي يتجلى تبجحه ودناءته وتقسيمه للمجتمع كل يوم. وبالرغم من عيوبها، فإن كلينتون مؤهلة بشكل واضح لتكون المرأة الأولى التي تنتخب رئيسة لأمريكا، وتحظى بدعم الـ(فايننشال تايمز)".