ازداد الحديث في الآونة الأخيرة عن حاجة قطاع
غزة لوجود مطار جوي، يسهم في التخفيف من المعاناة التي يتحملها المواطنون والمرضى وذوو الحالات الإنسانية، نظرا للإغلاق الإسرائيلي المستمر للمعابر منذ ما يزيد على 10 سنوات، ما تسبب في تدهور الوضع الإنساني في القطاع.
وطرحت هذه الفكرة من قبل كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، كأحد شروطها الرئيسة لتوقيع اتفاق الهدنة مع الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة على القطاع صيف عام 2014، بجانب تشغيل
الميناء البحري لتسهيل الحركة التجارية، ولكن الجانب الإسرائيلي لم يقبل هذا الشرط إلا بنزع المقاومة لسلاحها، في حين تصر الفصائل على هذا المطلب حتى اللحظة.
وخرجت آخر الدعوات في هذا الصدد؛ من مؤسس مشروع "المساعدة الموحدة"،
الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة، أحمد الخطيب، الذي طرح في مبادرته رؤيته لإنشاء مطار وجسر جوي في غزة تشرف عليه الأمم المتحدة، كجهة دولية تتولى إدارة مناطق النزاع في العالم، ومن بينها فلسطين.
وأوضحت الدراسة التي نشرها معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن فكرة المطار مستوحاة من
مطارات إنسانية تقوم الأمم المتحدة بالإشراف عليها في كل من الكونغو والصومال والباكستان، وغيرها من مناطق النزاع في العالم، وتكون مهمتها الأساسية نقل الحالات الإنسانية، كالمرضى وحملة الجوازات الأجنبية الذين يقطنون القطاع، في حالة حدوث طارئ يستلزم مغادرتهم، إضافة إلى كونه ممرا آمنا لوصول الوفود الأممية والدبلوماسية من دول العالم إلى قطاع غزة، دون الحاجة إلى الانتظار الطويل، وأخذ الموافقة المسبقة من الجانب الإسرائيلي.
ووضعت الدراسة تصورا لمكان وجود المطار في منطقة المحررات، أو ما يعرف حاليا بـ"أرض المواصي" الواقعة غربي مدينة خانيونس، بحيث تكون واجهته البحر المتوسط، آخذة بالحسبان المعايير الأمنية، والشروط التي قد يعترض عليها الجانب الإسرائيلي، باعتبارها بعيدة عن الحدود أو ممرات التهريب.
وليست هذه الدراسة هي الأولى التي تقدَّم بهدف حل المشاكل الإنسانية في القطاع، فقد قدم وزراء مواصلات الاتحاد الأوروبي خطة مماثلة في العام الماضي لربط قطاع غزة مع العالم الخارجي؛ عن طريق ميناء ومطار جوي تديره السلطة الفلسطينية.
"حماس" ترحب
من جهته؛ قال نائب رئيس كتلة حركة حماس البرلمانية، يحيى موسى، إن حركته "ترحب بأي طرح من شأنه أن يخفف من معاناة مواطنينا؛ أسوة بباقي دول العالم"، مشيرا إلى "رغبة الحركة في التعامل مع وكالة الغوث، أو أي جهة دولية أخرى؛ بشرط أن تكون أهدافها خدمية إنسانية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "مطالب الحركة واضحة وصريحة، والمطار والميناء ليسا منة يتفضل علينا بها الجانب الإسرائيلي، فهذا حقنا الشرعي والسيادي الذي أقر به ضمن اتفاقياته مع منظمة التحرير سابقا".
وأوضح موسى أن "تقديم هذا العرض والموافقة عليه من طرفنا؛ يجب أن يكون مرهونا بضمانات دولية، كي لا نصحو على واقع نرى فيه كل ما حلم به أبناء شعبنا أثرا بعد عين".
"أونروا" تؤيد
بدوره؛ أبدى المتحدث باسم وكالة الغوث الدولية، عدنان أبو حسنة "استعداد (أونروا) لتولي هذه المهمة في حال عرضت عليها؛ بعد موافقة الأطراف المعنية".
وقال لـ"
عربي21" إن "الوكالة حذرت سابقا، وما زالت تحذر؛ من استمرار الحصار على القطاع؛ لأن نتائجه ستكون كارثية، ولا تحمد عقباها".
مشروع غير قابل للتنفيذ
أما الخبير الأمني، المحاضر في جامعة الأمة بغزة، إسلام شهوان؛ فقال إن "طرح ملف المطار والميناء وتشغيلهما في هذا التوقيت؛ لا يقتصر تطبيقه على وجود مساحة تكفي لبناء مدرج المطار، أو بحر يؤهل غزة لأن تستوعب وجود ميناء بحري فيها"، مؤكدا أن إمكانات القطاع لا تسمح بتنفيذ هذا الملف.
وأضاف لـ"
عربي21" أن من "أسباب عدم قابلية تطبيق هذا المشروع؛ انحسار المساحة الجغرافية في القطاع بفعل التمدد السكاني، وتجاوزه لحاجز مليونَي نسمة، في مساحة لا تتعدى الـ400 كيلومتر مربع، إضافة الى التحكم الإسرائيلي الكامل في القطاع برا وبحرا وجوا".
ولفت شهوان إلى أن "طرح فكرة المطار سيفتح الباب واسعا أمام ادعاءات السلطة بأن حماس تحاول تدمير المشروع الوطني باتخاذها قرارات استراتيجية دون الرجوع إليها".