أنهت القوات الحكومية العراقية، الأربعاء، قطع خطوط الإمداد عن تنظيم الدولة غرب مدينة الموصل في شمال البلاد، منهية بذلك عملية عزل آخر معاقل التنظيم عن باقي المحافظات العراقية، في وقت فر فيه عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب مقاتلي الحشد الشعبي منها.
تطويق الموصل
وأوضح المسؤولون أن فصائل الحشد الشعبي وصلت إلى الطريق الذي يربط بين تلعفر الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة وسنجار غرب الموصل، حيث التقت مع القوات الكردية، وفصلت المنطقتين عن بعضهما.
وقال القيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في فيديو نشر على صفحة الفصائل على "تويتر": "تم قطع طريق تلعفر سنجار"، في إشارة إلى البلدتين الواقعتين على الطريق الواصل بين الموصل وسوريا.
من جانبه يواصل طيران التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة قصف جسور مدينة الموصل، إذ أفاد مصدر أمني عراقي، الأربعاء، بتعرض أحد الجسور الواقعة داخل مدينة الموصل على نهر دجلة (شمال)، لقصف جوي من قبل طيران التحالف، أسفر عن أضرار جسيمة، ليصبح رابع جسر يخرج عن الخدمة في المدينة.
الجسر الذي يحمل اسم "جسر الشهداء" والمعروف بـ "الجسر الثالث"، يعد الرابع الذي يُقصف ويخرج عن الخدمة بالموصل، بعد تعطل "الجسر الرابع" قبل يومين، و"الخامس" بشكل جزئي عند قصفه مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وتعطل "جسر الحرية" بشكل كلي، عقب استهداف طيران التحالف الدولي له، منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حسب مراسل الأناضول، ومصادر من داخل المدينة.
وقال الرائد في القوات المشتركة (تابعة لوزارة الدفاع) إسماعيل زاهد إن "الهدف من قصف الجسر هو قطع إمدادات التنظيم من الأسلحة والمفخخات عن الجانب الأيسر (الشرقي)، وتحجيم قوة التنظيم في هذا الجانب".
وأوضح أن "الجسر الثالث من الجسور الإستراتيجية في مدينة الموصل، يربط الجانب الأيمن من الجهة الغربية بالجانب الأيسر من الجهة الشمالية عبر النهر (نهر دجلة)". لافتاً إلى أن "الجسر الوحيد الذي بقي في الخدمة هو الجسر القديم".
المدنيون يفرون من تلعفر
فر عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين من تلعفر مع اقتراب مقاتلين شيعة منها، وقال مسؤولون إقليميون إن الرحيل الجماعي من تلعفر الواقعة على بعد 60 كيلومترا غربي الموصل يثير قلق منظمات الإغاثة الإنسانية، إذ أن بعض المدنيين الفارين يتوجهون إلى مناطق أبعد واقعة تحت سيطرة التنظيم مما يجعل من الصعب وصول المساعدات لهم.
وتحاول وحدات الحشد الشعبي -وهي ائتلاف من مقاتلين معظمهم تلقى تدريبا ودعما من إيران- تطويق تلعفر التي تقطنها أغلبية تركمانية ضمن الهجوم الدائر لاستعادة الموصل.
وقال نور الدين قبلان نائب رئيس مجلس محافظة نينوى عن تلعفر والمتمركز الآن في العاصمة الكردية أربيل إن نحو 3 آلاف أسرة فرت من تلعفر وتوجه نصفها تقريبا صوب الجنوب الغربي في اتجاه سوريا والنصف الآخر تحرك شمالا إلى أراض واقعة تحت سيطرة الأكراد، وتابع "طلبنا من السلطات الكردية أن تفتح معبرا آمنا للمدنيين".
وتشعر تركيا بالقلق من أن توسع إيران نفوذها عبر جماعات تنشط بالوكالة في المنطقة القريبة من الحدود التركية السورية حيث تدعم أنقرة مقاتلين معارضين للرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران.
وكانت تركيا هددت بالتدخل لمنع حدوث أعمال قتل انتقامية في حال اجتياح قوات الحشد الشعبي البلدة مستشهدة بعلاقاتها الوثيقة مع السكان التركمان في تلعفر.
وتتهم منظمتا هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، الحشد الشعبي، بارتكاب خروقات بحق المدنيين، ووثقت انتهاكاتها بأدلة ووثائق أدانت فيها هذه الأعمال التي وصفتها بـ"الوحشية" بحق المدنيين العزل خاصة في المناطق التي يتم تحريرها ويسكنها غالبية سنية.
العبادي يطمئن
وحاول رئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي تهدئة المخاوف من وقوع أعمال قتل عرقية وطائفية في تلعفر قائلا إن أي قوة ترسل لاستعادة البلدة ستعكس التنوع في المدينة، كما قال إن قوات الحشد الشعبي "لن تدخل" قضاء تلعفر غرب مدينة الموصل بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، خلال عملية استعادة القضاء من
تنظيم الدولة.
وفي مؤتمر صحفي عقده العبادي في مقر إقامته ببغداد اليوم الأربعاء ، عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسته، أضاف أن قوات الجيش والشرطة هي التي ستستعيد قضاء تلعفر من تنظيم الدولة
وأوضح العبادي، أن "القوات الأمنية تواصل عمليات تحرير القرى والمدن في مختلف المحاور الشمالية والشرقية (للموصل)، حتى أن أغلب مناطق محافظة نينوى (شمال) أصبحت بيد القوات الأمنية الآن".
وتابع أن "قوات الحشد (الشعبي) وصلت إلى مشارف قضاء تلعفر، لكنها لن تدخل إليه، وستقوم قوات الجيش والشرطة بتحريره من عناصر داعش الإرهابي"، معرباً عن أمله في "عودة سكان تلعفر بأسرع وقت".
وبين رئيس الوزراء العراقي، أن "القوات الأمنية تحرص على حياة المدنيين بشكل أساسي في عملها، والانتصارات التي تتحقق هي بمساعدة أهالي الموصل مع القوات"، لافتا إلى "وجود تعاون كبير بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية".
أكثر من 71 ألف نازح
في سياق متصل أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، الأربعاء، أن عدد النازحين تجاوز 71 ألفًا منذ بدء الحملة العسكرية لتحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وقال وزير الهجرة والمهجرين جاسم الجاف، في تصريح صحفي مكتوب، إن "أعداد النازحين في مخيمات الوزارة منذ انطلاق عمليات استعادة محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) وصلت إلى 71 ألفا و119 نازحا".
وأشار الجاف، إلى أن اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين التي يترأسها، قررت تشييد مخيم جديد للعوائل النازحة جنوب مدينة الموصل بواقع 6 آلاف خيمة لإيواء مزيد من المتدفقين.
ويواصل المدنيون الفرار من المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة بين القوات العراقية وعناصر تنظيم الدولة في أطراف الموصل وداخل المدينة من الجهة الشرقية.
وتتوقع الأمم المتحدة نزوح ما يصل إلى مليون مدني من أصل 1.5 مليون شخص، يقطنون في الموصل، المدينة الواقعة على بعد 400 كيلو متر شمال بغداد، وسط تحذيرات من "كارثة" قد تواجه النازحين في مخيمات النزوح.
يشار إلى أن معركة استعادة الموصل، انطلقت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، بمشاركة 45 ألفا من القوات التابعة لحكومة بغداد، من الجيش والشرطة، مدعومين بقوات من الحشد الشعبي (مليشيات شيعية موالية للحكومة)، وحرس نينوى (سني)، إلى جانب "البيشمركة " (قوات الإقليم الكردي)، وبغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.