دعت قوى شبابية إلى تحرك احتجاجي، الجمعة، بالعاصمة
تونس، من أجل التعبير عن تمسّكها بـ"محاسبة المجرمين والجلادين، ومناهضة الإفلات من العقاب والمطالبة بتفعيل مسار العدالة الانتقالية".
وقال عضو لجنة الإعداد والتنظيم وسام الصغير، إنّ منظمات وقوى شبابية مختلفة ستشارك في التحرّك الاحتجاجي، على غرار "أنا يقظ" و"مانيش مسامح" (لن أسامح)، وشباب الاتحاد العام لطلبة تونس (يسار) وشباب الحملات الشبابية الناشطة في القضايا ذات العلاقة بالشأن الوطني والاجتماعي.
وأشار الصغير في تصريح لـ"
عربي21" إلى وجود مؤشرات "تدلّ على أنّ حكومة يوسف الشاهد، على غرار سائر الحكومات منذ
ثورة 14 يناير 2011 وإلى اليوم، ترفض محاسبة المتورّطين في انتهاكات وجرائم تتعلق بحقوق الإنسان، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية للمحاسبة وكشف الأرشيف السياسي"، وفق تعبيره.
استخفاف
وقال: "رأينا كيف خرق القائمون على الأرشيف بمؤسسة رئاسة الجمهورية القانون ورفضوا تسليمه إلى هيئة الحقيقة والكرامة المعنية بملف العدالة الانتقالية، رغم تحفظاتنا واختلافنا معها وبغضّ النظر عن تقييمنا لأدائها، لكنها في النهاية هي مؤسسة دستورية منبثقة عن المجلس الوطني التأسيسي المنتخب".
واستدل الصغير بتغيّب الرؤساء الثلاثة عن
جلسات الاستماع العلنية الأولى لضحايا انتهاكات
حقوق الإنسان، الأسبوع الفارط، مضيفا بقوله: "هذا أبرز دليل على انه لا وجود لإرادة سياسية لتطبيق القانون ومحاسبة المجرمين".
وتابع بقوله: "بل هناك استخفاف بمسار العدالة الانتقالية ورغبة جامحة لإغلاق هذا الملف بأسرع وقت ممكن وبشكل سطحي، دون الأخذ بعين الاعتبار أهميته في الانتقال السياسي لطي صفحة الماضي وبناء المستقبل".
جريمة دولة
وختم بقوله: "لا بدّ من المحاسبة بهدف تحقيق المصالحة على أرضية العدالة الانتقالية، وليس على أرضية الإفلات من العقاب".
وفي السياق نفسه، قال القيادي النهضوي عبد اللطيف المكي إنّ العدالة الانتقالية "ربّما تضمّنت بعض الثغرات والنقائص، لافتا إلى أوضاع مساجين الحق العام "الذين يقع عليهم عذاب شديد ولا يتحدّث عنهم أحد"، وفق تعبيره.
واستشهد المكي في تصريح لـ"
عربي21" بفترة التحقيق معه في فرقة الاستعلامات عام 1991، بثكنة الأمن بـ"بوشوشة" بالعاصمة، قبل الحكم عليه بالسجن مدّة 10 سنوات و8 أشهر، مؤكّدا وقوع عمليات تعذيب قاسية جدا سُلّطت على سجناء الحق العام، وواصفا ما قام به نظام بن علي خاصة بـ"جريمة دولة بامتياز".
انتهاكات
وقال متحدّثا عن نفسه قائلا: "رغم أنّ التعذيب الذي مارسه جلّادو بن علي ضدّي لا يمثّل شيئا أمام الانتهاكات الخطيرة التي لحقت عددا كبيرا من أبناء
النهضة، الذين ماتوا تحت التعذيب أو من خرجوا من السجن بإعاقات، فإنّني إلى اليوم أحمل آثار التعذيب في جسدي".
وأوضح بقوله: "مورس عليّ التعذيب البدني والنفسي والعزلة والحبس الانفرادي في قبو وزارة الداخلية وفي السجن، كما تعرّضت إلى شتّى أنواع التعذيب الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والعائلي، ومنعوني من مواصلة دراستي في المرحلة الثالثة بعد خروجي من السجن".
وأشار إلى أنّ أعوان بن علي "فعلوا ما بوسعهم في سبيل تطليق زوجتي، ومارسوا ضغوطا كبيرة على أصهاري وعائلتي خلال فترة السجن"، بحسب قوله.
تحدٍّ على الهواء
وكان المكّي تحدّى، على الهواء خلال مشاركته، الثلاثاء، في برنامج سياسي على قناة "التاسعة" الخاصة، الإعلامي والقيادي السابق بحزب نداء تونس الطاهر بن حسين أن يثبت أن "90 بالمئة من أبناء النهضة قدموا مطالب عفو للمخلوع بن علي"، بحسب ما صرّح بن حسين نقلا عن خمسة مدراء سجون.
وقال المكّي بنبرة غاضبة: "أنا أول مرة أسمع من يقول هذا الكلام.. هذه أكاذيب المقصود منها الحرب النفسية ووصف النضالات بأرذل الأشياء.. مديرو السجون الذين تحدثوا معكم شركاء في الجريمة.. يمكنك أن تنتقد النهضة، لكن لا يجوز لك ترويج الأكاذيب والادعاءات الباطلة.. قد يكونون غالطوك فارجع إليهم كي يرفعوا هذا التحدّي".
شركاء في الجريمة
واعتبر المكّي في تصريحه لـ"
عربي21" أنّ من يحاول شيطنة "النهضة" اليوم أو يهاجم العدالة الانتقالية، "هم شركاء بن علي الذين يخشون انكشاف الحقائق.. كانوا شركاء له في التغطية على جرائم التعذيب، ومتعاونين معه في التحريض على ضرب الإسلاميين وقصفهم واستئصالهم".
وأضاف بقوله: "اليوم نراهم يوجّهون سهامهم للعدالة الانتقالية، والسبب هو أنّ أسماء كل من تعاون مع بن علي مسجلة، وهي موجودة في محاضر الجلسات والبحث".
وتابع: "كان نظاما يريد أن يورطهم ويسجل لهم صوتا وصورة وكتابة، لذلك يريدون اليوم إيقاف كشف الحقيقة. أما بقية التونسيين، أقول 99.99 يريدون معرفة الحقيقة"، وفق تعبيره.
ونشرت الصفحة الرسمية للمكي في فيسبوك صورة قديمة له تمثّل عملية استنطاقه خلال المحاكمة العسكرية عام 1991، معلّقة عليها بـ"تاريخ كتب بماء العين.. وبدم الطاهرين.. ودموع المظلومين".