أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "
حماس"؛ عزمها المشاركة بوفد قيادي من الحركة في المؤتمر السابع لحركة
فتح، المزمع عقده في رام الله الثلاثاء، بعد دعوة رسمية تلقتها من حركة فتح.
وقال الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، لـ"
عربي21" إن مشاركة حركته ستقتصر على الجلسات الافتتاحية، مثل باقي الفصائل، بينما ستكون الجلسات الأخرى خاصة بأبناء فتح، موضحا أن موافقة حماس على حضور المؤتمر جاءت لـ"إشاعة جو من الثقة بين الحركتين".
وأضاف: "مشاركتنا لا تعني بحال من الأحوال موافقتنا على البرنامج السياسي الهابط لحركة فتح، ولا على سلوك أجهزتها الأمنية في
الضفة من تنسيق أمني واعتقال سياسي، واجتثاث لحركة حماس"، على حد تعبيره.
وحول ما إذا كان يمكن تصنيف هذه المشاركة باعتبارها اصطفافا من حركة حماس إلى جانب أحد المعسكرين المتخاصمين داخل فتح (تيار رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، وتيار القيادي المفصول من فتح، محمد دحلان)، أكّد قاسم أن "حماس ترفض أي اصطفاف لأي معسكر داخل فتح، وتريد أن تكون فتح حركة موحدة لتنخرط من جديد في حالة النضال الوطني".
من جهته، بيّن القيادي في حماس بالضفة الغربية، فايز وردة، أن حركته قررت التكتم على أسماء المشاركين في وفدها وعددهم، للضرورات الأمنية.
وشدّد وردة في حديث لـ"
عربي21"؛ على أن حركته تريد أن تخرج فتح موحّدة من مؤتمرها، كي يتيح هذا المضي قدما نحو تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وما ترتب عليه، لا سيما استهداف حماس، والاعتقالات السياسية في الضفة الغربية.
حماية "رأس المقاومة"
وعبر "فيسبوك"، كتب القيادي في حماس، موسى دودين: "باختصار شديد حماس تعرف من هو أبو مازن جيدا، وسياسته منقوشة على جلود أبنائها، لكنها تريد أن توجه ضربة قاصمة لمشروع تنصيب دحلان الذي تسعى إليه الرباعية العربية".
وأضاف دودين خلال أحد النقاشات: "الذي يفكر أن قرار ذهاب حماس لمؤتمر فتح دروشة يكون واهما، لكن هناك جهود إقليمية تبذل لتغيير كل النظام السياسي الفلسطيني والإتيان بشخص ستكون أول خطوة في برنامجه رأس المقاومة وشراء حرب على
غزة"، وفق قوله.
أخف الضررين
ورأى المحلل السياسي الفلسطيني، ساري عرابي، أن حماس لن تحقق أي مكسب سياسي حقيقي من خلال مشاركتها في المؤتمر السابع لفتح، كما أنها لم تحقق أي مكسب من لقائها لعباس في الدوحة من قبل، رغم أنه كان بإمكانها تحقيق مكاسب منهما، وفق تقديره.
وتابع: "السلطة وفتح تعاملان حماس في الضفة الغربية على أنها تنظيم محظور تماما، وهو ما يظهر من خلال سياسات الملاحقة والاعتقال السياسي، ولعل الحركة (حماس) أرادت أن تؤكد من خلال مشاركتها على حضورها، وأن تكتسب شرعية ما".
وبيّن عرابي لـ"
عربي21" أن مشاركة حماس في المؤتمر، "تمثّل شكلا من أشكال اعتراف الحركة بالقيادة الحالية لفتح، ومن الممكن أن تُقرأ على أنه اصطفاف لـتيار المؤتمر السابع؛ المحسوب على أبو مازن، غير أن عدم مشاركتها كان يمكن أن يُقرأ اصطفافا عكسيا في معسكر القيادي المفصول محمد دحلان"، بحسب تعبيره.
وأشار إلى أن "التحليل السياسي الأقرب إلى المنطق؛ هو أن هناك وعيا لدى قطاع من قيادة حماس بأن المشروع الذي يريد إيصال دحلان إلى السلطة بعد إعادته إلى فتح، هو مشروع تصفوي جديد للقضية الفلسطينية، وأن بقاء عباس وتياره في قيادة فتح هو أخف الضررين".
واعتبر عرابي أن المسار السابق للأحداث، أظهر أن حماس تعاملت بتوازن بين تياري فتح المتخاصمين، دون أن تظهر انحيازا لأحدهما، وتجلّى ذلك في لقاء عباس في الدوحة، وتسهيل حركة أعضاء المؤتمر السابع الغزيين المسافرين إلى رام الله، ثم حضورها المؤتمر من جهة، وتسهيل حركة أنصار تيار دحلان ونشاطهم الاجتماعي في قطاع غزة، وسفرهم إلى مصر، من الجهة الأخرى.
ردات الفعل
وبيّن أن "المشكلة لدى حماس أولا، ثمّ الجهاد الإسلامي ثانيا، بصفتهما حركتي مقاومة، أنهما يتعاملان من منطق ردات الفعل، لا صناعة الأحداث، وهو أمر يدعو إلى الاستغراب من جهة، ويفقد الحركتين ميزات مهمة كان الأصل أن وجودهما ومكانتهما تمكنهما من تحقيقها".
وختم عرابي: "تظل هناك مشكلة كبيرة لدى حماس؛ هي أن قطاعا عريضا من قاعدتها الشعبية في الضفة الغربية ترفض هذه المشاركة في ظل استهدافها، بل إن من أنصار الحركة من ينتقد المشاركة بقسوة"، لافتا إلى أن "هناك بالفعل فشلا في التواصل بين قيادة حماس وكوادرها في الضفة، وشعورا لدى كوادر حماس في الضفة بعدم التفات قيادتهم لهم ولمعاناتهم"، وفق تقديره.
حضور اجتماعي لا أكثر
أما الكاتب الفلسطيني صلاح حميدة فقال إن حماس تنطلق من منطلق تفضيلها للقيادة التاريخية لفتح، التي تتبع عباس، على تيار دحلان، "لأنها ترى أن مشروع دحلان أكثر بعدا عنها وعن مساراتها".
ولفت حميدة في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن حماس، "ورغم التعامل القاسي الذي تلقاه في الضفة، تظهر حريصة على أي فرصة يمكن أن تمهد لترتيب البيت الفلسطيني، واقتراب الفصائل من بعضها"، كما قال.
واستبعد حميدة أن يثمر هذا اللقاء عن أي تغيير حقيقي في التعامل مع حماس في الضفة الغربية، أو أن ينتج عنه أي توجه نحو مصالحة فلسطينية حقيقية، واصفا مشاركة حماس بمؤتمر فتح بـ"الحضور الأقرب إلى الاجتماعي" لا أكثر.