ينذر المشهد العسكري الراهن في مدينة
حلب بكارثة إنسانية، بدأت معالمها تتضح تدريجيا، وفق منظمات دولية، مع نزوح الآلاف من سكان الأحياء الشمالية الشرقية -التي تقدمت إليها قوات النظام السوري- إلى مناطق أخرى محاصرة أيضا في الجنوب الشرقي من المدينة، في حين تعاني المدينة بالأصل من آثار
حصار خانق أدى لفقدان المواد الأساسية.
ودفعت هذه الحالة بمجموعة من الناشطين من داخل أحياء المدينة المحاصرة إلى إطلاق حملة "لبيك حلب" مؤخرا؛ بهدف توحيد الجهود المدنية؛ للتعامل مع موجة النزوح الجديدة.
ويقول مدير الطبابة الشرعية في حلب، محمد كحيل، إن الحملة التي لا تتبع لأي جهة عسكرية أو سياسية، بل جاءت لتأمين نزوح الأهالي إلى المناطق الأكثر أمنا، مع تأمين الطعام والشراب والدواء ووسائل النقل؛ وذلك لانعدام كل ما سبق؛ بسبب الحصار.
وأوضح كحيل، وهو أحد مؤسسي الحملة، لـ"عربي21"، أن المدينة تعاني من تبعات حصار دخل شهره الرابع، ما أدى إلى غياب كل الخدمات اللازمة للأهالي.
من جانب آخر، أشار مدير الطبابة إلى قيام أعضاء الحملة بالعمل على تدعيم خطوط الدفاع، ورفع السواتر الترابية، والمساعدة في نقل الجرحى من الصفوف الأمامية.
وبيّن كحيل أنه بعد خروج المشافي في الأحياء المحاصرة عن الخدمة؛ نتيجة قصفها من الطائرات الروسية أو التابعة للنظام، "استطعنا جمع العاملين في الحقل الطبي؛ لرفد النقاط الطبية التي أحدثت عوضا عن المشافي".
من جانبه، أشار نائب رئيس المجلس المحلي في المدينة، زكريا أمينو، استمرار حركة النزوح من الأحياء الشرقية، موضحا في تصريح لـ"عربي21"، أن سيطرة قوات النظام على حي القسم الشمالي من الأحياء المحاصرة أجبرت الآلاف من المدنيين على ترك بيوتهم، دون أن يصطحبوا أغراضهم معهم.
وبيّن أن سكان الأحياء الأكثر أمنا استقبلوا النازحين في منازلهم، وذلك بالرغم من حالة العوز الشديد التي يعانونها أساسا، منوها إلى "غياب كل أشكال الدعم التي تساعد على إيواء حوالي خمسة آلاف نازح".
وتحدث أمينو عن ظروف قاسية يواجهها الأهالي في مدينة حلب المحاصرة؛ جراء نقص الأغذية والأدوية، مع القصف المتواصل، منوها إلى زيادة مخصصات مادة الخبز للعائلات التي تستقبل نازحين.
وشدد نائب رئيس المجلس المحلي على استمرار المجلس في توزيع مادة الخبز على أحياء حلب، رغم الحصار الذي تتعرض له المدينة، محذرا من نفاد كميات المحروقات والطحين في مستودعات المجلس.
وفيما يخص هذه الأزمة الإنسانية، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن عدد الفارين من الأحياء الشرقية باتجاه مناطق النظام، وحي الشيخ المقصود الذي تسيطر عليه الوحدات الكردية، تجاوز أربعة آلاف مدني، وذلك منذ ليل السبت الماضي.
وبثت وسائل إعلام النظام تسجيلات مصورة تظهر توافد العشرات من النازحين إلى مناطق سيطرة قوات الأسد، وقالت إن الجهات المختصة ستقوم بتأمين مأوى لهم.