بيمنا ينشغل
الفلسطينيون في خلافاتهم السياسية، كشفت وسائل إعلام محلية، نقلا عن مصادر أمنية في جهاز الأمن الوقائي، عن تورط مجموعة من ضباط الجهاز في بيع أراض عامة في الضفة الغربية؛ لصالح مجموعة من السماسرة
الإسرائيليين.
وبحسب موقع "فلسطين أون لاين" الذي نشر الخبر في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فإن مساحة هذه الأراضي تقدر بـ6300 دونم، وتقع في منطقة الأغوار، وبالتحديد في مدينة أريحا، لإقامة مجمع استيطاني يضم شققا سكنية ومدينة ترفيهية وسوقا تجارية ومجموعة من المنشآت التعليمية.
وبالرغم من عدم صدور أي تعليق من جهاز الأمن الوقائي، الذي يُتهم ضباط فيه في القضية، حتى الآن، إلا أن النائب العام الفلسطيني، المستشار أحمد براك، علق على هذه القضية عند سؤاله من قبل أحد الصحفيين في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ قائلا: "هذه القضية ما زالت قيد التحقيق، ولن ندين أحدا إلا بعد انتهاء كافة الإجراءات القانونية فيها".
تفاصيل الصفقة
وعن تفاصيل هذه الصفقة، قال فادي السلامين، الناشط الحقوقي الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة، والذي تابع القضية بشكل وثيق، إن من بين المتهمين في القضية أحد المحافظين في الضفة الغربية، ومهمته هي تزوير الأوراق التي تثبت أن قطعة الأرض المذكورة ليست حكومية بل تعود ملكيتها لمغتربين فلسطينيين مقيمين في الخارج. كما أشار إلى دور عقيد في جهاز الأمن الوقائي، وصفه السلامين بـ"عراب الصفقة"، ومعه ضابط آخر، وفق قوله.
وأورد السلامين أسماء المسؤولين الذين اتهمهم في الصفقة، لكن "
عربي21" تمتنع عن ذكر الأسماء لأسباب قانونية.
وأضاف السلامين لـ"
عربي21" أن المحافظ المتهم في القضية، قد "استثني اسمه من ملف التحقيقات"، بعد أن توسط له ضابط رفيع في المخابرات الفلسطينية، بحجة "عدم وجود ما يثبت تورطه فيها، مع الإبقاء على باقي الأسماء المشمولة في هذه القضية"، على حد زعمه.
وتابع السلامين: "الصفقة تمت بطريقة احترافية، حيث تم تسجيل ملكية الأرض بعد بيعها لمجموعة من الشركات الأمريكية بهدف إقامة مشروعات وبرامج تشغيل للفلسطينيين".
وعن الأسباب التي تدفع الطرف الفلسطيني للجوء لهذه الطريقة، قال السلامين لـ"
عربي21"؛ إن الأمر يعود لـ"خوفهم من أن عملية البيع للطرف الإسرائيلي مباشرة سيعرضهم للمساءلة؛ لأن القانون الفلسطيني يجرّم مثل هذه الأفعال، والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام".
وحتى اللحظة لا تزال الأوساط الفلسطينية في رام الله ترفض الكشف عن أي تفاصيل حول المتهمين، وإلى أين وصلت التحقيقات معهم، بالرغم من مرور قرابة الشهر على هذه القضية.
وبحسب شهود عيان تواصلت معهم "
عربي21"، فإن الاحتلال الإسرائيلي بدأ منذ 10 أيام بعزل المنطقة التي شملها التسريب، من خلال وضع رتل من الدبابات وجنود المشاة، تمهيدا لإقامة التجمع الاستيطاني المزعوم عليه.
توجه خطير
وتأكيدا لما قاله السلامين، تحدث الناطق باسم تجمع شباب ضد الاستيطان في الضفة الغربية، محمد زغير، عن رصد التجمع "لتسريب للأراضي الفلسطينية للمستوطنين الإسرائيليين في منطقة الأغوار قبل حوالي شهر من الآن، دون تحديدهم للمساحة التي شملها التسريب".
وأضاف لـ"
عربي21": "توجهنا لوزارة الداخلية الفلسطينية والنيابة العامة في رام الله لمعرفة حيثيات القضية، ولكنهما رفضتا إعطاءنا أي تفاصيل حولها".
وقال إن "السماسرة الفلسطينيين ينشطون بشكل كثيف في السنوات الأخيرة، حيث بات عملهم لا يقتصر على المناطق المحاذية للمدن الإسرائيلية، بل إن هنالك توجها خطيرا يتمثل في زرع
المستوطنين داخل الأحياء العربية، وخصوصا في منطقة الأغوار ومدينة الخليل والقدس".
"
عربي21" حاولت التواصل مع النيابة العامة في رام الله لمعرفة إلى أين وصلت التحقيقات في هذه القضية، ولكن المسؤولين فيها أحجموا عن الإدلاء بأي معلومات لوسائل الإعلام، بسبب "تعليمات من القيادة العليا"، على حد قولهم.
متابعة الإعلام الإسرائيلي
من جهته، قال الإعلامي المختص في الشأن الإسرائيلي، فرحان علقم، إن "الخارجين عن الصف الوطني؛ موجودون ويحملون صفة موظف أمني، أو موظف عمومي"، موضحا أن "استغلال موظف لمنصبه بغرض جني مكاسب شخصية هو
فساد، وفساد أعظم عندما يقومون ببيع أراض فلسطينية للإسرائيليين من خلال صلاحيات وظائفهم".
وأضاف علقم، الذي تابع القضية من خلال وسائل الإسرائيلية، أن "الاحتلال الإسرائيلي، وبعد عجزه عن السيطرة على الأرض من خلال جنوده ومستوطنيه، يقوم بإغراء ضعاف القلوب المتنفذين في المناصب الحكومية لتسهيل إجراءاته بالسيطرة على الأرض لخدمة مشروعه الاستيطاني الذي التهم ما يزيد عن 50 في المئة من مساحة الضفة الغربية".
وعن تناول الإعلام الإسرائيلي لهذه القضية، أشار علقم في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن "مستوى البهجة والسرور التي ظهر عليها المحللون الإسرائيليون بعد نجاح الصفقة، والتي ثبت تورط قيادات سياسية وعسكرية في السلطة الفلسطينية فيها، تعطي إشارة واضحة بأن الملف في حال فتحه من قبل المحاكم الفلسطينية سيزيح قيادات من هرم السلطة، وهذا ما لن تقبله السلطة الفلسطينية"، على حد قوله.