كسرت فصائل الجيش الحر المشاركة في عملية "
درع الفرات"، بدعم تركي، الخطوط الدفاعية الأولى لتنظيم الدولة على أطراف مدينة
الباب، في ريف حلب الشرقي، وفق ما أكدته غرفة عمليات "حوار كلس"، واقتحموا بعدها الأطراف الشمالية الغربية للمدينة.
وعاد الثوار لمواصلة المعركة بعد توقف استمر لأسابيع، في تأخر عُزي للمشاورات التركية الروسية، ولا سيما بعد قصف موقع للقوات التركية داخل الأراضي السورية، أسفر عن مقتل وجرح عدد من الجنود، فضلا عن التطورات الأخيرة في مدينة حلب.
ويقول مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، لـ"
عربي21": "جاء تأخير عملية تحرير الباب من الجانب التركي، بهدف التوصل لاتفاق مع الروس تتوقف بموجبه العمليات العسكرية ضد الإخوة المدنيين في حلب".
وتحدث سيجري عن رفض الروس وقف المعارك في مدينة حلب، مما تطلب تسريع وتيرة معركة الباب.
من جهته، قال المحلل العسكري، العقيد أديب العليوي، إنه "يبدو أن معركة حلب حددت مصير الباب"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وتميزت المعركة منذ بدايتها بالشراسة، فالتنظيم لن يسلم بالهزيمة بسهولة، حيث يقول سيجري: "نخوض معركة شرسة جدا، وهناك مقاومة لا يستهان بها من داعش".
ويرى القائد العسكري لفيلق الشام في الشمال، أنس شيخ ويس، أن شراسة المعارك تأتي من كونها ستنهي
تنظيم الدولة في الشمال، مضيفا لـ"
عربي21": "لم ينسحب التنظيم من تلة صغيرة إلا بعد عشرة قتلى و(خسارة) سيارة مع سلاحها".
وسيطر مقاتلو "درع الفرات" على قرى براتا والدانا وتل الزرزور والعجمي وجب البرازي، وفق شيخ ويس.
وفي الأيام الأخيرة، زج الأتراك بـ300 جندي من قواتهم الخاصة، مما يدلل على أهمية المعركة للجانب التركي.
ويوضح سيجري أنه "تمّ تحرير القرى الواقعة إلى الجهة الغربية من مدينة الباب، وقواتنا الآن على مشارف الأحياء السكنية للباب"، بل تفيد الأنباء الأخيرة عن اقتحام حي المقبرة في الجهة الشمالية الغربية، وقد مهدت المدفعية والقوات الجوية التركية لعملية الاقتحام، إذ قصفت أكثر من 30 موقعا للتنظيم".
ويتوقع خبراء عسكريون أن تطول معركة الباب، ولا سيما أن قوات "درع الفرات" تحاول ما استطاعت تجنيب المدنيين ويلات المعركة. ولا توجد أرقام دقيقة لأعداد المدنيين في المدينة، لكنّ أعدادهم لا تقل عن 50 ألفا، وفق أغلب التقديرات.
وأشار العقيد العليوي إلى أن "القوات التركية المساندة لدرع الفرات لا تعتمد على سياسة الأرض المحروقة حرصا على المدنيين، بينما قوات وطائرات التحالف تعتمد على سياسة الأرض المحروقة"، كما قال.
ويشدد شيخ ويس هذ الأمر، قائلا: "قبل اقتحام أي قرية نعلن القرى التي سنهاجمها بأنها مناطق عسكرية، ونفتح بشكل دائم ممرات آمنة، ونخلي المدنيين مع تأمين مواصلات للمشاة".
وقال سيجري إن من الأهالي من يرشد مقاتلي الجيش الحر لنقاط تمركز عناصر تنظيم الدولة، على حد قوله، مؤكدا أن التنظيم اعتقل عددا من المواطنين بهذه التهمة.
ومن الأسباب التي تدفع لإطالة المعارك، إجادة عناصر التنظيم لحرب الشوارع، فضلا عن استخدام المفخخات. ويقول العقيد العليوي: "داعش كما هو معلوم؛ يعتمد على المفخخات، وهو يتقن حرب الشوارع أكثر من درع الفرات".
لكن العليوي عبّر عن ثقته بأنه "بالنهاية سيتم تحرير الباب؛ لأن طرق الإمداد مقطوعة"، ولأن الثوار أعدوا للمعركة جيدا. وهو ما يؤكده أيضا شيخ ويس بالقول: "الاستعدادات والتجهيزات كبيرة، فللمدينة أهمية كبيرة".
وقد تلعب الخلافات داخل صفوف التنظيم دورا في تسريع نهاية المعركة، حيث يشير شيخ ويس إلى أن "المعلومات الواردة تفيد بأن المهاجرين (الأجانب) يريدون الانسحاب للرقة، بينما يرغب الأنصار (السوريون) بالصمود".
وقطعت قوات "درع الفرات" الطريق على المليشيات الكردية، وحالت دون وصولها لمدينة الباب من منبج، كما قطعت الطريق على النظام السوري الذي هدد وتوعد الأتراك في حال دخولهم الباب. وفي حال سيطرة "درع الفرات" على الباب، فإن وجهتها القادمة ستكون منبج ثم الرقة.
وفي هذا السياق، يقول العقيد العليوي: "نؤكد على متلازمة حلب الباب والرقة، لذلك قامت قوات درع الفرات ببدء اقتحام الباب، فالارتباط وثيق". وهذا ما يفسر إعلان قوات
سوريا الديمقراطية، التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، انطلاق المرحلة الثانية لعملية "غضب الفرات" التي ما زالت عاجزة عن اقتحام الرقة. وتتحدث المرحلة الثانية عن تطهير الريف دون اقتحام المدينة.