أعادت حوادث جديدة في عدة بلدان عربية قضية "تزويج المغتصب من الضحية" إلى السطح مجددا، لتتجدد بذلك مطالبات عدة بتعديل قوانين تسمح للمغتصب بالإفلات من العقاب بشرط أخذ ضحيته معه إلى "بيت الزوجية".
وتناضل حقوقيات وناشطات في مجال حقوق المرأة في عدة بلدان عربية منذ سنوات للمطالبة بتعديل التشريعات في القوانين الجنائية، والتي تسمح بإسقاط الملاحقة القانونية عن الرجل إذا ما تزوج من ضحيته.
مؤخرا أثار قرار قضائي صدر عن محكمة تونسية يسمح لشاب بالزواج من طفلة كان واقعها قبل فترة، ما تسبّب في حملها منه، انتقادات وردود فعل مختلفة.
واستند القرار القضائي إلى المادة 227 مكرر من المجلة الجزائية في تونس بأن زواج الجاني من المجني عليها يوقف التتبع وآثار المحاكمة.
المديرة التنفيذية لمركز العدالة للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز قالت في حديث لـ"
عربي21" إن القوانين التي تسمح بزواج المغتصب من الضحية، تشكل تشوها في منظومة العدالة.
ولفتت إلى أن من يدعو إلى إبقاء القانون مع بعض التعديلات عليه، يعلل ذلك بأنه يؤدي لحماية النساء من الضحايا.
وأشارك إلى أن القوانين الخاصة بتزويج الضحية من مغتصبها يستوجب رضا الضحية التي غالبا ما تكون قاصرا ولا يعتد برأيها لكنها تزوج بضغط من العائلة.
ولفتت إلى أنه نادرا ما يستمر هذا الزواج وينتهي غالبا بعنف يقع على الضحية يجبرها على طلب الطلاق، وبالتالي إفلات الزوج من أي تبعات قانونية.
وكشفت أن القانون بالأصل ليس مستمدا على من الثقافة العربية ولا الدينية للمنطقة العربية، بل هو بالأساس قانون فرنسي مستورد مؤكدة على أن القضاء العشائري في الأردن يعاقب المغتصب وعشيرته بعقوبات كبيرة سوى تزويجه لضحيته.
وفي لبنان ارتدت متظاهرات لبنانيات أثواب زفاف بيضاء مُلطخة بالدماء، ووضعن ضمادات طبية تعبيرية وتجمعن أمام مقر الحكومة الثلاثاء، داعيات إلى إلغاء مادة في القانون تسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته للإفلات من العقاب.
والاحتجاج الرمزي جزء من حملة أوسع ترعاها مؤسسة "أبعاد" للتوعية بالمادة 522 التي تقول إنها تنتهك حقوق الإنسان وتحرم الضحية من حقها القانوني.
وعلى إثر الاحتجاج ألغى البرلمان اللبناني، المادة 522 بحسب ما أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل بالمجلس، روبير غانم.
واعتبرت مؤسسة "أبعاد" القرار انتصارات للحركة النسائية في لبنان.
النائب في البرلمان الأردني عن كتلة الإصلاح، حياة المسيمي، قالت في حديث لـ"
عربي21" إن قانون تزويج المغتصب من ضحيته مطروح على جدول مجلس النواب لهذه الدورة وستطرح مطالب التعديل عليه.
وأشارت المسيمي إلى أنها وزميلاتها في المجلس تشاورن مع محاميات وحقوقيات في شأن المادة 308 في القانون الأردني وأجمعوا على إدانة الجرم ولزوم العقوبة مع تباين بين من يطالب بتعديله ومن يطالب بإلغاء القانون كليا.
ولفتت إلى أن الرؤية تتجه نحو تعديل القانون بدلا من إلغائه بحيث يعتمد القرار القضائي على عمر الضحية وتخييرها بين قبول الزواج أو رفضه.
وأشارت إلى أن هناك من يرى أن إلغاء المادة بالكامل قد تشكل بعض الضرر في بعض الحالات التي ترغب العائلة فيها أو الأطراف بإنهاء الإشكال عن طريق الزواج.
وشددت المسيمي على أن الزواج يجب أن لا يكون مهربا للجاني، ولفتت إلى أن التوعية والوقاية ستوفر كثيرا من المشاكل في هذا الإطار.
وكشفت عن حراك عربي مشترك على مستوى النواب لإلغاء أو تعديل هذه المواد في القوانين الجنائية عربيا.
الدبلوماسي الأردني السابق، مروان المعشر، قال الأربعاء في مقال له إن "الأردن شهد حملات كثيرة لم تنجح في إقناع مجالس النواب السابقة إلا في تخفيف، وليس إلغاء؛ المادة 308 من قانون العقوبات الأردني. إذ في كل مرة، يتم التحجج بشرف مزيف ندّعي الحفاظ عليه، ونضعه فوق مكانة وشعور المرأة الأردنية، ونقابل الاعتداء عليها وانتهاك أبسط حقوقها بدعاوى العادات والموروثات الثقافية".
وفي مقاله المنشور في صحيفة "الغد"، تابع المعشر: "سبقتنا حتى الآن ثلاث دول عربية إلى إلغاء هذه المادة، هي مصر والمغرب ولبنان، ولم تمنعها خصوصيتها من الإقدام على هذه الخطوة. فكفانا التغني بمكانة المرأة في الأردن ونحن نساهم في اغتصابها كل يوم تشريعيا".