نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب كيم سينغوبتا، يتحدث فيه عن سقوط معقل المقاومة في
حلب يوم الثلاثاء، مشيرا إلى أن الغرب يتحمل جزءا من مسؤولية الرعب الذي تعرضت له حلب.
ويقول الكاتب إن "سقوط المدينة ترك صدى كبيرا على الحرب الأهلية السورية، فبعيدا عن قيمته الرمزية، فإنه يعني أن النظام يسيطر على أكبر مركز تجاري في البلاد، وسيعلن عن تفوق القوة العسكرية الروسية، وفشل السياسة الغربية في هذه الأزمة، وذلك يعني أن
الأسد كان لديه العدو الذي يريده، ولا يعني نهاية لحمام الدم".
ويضيف سينغوبتا في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه "في الوقت الذي قامت فيه القوات الموالية للنظام بتنظيف آخر نقطة فيما كان يطلق عليها (حلب الحرة)، فإن مجلس العموم البريطاني عقد جلسة نقاش طارئة يوم الثلاثاء؛ لمناقشة مستجدات الوضع في المدينة المدمرة، ووسط حالة من الندم وفرك الأيدي، اعترف وزير الخزانة السابق جورج أوزبورن بأن (هذه المأساة حدثت بسبب الفراغ في القيادة الغربية، والقيادة الأمريكية والبريطانية)".
ويعلق الكاتب قائلا إن "الغرب يتحمل بالتأكيد مسؤولية كبيرة عما حدث، خاصة أنه شجع الشعب السوري على الثورة ضد نظام بشار الأسد، ولم يقدم إلا القليل لدعم المعارضة، بحيث سمح للمتشددين الإسلاميين من جماعة تنظيم القاعدة، جبهة
النصرة لكي تصبح قوة مسيطرة، وكان رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، وشعاره (على الأسد أن يرحل)، من بين الذين رفضوا تقديم تنازلات ربما ساعدت في التخفيف من الأزمة".
ويشير سينغوبتا إلى أن "ما يحدث في حلب سيترك أثره في الخارج، فالتقارير عن قيام المليشيات الشيعية والقوات الموالية للنظام بعمليات إعدام للسنة، سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين في بيوتهم، أو في الشوارع، بالإضافة إلى هجمات وعمليات اعتقالات جماعية للشباب السنة والرجال، ستشعل من حدة النزاع الطائفي في المنطقة".
ويقول الكاتب: "لم يكن مفاجئا أن يترافق احتضار حلب مع الوحشية، فقد كان هذا متوقعا في النزاع الذي لم يتسم بالرحمة، والوحشية مارسها الطرفان، فهناك مقاتل ظهر وهو يأكل كبد جندي من جنود النظام، وجماعة قامت بإعدام طفل عمره 12 عاما، وهو نزاع قام فيه النظام بتعذيب وقتل الأطباء ورمي جثثهم في الشوارع بعد قلع عيونهم، وهو نزاع تحدثت فيه النساء عن تعرضهن لاغتصاب جماعي في سجون الأسد".
ويلفت سينغوبتا إلى أن "حصار حلب موثق بشكل كبير: فهناك مؤتمرات دولية متعددة لوقفه، واتفاقيات وقف إطلاق النار انهارت، واتهامات متبادلة بين القوى الدولية، ورقصة موت شنيعة في مدينة كانت جميلة ومتحضرة وتم تدميرها بالبراميل المتفجرة والهجمات الصاروخية".
ويرى الكاتب أن سقوط حلب سيكون ضربة موجعة للجيش السوري الحر، الذي كان يقاتل بفصائله المتعددة ضد النظام وتنظيم الدولة وجبهة النصرة/ فتح الشام، مشيرا إلى أن الدعم الأمريكي لهذه الجماعات دائما ما كان عرضة للخطر بعد انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، حيث اعترف الرئيس المنتخب بإعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأبدى إمكانية التعاون معه ضد الإرهاب "الإسلامي"، وقد يشجع سقوط حلب الإدارة المقبلة على التقليل من خسائرها، ووقف الدعم لمن تبقى من هذه الجماعات المعتدلة.
ويرجح سينغوبتا أن "تتوجه عناصر
الجيش الحر الغاضبة، التي تشعر بخيبة الأمل، باتجاه
إدلب معقل جبهة النصرة، ووصل بعض المقاتلين، الذين استطاعوا الفرار من حلب إليها، وانضموا إلى عدد آخر من المقاتلين الذين وصلوا إليها من مناطق متعددة من البلاد، ورغم محاولات جبهة النصرة تغيير اسمها وصورتها، وتسمية نفسها بجبهة فتح الشام، إلا أنها لا تزال مصنفة بأنها إرهابية من الولايات المتحدة وروسيا، ومن هنا فإن الحملة القادمة ستوجه لها بعد حلب".
وينوه الكاتب إلى أن وصول معظم المقاتلين للتعاون مع جبهة النصرة، سيعزز من رواية الأسد، التي أكد فيها أنه يقاتل جماعات إرهابية، لافتا إلى أن حكومة ترامب لن تتقبل هذ الأمر، ولا بعض الحكومات في أوروبا، خاصة تلك التي ستحصل فيها الأحزاب اليمينية المتطرفة على حصة من السلطة.
ويستدرك سينغوبتا بأن "سقوط حلب لا يعني نصرا كاملا للأسد، فتنظيم الدولة، الذي يواجه معركة مصيرية في الموصل، وتهديدا محتوما على عاصمته في الرقة، استطاع السيطرة من جديد على مدينة تدمر، في إشارة إلى أنه لم يخسر بعد قدرته على شن هجمات".
ويفيد الكاتب بأن "
سوريا تحولت خلال السنوات الخمس الماضية إلى ساحة للتنافسات الداخلية والخارجية، فقد أقام الأتراك منطقة آمنة في شمال المنطقة، وحصنوها بالدبابات والطائرات؛ من أجل مواجهة حربها مع الأكراد".
ويخلص سينغوبتا إلى القول: "لا يتوقع أحد أن تجلس الدول العربية، مثل السعودية وقطر، التي دعمت المعارضة بشكل مكثف، مكتوفة الأيدي، وتسمح للنظام العلوي في دمشق والمليشيات الإيرانية بحكم سوريا".