أصدرت الجمعية العالمة للأمم المتحدة مساء أمس الأربعاء قرارا في تشكيل فريق "لجمع الأدلة وتعزيزها والحفاظ عليها وتحليلها والإعداد لقضايا بشأن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في
سوريا.
القرار الأممي حصل على تأييد 105 أعضاء ومعارضة 15 آخرين وامتناع 52 عن التصويت ما أثار غضبا كبيرا لدى النظام السوري، حيث وصفه بشار الجعفري مندوبه لدى
الأمم المتحدة بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية السورية.
وأثار القرار حفيظة كل من
روسيا وإيران المتحالفتين مع النظام السوري، حيث قال الوفد الروسي إن هذا انتهاك مباشر لسيادة سوريا.
ووفقا للقرار فإن الفريق الخاص على "إعداد الملفات من أجل تسهيل وتسريع الإجراءات الجنائية النزيهة والمستقلة بما يتفق مع معايير القانون الدولي في المحاكم الوطنية أو الإقليمية أو الدولية أو هيئات التحكيم التي لها أو ربما يكون لها في المستقبل ولاية قضائية على هذه الجرائم".
وطالب القرار الدولي جميع الدول وأطراف الصراع وجماعات المجتمع المدني بتقديم أي معلومات أو وثائق للفريق.
إيجابيات وسلبيات
وعن أهمية القرار قالت الباحثة الحقوقية أماني سنوار إن القرار الدولي هدفه الخروج من الطريق المسدود الذي فرضته روسيا والصين عن طريق الفيتو المستخدم في مجلس الأمن الدولي ضد أي قرار ضاغط على النظام السوري حتى وإن كان فتح ممرات آمنة للمدنيين، كما حصل مؤخرا.
وقالت سنوار في حديث مع "
عربي21" إن القرار له سلبيات وإيجابيات عديدة.
وذكرت أن من أهم سلبيات القرار هو أنه غير ملزم لمجلس الأمن الدولي لاعتماده، فيما أشارت لأهم إيجابيات القرار من خلال عدد الدول الكبيرة التي صوتت للقرار وهي أكثر من النصف زائد واحد.
وأوضحت أيضا:" هذا العدد الكبير من الدول قد يشكل ضغطا على النظام الحالي بقيادة الأسد وعلى حلفائه في المنطقة مثل روسيا وإيران".
وأشارت سنوار إلى أن المجتمع الدولي وقع في حرج إثر عجزه عن تمرير أي من القرارات الدولية في مجلس الأمن بسبب الدعم الروسي للنظام السوري وتعطيله أكثر من ستة قرارات عن طريق استخدام الفيتو، وقالت:"المجتمع الدولي اليوم يحاول إنقاذ ماء الوجه لتفادي إظهار العجز"
وأكدت سنوار أيضا أن استخدام الجمعية العامة للتدخل في نزاعات دولية هو قليل الحدوث، وهو حصل في الأزمة الكورية، واليوغسلافية.
وأضافت أيضا:" أعتقد أن أهمية القرار ستتشكل في المرحلة اللاحقة لحل الأزمة، عندما يصبح النظام السوري وحده بعد أن تخلى عنه حلفاؤه، فالتهديد هنا ليس فقط لبشار الأسد، وإنما لكل الذين ارتكبوا جرائم حرب في سوريا من قادة مليشيات
إيرانية وطائفية، إضافة لضباط روس أو حتى معارضين".
وقالت سنوار إن ميزة القرار هي محاكمة أشخاص على جرائم حرب، وليس أنظمة، ولذلك فمن وجهة نظرها فإنه من السهل مستقبلا ملاحقتهم ومحاكمتهم دوليا.
تشكيل محكمة خاصة
من جهته قال د. رامي عبدو رئيس المرصد الأورومتوسطي في حقوق الإنسان بجنيف في حديث مع "
عربي21" إن القرار يكشف أهمية ملاحقة الأمم المتحدة للجناة، ويرد الاعتبار للمنظمات الدولية التي تطالب بمحاسبة المجرمين.
وأوضح عبدو أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت الخيار الأخير أمام الدول بسبب استخدام روسيا والصين للفيتو في مجلس الأمن.
وأشار رئيس المرصد إلى أن المصداقية التي يتمتع بها القرار هي بسبب التصويت العالي من قبل الدول الأعضاء، ما يعطي ضوءا أخضر لمحاكمة مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان.
وطالب عبدو الأمم المتحدة بتطوير القرار لتشكيل لجان لمتابعته، وقال:" ما حصل اليوم هو فرصة لا تتكرر باتجاه جسم ومحكمة خاصة لجرائم الحرب في سوريا".
وختم عبدو قائلا إن "المرصد الأورومتوسطي سيتواصل مع الدول الأعضاء بمقترحات قانونية لأجل الدفع في التعجيل بتشكيل المحكمة الخاصة وأن لا تطول ملاحقة ومحاسبة المجرمين".
وكان القرار الأممي قد تم تقديمه من قبل كل من
قطر وليختنشتاين لمجلس الأمم المتحدة.