يعيد الإصدار الأخير الذي نشره
تنظيم الدولة لإحراق الجنود الأتراك، السؤال القديم حول عدم رغبة التنظيم بالاحتفاظ بأي أسرى أو سجناء لديه، رغم أنهم "سياسيا" قد يشكلون أوراق ضغط، أو يعطون هامشا من المناورة مع الخصوم.
وكان تنظيم الدولة قد أعدم عددا كبيرا من الجنود
العراقيين فيما عرف بمذبحة سبايكر، كما أعدم جنديين لبنانيين ذبحا، وأحرق طيارا أردنيا كان يشارك في غارات التحالف الدولي، وأخيرا نشر إصدارا يظهر إحراق من قال إنهم جنديان تركيان من المشاركين في المعارك ضد التنظيم في
سوريا.
المحلل السياسي، الدكتور محمد الجمال قال إن تفسير تصرف التنظيم بهذه الطريقة يقتضي فهما لطبيعة نشأته، ودوره الوظيفي في المناطق التي يوجد فيها.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" إن التنظيم جهاز يؤدي دورا مرسوما له في تشويه صورة الإسلام، وإيجاد المبررات للأعداء ليتدخلوا في مناطق التوتر والنزاعات.
وتابع بأن هذا الدور لا يمكن له أن يؤديه بشكل مثالي دون إغراق في العنف وإيغال في القسوة المفرطة، التي تمنح الغرب الذرائع المطلوبة للأعمال الإجرامية كردّات فعل على تصرفات هذه التنظيمات.
والحسابات السياسية غير واردة في أدبيات التنظيم، إذ يضيف الجمال أن "هذه التنظيمات ليس لها أي مبادئ سياسية أو عقليات توازن الأمور وتدرس النتائج والعواقب".
ولفت إلى أن التفاوض ليس مبدأ مستقرا عند هذه التنظيمات التي تكرس القوة مبدأ وحيدا للعلاقات الإنسانية، وتعيد شريعة الغاب إلى الحياة من جديد، ولديها المبرر لذلك بسبب تعامل المجتمعات الغربية معنا بالمبدأ ذاته.
كما تعتبر الإعدامات والإصدارات التي ينشرها التنظيم بحسب الجمال، تطبيقا لشعارات التنظيم أمام أنصاره وأعضائه، لزيادة ثقتهم به وبشعاراته.
وصفقات التبادل بين تنظيم الدولة وخصومه قليلة جدا، إذ بادل في وقت سابق أسرى من الجيش السوري الحر بعناصر له كانوا في قبضتهم، وفي مرة أخرى مع القوات الكردية في الحسكة، غير أنه يفضل في معظم الأوقات إعدامهم وإظهارهم في إصداراته.
الباحث في مركز عمران للدراسات، معن طلاع، أشار في حديث لـ"
عربي21" أن تصرفات التنظيم تتسق مع مفهوم إدارة التوحش التي يعتمدها.
وبحسب ما يرى طلاع، فإن هذا المفهوم يتصل أيضا بمن اخترق هذا التنظيم، كالنظام الإيراني والسوري مثلا،اللذين يؤمنان بفكرة الترهيب، والإبادة، والتخويف.
كما يرغب التنظيم من وراء هذه التصرفات بالضغط على الشعوب لدفع الحكومات المحاربة للتنظيم لتخفيف هجماتها بعد أن بدأ التنظيم ينحسر ويخسر بعض مناطقه ويشعر بالحرج، مذكرا بمعارك معركة الباب ومنبج واحتمالية مشاركة
تركيا في معركة الرقة، على سبيل المثال.
وأكد أن التنظيم "لن يوفر أي جهد للضغط على المؤثرين في المعارك".
وبالمقارنة مع تنظيم القاعدة أو الفصائل الأخرى من حيث الاحتفاظ بالأسرى للضغط أو لمبادلتهم لاحقا، قال طلاع إنه لا يمكن القياس على مدرسة القاعدة في موضوع الأسرى؛ لأن التنظيم مهتم بإرسال رسائل سادية أكثر من اهتمامه بالتفاوض والتبادل.
وحول فرضية أن التنظيم ليس لديه أسرى عند خصومه من الأنظمة والفصائل، لذلك لا يهتم بالتبادل، نوه طلاع إلى أنه لا يمكن نفي ذلك بالمطلق، وربما هنالك أسرى للتنظيم عند بعض الفصائل، لكن التنظيم لا يرغب بفتح ملف التبادل من الأساس.