نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا لمحرر الشؤون الدفاعية كيم سينغوبتا، يعلق فيه على
هجوم إسطنبول، الذي نفذ ليلة رأس السنة الميلادية، وأعلن
تنظيم الدولة المسؤولية عنه.
ويجد سينغوبتا أن هذا الهجوم يعد بمثابة إعلان حرب من التنظيم على
تركيا، وبنى الكاتب رؤيته على أن التنظيم بنى شبكة داخل تركيا، خاصة أن حكومة رجب طيب أردوغان تغاضت في البداية عن نشاطات أتباعه قبل أن ينقلب عليها.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الجيش التركي يقوم الآن بعملية عسكرية كبيرة داخل الأراضي السورية، حيث خسر الجيش التركي عددا من جنوده أمام بلدة الباب، التي يحاصرها مع الفصائل السورية التي يدعمها، وتعد آخر معقل له في شمال
سوريا، لافتا إلى أنه يبدو أن التنظيم مستعد لنقل الحرب إلى قلب تركيا، وتوجيه ضربات للبلاد في عمليات انتقامية.
وتذكر الصحيفة أن سلطات الأمن التركية اعترضت في الأشهر الأخيرة عددا من المقاتلين الأجانب، الذين كانوا في طريقهم إلى سوريا، بالإضافة إلى أنه تم اكتشاف كميات كبيرة من الأسلحة، مشيرة إلى أن الطيران التركي رد على عملية إسطنبول بشن هجمات جوية على مواقع التنظيم في الباب.
وينقل الكاتب عن عناصر منشقة، قولها إن قيادة التنظيم، التي تقوم بالدفاع بيأس عن الموصل والعاصمة الفعلية لما تطلق عليها "الدولة" في الرقة السورية، أمرت أتباعها بالقيام بهجمات ضد أهداف خارجية؛ بهدف تخفيف الضغط عليها في الداخل.
ويورد المقال نقلا عن شخص لقب نفسه بأبي المعتصم، وصفه درجة الحقد في صفوف التنظيم تجاه تركيا، ويقول: "إنها دولة مسلمة، أدار حكامها ظهرهم للإسلام، وتحالفوا مع الأمريكيين والروس"، ويضيف: "يتم التعامل معهم على أنهم أسوأء الأعداء، وأعلن تنظيم الدولة الحرب ضد تركيا"، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي ركز فيه الغرب على الهجمات التي نفذها التنظيم في العواصم الأوروبية، إلا أن أسوأ الهجمات تم ارتكابها داخل تركيا.
وتلفت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة أعلن في بيان مسؤوليته عن الهجوم الأخير على
ناد ليلي معروف في إسطنبول، ووصف فيه العملية قائلا إن "أحد جنود الخلافة قام بعمل بطولي في ناد ليلي، كان المسيحيون يحتفلون فيه بعيد وثني"، مشيرة إلى أنه تم تنفيذ الهجوم بناء على أوامر من زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي، ووعد بهجمات أخرى ضد تركيا "خادمة الصليب".
وينوه سينغوبتا إلى أن السلطات التركية قامت بحملة اعتقالات شملت 18 شخصا، إلا أن المنفذ الذي يعتقد أنه من دول الاتحاد السوفيتي السابق، قيرغيستان أو أوزبكستان، فرّ من مكان الهجوم بسيارة، ولا يزال هاربا، لافتا إلى أن السلطات قامت بسلسلة من المداهمات في المناطق الحدودية، التي كان المقاتلون يستخدمونها للدخول إلى سوريا.
وبحسب المقال، فإن المناطق الحدودية كانت مراكز للتجنيد للجماعات الجهادية المتشددة، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة، منوها إلى أن الأئمة في مساجد أورفة كانوا يدعون الشباب إلى الانضمام إلى صفوف جبهة النصرة أو فتح الشام، كما تطلق على نفسها اليوم.
وتنقل الصحيفة عن ياسر عبد الحميد وهو ناشط من بلدة إدلب، الذي أجبر على الهروب من المناطق الحدودية إلى إسطنبول، بعد تلقيه تهديدات من تنظيم الدولة، قوله: "كان علي المغادرة بسبب تنظيم الدولة، وأصبحت مناطق مثل أورفة خطيرة مثل داخل سوريا، ولم نكن نفهم كيف استطاع التنظيم بناء تواجد له دون علم من السلطات التركية، بالطبع عرفنا بوجود صلات معينة، ولكن من الأفضل عدم التحدث عنها، فهي خطيرة".
وأضاف عبد الحميد: "ما حدث في النادي الليلي شيء رهيب، وحصل هجومان كبيران على إسطنبول منذ وصولي إلى هنا، وفي مناطق مثل أورفة وكلس كنا نتعرض لتهديد لأننا ناشطون، وأصبح الجميع الآن مهددين في إسطنبول".
ويفيد الكاتب بأن وزارة الداخلية قالت إن 147 شخصا اعتقلوا منذ الأسبوع الماضي؛ للاشتباه بصلاتهم مع تنظيم الدولة، لافتة إلى أنها اتخذت كل الاحترازات الأمنية الممكنة لحماية الشوارع والأماكن في العام الجديد، وأنها نشرت 17 ألف رجل أمن منهم كانوا في الزي المدني.
ويعلق سينغوبتا قائلا إن قيام التنظيم على توجيه ضربة رغم هذه الإجراءات كلها يشير إلى قوته، ويثير تساؤلات حول إمكانية منع هجمات سابقة لو تحركت السلطات مبكرا، مشيرا إلى تعقد النزاع، حيث تواجه الدولة سلسلة من التحديات الداخلية والخارجية، وكان تنظيم الدولة يواجه الأكراد.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول عسكري سابق إن تنظيم الدولة أقام خلية له في بلدة أديمان في جنوب تركيا.