على الرغم من الضربات التي تلقاها التنظيم في الآونة الأخيرة وخسارة الكثير من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق وبدء الهجوم على أحد أهم معاقله في الموصل (شمال) وخسارته لعدد من رموز إعلامه إلا أن الإصدارات استمرت ولو بوتيرة أقل من السابق.
وعلى الرغم من اختفاء أسماء مؤسسات إعلامية اشتهرت بنشر إصدارات التنظيم على مدار السنوات الماضية منذ إعلانه "الخلافة" مثل مؤسسة الفرقان والحياة والاعتصام وغيرها من مؤسسات المناصرين إلا أن إعلام بعض الولايات التي حافظ عليها التنظيم بقي يعمل وينتج الإصدارات حتى الآن.
وكان
تنظيم الدولة خسر قبل عدة أشهر عددا من أهم رموز إعلامه وهم الناطق الرسمي باسم التنظيم أبو محمد العدناني الذي قتل باستهداف أمريكي لسيارته في حلب مسؤول ديوان الإعلام في التنظيم أبو محمد الفرقان والذي قتل كذلك بغارة أمريكية بالإضافة لإعلامي بارز برتبة "أمير" يدعى أبو البراء الأنصاري وقتل في قصف لسيارته في ريف الحسكة خلال معارك مع المليشيات الكردية.
لكن بمتابعة الإصدارات التي بثها التنظيم خلال الفترة الماضية يلاحظ أن الشكل والمضمون بداخلها لم يختلف كثيرا عن السابق بل وغلب عليه استخدام الطائرات بدون طيار كما يحصل في معارك الموصل الدائرة حاليا.
ونشر التنظيم 5 إصدارات من الموصل منذ بدء الهجوم عليها حتى الآن تضمنت مشاهد لانطلاق السيارات المفخخةوصور الانتحاريين وتصويرها خلال هجومها وانفجارها بواسطة طائرات "درونز" بدون طيار واستمرار فقرة الإعدامات المعتادة لأسرى من الخصوم أو أشخاص يزعم التنظيم أن "جواسيس" للقوات العراقية.
ولم تتوقف مؤسسة "أعماق" عن البث الإعلامي بل واصلت بث نشراتها بخصوص معركة الموصل والهجمات التي ينفذها عناصر التنظيم أولا بأول في جبهات القتال عدا عن تبني العمليات التي تجري على مستوى العالم.
لكن الرقابة المشددة على مواقع التواصل الاجتماعي وخسارة العديد من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم أدت لانقطاع بث العديد من التقارير الإعلامية منها جولات الأسواق وصور ما كان يقول التنظيم إنها "الحياة الطبيعية في أرض الخلافة".
ويطرح مراقبون تساؤلات عن مدى الضرر الذي أصاب الماكنة الإعلامية لتنظيم الدولة وقدرتها على الاستمرار في ظل الضربات المتلاحقة التي تصيب قياداته الإعلامية؟.
المحلل السياسي والمختص في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة قال إن تنظيم الدولة تعرض لضربة قوية بعد مقتل أبو محمد الفاروق رئيس ديوان الإعلام لكن على صعيد استمرار البث الإعلامي فمقتل شخص لا يؤثر على مجمل التنظيم.
وأوضح شحادة لـ"
عربي21" أن العديد من الإصدارات خرجت بعد مقتل الفاروق بذات الشكل والطريقة والمضمون وأسلوب التصوير والإخراج الاحترافي ما يدل على "سلامة الفريق العامل في هذا القطاع وتأمينه سواء في الرقة أو الموصل أهم معاقل التنظيم"..
ولفت إلى أن "إصدارات الحرب النفسية والدعاية المضادة لما يحدث في معركة الموصل وتصوير الانتحاريين بواسطة الطائرات بدون طيار وبث العديد من الإصدارات التي تضمن بعضها شيئا من الدراما استمر كالسابق بل وربما بشكل أفضل" على حد قوله.
وأشار إلى إصدار "موكب النور" الذي بثه التنظيم مؤخرا عن صد الهجوم على الموصل والمشاهد الملتقطة فيه "لا يختلف عن الإصدارات التي سبقت المعركة بل أضاف التنظيم لهذا الإصدار لقطات بطائرات بدون طيار في إضافة نوعية لروايته حول المعركة".
حصار إلكتروني
ورأى شحادة أن الضرر لحق بالتنظيم على مستوى التوزيع والترويج لرسائله وإصداراته بعد تشديد الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع بث اللقطات المصورة مثل يوتيوب وغيرها من المواقع.
وأضاف: "الإعلام الجهادي تمت محاصرته وأي مواد ترفع على مواقع التواصل أو مواقع الفيديو تحمل دلالات تتعلق بالتنظيم يتم حذفها على الفور بشكل أكبر من السابق الأمر وهذا ما أدى لانحسار دعاية التنظيم".
واعتبر شحادة أن خسارة التنظيم للكثير من مواطئ القدم قلل من كمية الضخ الإعلامي ولم يعد الأمر كالسابق واقتصر الآن على عدد من المناطق مثل حلب والموصل والرقة وإعلام بعض "الولايات" التي بايعت التنظيم بعيدا عن سوريا والعراق مثل سيناء وليبيا اليمن.
وعلى صعيد طريقة العمل قال شحادة إن إعلام التنظيم مركزي ومؤسساتي وقرار البث يصدر من جهة واحدة حتى لو جاءت الإصدارات من مواقع مختلفة من مناطق نفوذ التنظيم.
وأوضح أن المتابع للإصدارات يرى أن "إصدارا في سيناء مشابه لإصدار في ولاية أخرى وكأن المصور واحد والمخرج واحد وهذا دليل على مركزية العمل ووجود عقل إعلامي مدبر في مكان آمن يشرف على هذا العمل لضمان استمراريته".
واعتبر أن التنظيم الآن لجأ لمواجهة محاصرة توزيعه واختفاء المؤسسات الكبيرة كـ"دابق" وغيرها إلى "جيش الخلافة الإلكتروني" القائم على مناصريه والمتطوعين للنشر على نطاق واسع في مواقع التواصل.