قالت صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها، إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب، سيكون ساذجا لو ظن أن باستطاعته عقد صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، مشيرة إلى أن هذا سيكافئ
روسيا على مغامراتها العسكرية في أوكرانيا ومناطق أخرى.
وتبدأ الصحيفة افتتاحيتها، التي ترجمتها "
عربي21"، بالحديث عن قرار الكرملين سحب حاملة الطائرات "أدميرال كوزنستوف" من مياه البحر الأبيض المتوسط، بعدما وصلت في رحلة طويلة عبر القنال الإنجليزية في الصيف الماضي، حيث قدمت البارجة الدعم للعملية العسكرية الروسية في
سوريا، مشيرة إلى أن سحبها وقوات روسية أخرى يتزامن مع موعد تنصيب ترامب، وهي رسالة من بوتين للرئيس الأمريكي الجديد بأنه مستعد لعقد صفقة.
وتقول الافتتاحية إن "مهمة (أدميرال كوزنستوف) قد انتهت بعدما انهارت قوى المعارضة في حلب الشرقية، ويبدو رئيس النظام السوري بشار
الأسد، وكيل الكرملين في دمشق، في وضع آمن أكثر مما كان عليه عشية اندلاع الثورة في عام 2011".
وتشير الصحيفة إلى أن محاولات بوتين في سوريا خلقت وقائع سياسية على الأرض بطريقة يصعب على إدارة ترامب تجاوزها، بحيث أصبحت سوريا جزءا من مجال التأثير الروسي في المنطقة، لافتة إلى أن مؤتمر سلام سيعقد في نهاية الشهر الحالي، برعاية روسية تركية، بشكل يجعل من الأسد في وضع لا يمكن التخلص منه.
وتقول الافتتاحية إن على الغرب ألا يقلق فقط من القضاء على الأصوات المستقلة في سوريا كلها، ومن أزمة اللاجئين، لكن أيضا من إمكانية عقد بوتين مع ترامب صفقة تتجاوز سوريا، مشيرة إلى استمرار ترامب في الثناء على بوتين، ورفض الاعتراف بأزمة القرصنة، التي تسببت بها روسيا، وأثرت في الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتلفت الصحيفة إلى أن أولوية ترامب في السياسة الخارجية هي التركيز على هزيمة تنظيم الدولة، وتخفيض دور إيران في المنطقة، الذي يؤثر في استقرار المنطقة، وتحدي صعود الصين الاقتصادي والعسكري، مشيرة إلى أن الرئيس المقبل يعتقد أن روسيا يمكنها أداء دور في هذا كله طالما حصلت على الاعتراف الذي تريده.
وتحذر الافتتاحية قائلة إن "هذا التقارب يظل مسموما، ويعني تقديم أوكرانيا على طبق لبوتين، جاهزة للأكل، وفي حالة تحقيق صفقة مع بوتين، فإنه سيتم نزع شبه جزيرة القرم من الأجندة الدولية ولعشرين عاما، حتى لا تعرقل التسوية حول إقليمي دونستك ولوهانسك، وأي صفقة من هذا النوع ستكافئ بوتين على ما قام به من إعادة رسم حدود اوروبا بالقوة، ولو تبنى فريق ترامب هذه الفكرة، فإن هذا يعني نهاية العقوبات المفروضة على موسكو، ولن يتحقق السلام على الحدود الأوروبية، وعلى روسيا الانسحاب من شرق أوكرانيا ليكون السلام حقيقيا".
وتعتقد الصحيفة أن التسوية في الشرق الأوسط لن تحصل عبر إظهار القوة الوحشية، لافتة إلى أن هناك أرضية مشتركة بين ترامب وبوتين في سوريا، فكلاهما لا يريد استبدال نظام الأسد بدمية إيرانية، وهدوء يتم فرضه على البلاد من خلال مليشيات شيعية.
وتعلق الافتتاحية قائلة إن "فريق ترامب يعارض ملالي إيران، كما هو في حالة هيام مع نظام ديكتاتوري شرس، وعليه فقد يكون ترامب مستعدا لقبول فكرة بقاء الأسد، ويجب ألا يكون تلاقي المصالح مع موسكو مقدمة لخروج الولايات المتحدة بشكل كامل من المنطقة، وبالتأكيد ستكون روسيا شريكا صغيرا لترامب في الحرب هذا العام ضد تنظيم الدولة، ولكن من التهور بمكان أن يضع القائد العام للقوات الأمريكية ثقته ببوتين الانتهازي".
وتختم "التايمز" افتتاحيتها بالقول إنه "مع أن ترامب يعرض على ما يبدو نهاية لوضع المنبوذ، الذي يعاني منه بوتين، إلا أنه لم يتحدث عما يريده في المقابل، وكما يقول في كتابه (فن الصفقات) فإن هذا وضع ضعيف، وعليه التفاوض حول مشكلات العالم الساخنة بدلا من ذلك".