أعلنت "
إسرائيل" الجمعة الماضي، أنها ستخفض الدعم المالي المقدم لهيئة
الأمم المتحدة بنحو ستة ملايين دولار، احتجاجا على تبني مجلس الأمن الدولي قرار (2334) الذي أدان
الاستيطان الإسرائيلي، وطالب بوقف البناء في الأراضي التي يريد
الفلسطينيون إقامة دولتهم عليها.
وأعلن سفير "إسرائيل" في الأمم المتحدة، داني دانون، أن التمويل سيخفّض لهيئات الأمم المتحدة التي وصفها بأنها "معادية لإسرائيل" ومن بينها "اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه، وإدارة الأمم المتحدة للحقوق الفلسطينية".
وأضاف دانون أن "إسرائيل ستمضي قدما في مزيد من المبادرات التي تهدف إلى إنهاء الأنشطة المناهضة لإسرائيل في الأمم المتحدة، بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض في 20 من الشهر الجاري".
موقف "أونروا"
من جانبه؛ قال المتحدث الرسمي باسم وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "
أونروا" عدنان أبو حسنة، إنه "ليس هنالك موقف رسمي من قبل الأونروا في ما يخص الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة".
وأضاف أبو حسنة لـ"
عربي21" أن "الأونروا لا تتلقى أي مساعدات مالية من قبل الجانب الإسرائيلي، لذلك فإن قرار خفض المساعدات المالية لن يؤثر على برامج ومشاريع الأونروا في الأراضي الفلسطينية".
وكشفت أوساط سياسية داخل "إسرائيل" عن مجموعة من الإجراءات العقابية بحق "أونروا"، من ضمنها "منع توظيف العاملين المناهضين لإسرائيل والمؤيدين للفلسطينيين، ومتابعة الأنشطة التي تحصل داخل مدارس الوكالة باعتبارها معادية لإسرائيل، وتتعارض مع حيادية المؤسسة الدولية".
ورفض أبو حسنة التعليق على ما يشاع في وسائل الإعلام حول هذه الإجراءات العقابية، قائلا: "لم نبلغ رسميا بأي إجراءات إسرائيلية بحق الأونروا، وفي حال اتخاذها على أرض الواقع فسيكون لنا موقف واضح أمام وسائل الإعلام".
وكان مجلس الأمن قد تبنى في 23 كانون الأول/ ديسمبر الماضي قرارا بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أيده 14 عضوا من أصل 15، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت دون أن تستخدم حق النقض "الفيتو" ضد المشروع.
ويدعو القرار الأممي إسرائيل إلى "وقف فوري وتام لكل أنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية"، ويعتبر أن هذه المستوطنات غير شرعية في نظر القانون الدولي، سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا، كما أنها تعرض للخطر حل الدولتين.
وفور صدور القرار من مجلس الأمن؛ أعلنت "إسرائيل" عن مجموعة من الإجراءات الانتقامية بحق الدول التي صوتت لصالح القرار، ومن ضمنها استدعاء سفراء 12 من الدول التي أيدت القرار، إضافة إلى منع مشاركة سفراء هذه الدول في اجتماعات وزارة الخارجية التي تعقد في مدينة القدس.
أما الجانب الفلسطيني؛ فقد اعتبر ما حدث في هيئة الأمم المتحدة "انتصارا" لصالح القضية الفلسطينية، وعبر وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، عن استعداد فلسطين لمساعدة الدول التي تعرضت لعقوبات إسرائيلية، كنوع من الوفاء، وتقديرا لجهودها.
فشل إسرائيلي
من جانبه؛ قال مساعد وزير الخارجية الفلسطيني السابق، محمود العجرمي، إن الإجراءات الإسرائيلية الانتقامية بحق الدول التي أدانتها في مجلس الأمن "تعبير عن حالة غضب لدى قيادة الحكومة الإسرائيلية؛ بعد فشلها في إقناع المجتمع الدولي بأن المستوطنات جزء من الدولة الإسرائيلية ولا يمكن فصلها عن المجتمع الإسرائيلي".
وقلل العجرمي في حديث لـ"
عربي21" من تعويل الإسرائيليين على تولي ترامب رئاسة البيت الأبيض؛ "لأن القرار قد تم اتخاذه واعتماده رسميا ضمن قرارات الأمم المتحدة، لذلك فإنها لا توجد أي مخاوف من إعادة النظر في القرار أو إلغائه".
وعن تقييمه للجهود الفلسطينية للرد على الإجراءات الإسرائيلية؛ قال العجرمي إن "إمكانية تعويض الفلسطينيين لهذا النقص؛ لن تكون بالقدر المأمول بالنسبة لهذه الدول، نظرا لقلة الإمكانات الفلسطينية مقارنة بالجانب الإسرائيلي".
من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب لـ"
عربي21" إن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة بتخفيض الدعم المالي المقدم للأمم المتحدة "تمثل محاولة يائسة من قبل حكومة الاحتلال لامتصاص غضب الشارع الإسرائيلي الذي اعتبر ما حدث في مجلس الأمن انتصارا فلسطينيا، أمام فشل إسرائيلي في إقناع الدول بأن المستوطنات جزء من الدولة الإسرائيلية".