أطلق السفير
عبدالله الأشعل، مساعد وزير خارجية
مصر الأسبق للشؤون القانونية الدولية والمعاهدات والتخطيط السياسي،
مبادرة تدعو لتدشين "المشروع الحضاري الإسلامي لوقف الإرهاب المنسوب للإسلام، لمحاولة إنقاذ الجميع منه"، داعيا الجميع للمساهمة بتصوراتهم ورؤاهم في هذه القضية التي وصفها بالكارثية.
وقال – في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"- :"أدعو إلى قمة عربية إسلامية أوروبية، وهذه القمة لابد أن تتحلى بالشجاعة، وتأخذ قرارات باتفاق الجميع لحل جذور الأزمة على رأسها إعادة بناء الأوطان على أسس سليمة من خلال إصلاح العلاقة بين الحاكم والمحكوم ليكون هناك تعاون بينهما، وأن توجه موارد الدولة لصالح
الشباب والمجتمع".
ودعا "الأشعل" إلى ضرورة وضع برامج لتشغيل الشباب المسلم، والعمل على إدماجهم في المجتمع العربي أو الغربي، والعفو عن كل الشباب الذي يعود مرة أخرى من دوامة
العنف، مطالبا بوضع برنامج شامل للتعاون بين الدول الأوروبية والعربية والإسلامية في هذا الصدد.
وأضاف: "أريد تحويل طاقات الشباب المهدرة والدماء التي تسيل إلى طاقة إيجابية تبني الأوطان، وتعلي شأن الإسلام والدين، وترفع شأن المسلمين، وتحافظ على الأقليات الإسلامية التي يراد بها الشر، فهناك مؤامرة كبرى ينفذها المسلمون بأيديهم وبشبابهم الذي صار وقودا لهذه المعركة للأسف، فهذا هو مشروع النهضة بالنسبة للعالم الإسلامي في المرحلة المقبلة".
وذكر: "كان النيل من الإسلام والمسلمين مؤامرة يحاذرها المسلمون حتى لا تقع الفتنة بينهم، أما اليوم فقد بلغت المأساة غايتها وهي أن أركان المأساة كلها إسلامية، فالقاتل مسلم والقتيل مسلم والأرض إسلامية ومرجعية القتل هي القرآن الكريم، فصار الإرهاب إسلاميا، كما صار الإسلام والمسلمون، عموما، في نظر الغرب ساحة الإرهاب المشتعلة التي أحرقت أصابع الغرب واشتعلت الساحات بكل أنواع الأسلحة في حرب المسلمين ضد المسلمين، بمساعدة الخارج القريب والبعيد".
وتابع:" كان الغرب يستغل سذاجة العناصر الإسلامية وحماسها الديني وأحيانا حاجتها المادية ليفرغ طاقتها في حروب نيابة عنه، مما أدى إلى ملايين اللاجئين والنازحين من أوطانهم تحت وطأة القتال، وتحولت جهود شباب المسلمين إلى هذه الساحات بدلا من استنقاذ الأقصى أو بناء أوطانهم".
وأضاف:" لاشك أن إسرائيل والولايات المتحدة أسهمتا في هذه المحرقة لإساءة صورة الإسلام وتشتيت صفوف المسلمين، وصرفهم عن الدفاع عن الأقصى، فانطلقت إسرائيل بمشروعها الصهيوني في هذه الظروف المثالية، بينما العالم الإسلامى يشيع ضحاياه في هذه المأساة وتعاني دوله من السقوط والانهيار".
واستطرد "الأشعل" قائلا:" كما يتمتع الغرب بتصريف أسلحته مادامت الحرب والضحايا على أراضي إسلامية، حتى يظهر للعالم أن المسلمين يتبعون دينا إرهابيا، وأنهم يهدمون الحياة بإرهابهم، بينما غيرهم يبنون الحضارات ويتابعون البحث العلمي ومحاربة الأمراض ويخططون في هدوء لإبادة المسلمين".
وقال:" ترتب على هذه المحنة أن الجاليات الإسلامية في الغرب تعاني الإسلاموفوبيا، والاستخفاف بالإسلام وبرموزه، بل إن المكونات الإسلامية في بعض الدول صارت هدفا للإرهاب الرسمي الحكومي مثل بورما والصين، كما أن بعض الدول ألغت الاعتراف بالإسلام كدين رسمي، مما سمح بالمذابح والتطهير الديني ضد المسلمين كمال الحال في بعض الدول الإفريقية مثل إفريقيا الوسطى".
وأردف:" كذلك صارت روسيا والولايات المتحدة وبعض الدول مثل مصر تربط الإسلام بالإرهاب بشكل مباشر. وللجزائر والمغرب وجميع الدول العربية سجلات حافلة بالإرهاب الإسلامي الذي تقوم به جماعات من الشباب المسلم لدوافع دينية وسياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية، فضلا عن إرهاب الدولة وغياب القانون.
واستطرد قائلا:" لقد بلغ عدد ضحايا الإرهاب "الإسلامى" منذ السبعينات حتى الآن بضعة ملايين شملت العالم العربي كله تقريبا، كما توزعت بين مصر والسعودية واليمن والعراق وسوريا والأردن وفلسطين وليبيا وسوريا وتونس والجزائر والمغرب".
وشدّد "الأشعل" على أن "الأضرار على الإسلام والمسلمين ودولهم مؤكدة، فضلا عن أن الحملة العالمية لمناهضة الإرهاب الإسلامي تحصد يوميا آلاف الضحايا المسلمين، بالإضافة إلى أضرار المقاومة الفلسطينية وازدهار المشروع الصهيوني".
وأضاف:" بدلا من أن يحتشد الجميع لمحاربة الشباب المسلم المنخرط في منظمات إرهابية تغذيها دول إسلامية وغير إسلامية من المهم أن نفكر في طرق لسحب الشباب المسلم من ساحات الإرهاب، وتحويل طاقتهم التدميرية إلى طاقة بناء فكري وعقلي لأوطانهم وخدمة الإسلام واستئناف دوره الحضاري".
وأكمل:" قد تكون الفكرة على النقيض من الاحتشاد العالمي لمناهضة الإرهاب الذي صنعه الغرب وبعض الدول الإسلامية، ولذلك نحتاج إلى الشجاعة والأمانة والإبداع والإخلاص في المكاشفة ووضع الخطط العملية التي تحقق هذا الهدف النبيل، وهو حقن دماء المسلمين الذين يحاربون أنفسهم في عملية انتحارية لحساب أعدائهم بعد أن غيب عقولهم وضللهم ونصب الطعم لهم فابتلعوه، وأمامنا سوريا خير مثال على محرقة الإسلام والمسلمين".
مبادئ المبادرة
وأوضح أن مبادئ مبادرته تتمثل في أن "الإسلام واحد، والمسلمون أتباع الإسلام، ولا يحسب سلوكهم على الإسلام، بل الإسلام هو الحجة عليهم، والاعتراف بأن مصلحة الإسلام والمسلمين وأوطانهم هو وقف المحرقة أولا، ثم تحويل الشباب المسلم إلى موقف المراجعة والحساب".
كما تشمل هذه المبادىء، "التواصل مع الشعوب الإسلامية والأوروبية لإفهامها أن حكوماتها والحكومات الإسلامية لابد أن تتفق على رعاية الشباب العائد، بدلا من التوجس منه بعد إجراء دورات فكرية له لتقويمه، ولتذكر أن الإرهاب من هذا النوع سوف يعصف بالحضارة الإنسانية ولن يقتصر على استخدام البعض له أداة في سياساتها الوطنية".
وشدّد على أن "الإقرار بأن غياب العدالة الاجتماعية أو القانون له دور هائل في دفع الشباب إلى اليأس والإرهاب، كما أن بعض رجال الدين أسهم في تضليل الشباب وفقدت المؤسسات الدينية مصداقيتها بسبب ميلها غير العادل للحاكم".
وقال:" لذلك، فإن جبهة إنقاذ الإسلام والمسلمين لابد أن تضم كل المؤمنين بهذه الفكرة ومبادئها على اتساع العالم الإسلامي وغير الإسلامي بعد أن صار الشاب المسلم خطرا على المجتمعات الأخرى".
آلية التنفيذ
ودعا "الأشعل" لتشكيل لجنة تأسيسية لمناقشة الفكرة وتطويرها والسعى لإشراك عدد من المؤسسات والهيئات في هذا المشروع، ووضع برنامج العمل وطرق التواصل مع الشباب ومع الحكومات الإسلامية والأوربية لهذا الغرض، وقد تسعى اللجنة إلى تشجيع بعض مراكز البحوث الإسلامية والغربية لتبني الفكرة، وكذلك الإعلام".
وقال :" من العار على ملايين المسلمين أن يعاني الإسلام والمسلمون وديارهم والعالم من شباب في عمر الزهور صار خطرا على نفسه وعلى غيره وعلى دينه، حيث قدم الذرائع لأعدائه للطعن على الإسلام واضطهاد المسلمين والإضرار بالمقاومة النبيلة ضد التوحش الصهيوني".
واختتم بقوله: "نحن بحاجة ماسة لطرح هذا المشروع، الذي أرجو أن تتكاتف حول جميع الدول العربية والإسلامية وجميع الهيئات الدينية التي يجب عليها أن تدرك أنها ساهمت أيضا في فقدان مصداقيتها، بسبب تسييس أعمالها، وركوب الدين مطية بالدنيا وتضحية بالآخرة، خاصة أن صلب القضية هي فقدان الشباب للقدوة والمصداقية والأمل".