اتهم
حزب التحرير السلطات بتونس بالعمل على تشييد سجن شبيه بـ"
غوانتنامو"؛ لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين والعائدين من بؤر التوتر، بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فيما أعلن العصيان الأمني، متوعّدا رجال الشرطة بالتشهير بهم إذا ما اعتقلوا أعضاء الحزب مستقبلا.
وقال عضو الهيئة الإدارية لحزب التحرير بتونس، محمد الناصر شويخ، خلال مؤتمر صحفي عقده الحزب، الثلاثاء، إنّ السلطات بتونس "عقدت اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي سنة 2014، بهدف استقبال جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا التراب الأوروبي وجميع من سافر إلى بؤر التوتر".
وتابع شويخ بأنّ السلطات
التونسية "تعمل على تشييد سجن كبير مشابه لسجن "غوانتنامو" الأمريكي؛ بغاية "استيعاب هؤلاء، بعد أن عجز الأوروبيون والأمريكان عن توطينهم بسوريا".
استقبال المهاجرين
وعرض شويخ خلال المؤتمر وثيقة قال إنّها عُرضت على مجلس الشيوخ الفرنسي، "وهي تتضمن تفاصيل الدور الموكل اليوم لتونس ولبقية بلدان شمال أفريقيا، على غرار ليبيا ومصر"، وفق تعبيره.
وأشار إلى أنّه تمّ إمضاء الاتفاق باستقبال المهاجرين غير الشرعيين، وتحت الضغط الأوروبي على تونس، على أن تستقبل هؤلاء، وهذا هو الإطار الذي تم فيه الحديث عن عودة المهاجرين غير الشرعيين وجميع الذين سافروا إلى بؤر التوتر إلى التراب التونسي".
وأوضح شويخ أنّ "المسألة ليست قضية مهاجرين أو إرهابيين أو مجرمين سيعودون أو لا يعودون إلى تونس، لأن الحديث عنهم هو تمييع للموضوع، لكن القضية أكبر بكثير، فهي قضية صراع قوى دولية وإعادة تشكيل للمنطقة مرة أخرى، وتوزيع الأدوار في المنطقة من جديد".
قاعدة للاستخبارات
وقال إنّ "الدور الذي يُراد أن يعطى لتونس، ولمصر وشمال أفريقيا عموما، هو أن تكون المنطقة خط دفاع وقاعدة إسناد للقوات الأطلسية والأمريكية وقاعدة للاستخبارات والتجسّس"، رافضا نعت الذين سافروا إلى سوريا بالإرهابيين، ولافتا إلى أنّ "الإرهابي الحقيقي هو كل من سافر لمساندة قوات بشار الأسد وأمريكا"، وفق تعبيره.
من جانبه، أعلن عضو المكتب السياسي لحزب التحرير، عماد حدوق، العصيان الأمني، مؤكدا عدم انصياع منتسبي الحزب لأوامر الأمنيين مستقبلا، كردّ فعل على ما اعتبره "مضايقات وإجراءات تعسفية ضدّهم من قبل عدد من رجال الأمن الذين تتعارض أفكارهم الأيديولوجية مع حزب التحرير"، وفق تعبيره.
تشهير
وتوعّد حدّوق الأمنيين الذين سيعتقلون أعضاء الحزب مستقبلا بالتشهير بالأسماء بمواقع التواصل الاجتماعي، مؤكّدا أن أهالي الموقوفين من الحزب سيعتصمون أمام مراكز الأمن؛ من أجل اطلاق سراح أبنائهم.
وقال حدّوق إنّ المضايقات والاعتقالات والإجراءات التعسّفية ضدّ أعضاء الحزب انطلقت "بعد تدخّل رئيس الجمهورية وإعطاء أوامر لمجلس الأمن القومي بإنهاء ملف حزب التحرير خارج إطار القضاء".
واعتبر الكاتب والمحلّل، صلاح الدين الجورشي، أنّ تصريحات أعضاء حزب التحرير بتونس ومواقفه دليل واضح على أنه (الحزب) قرر التصعيد ضد الحكومة والشروع في اتخاذ سلسلة من الإجراءات المناهضة للسلطة.
دفاع عن الوجود
وتابع الجورشي في تصريح لـ"عربي21" أنّ هذا التطوّر في مواقف حزب التحرير بتونس يأتي في سياق "دفاعه عن وجوده كحزب أصبح مهدّدا بشكل واضح، وتعبيرا عن رفضه للاعتقالات في صفوف أنصاره".
وقال إنّ "حزب التحرير بتونس لا يختلف، على مستوى المحتوى، عن التوجهات العامة للحزب في ما يتعلّق بتحليله للأوضاع، سواء داخل البلاد أو في المنطقة العربية أو العالم؛ لذلك هو لا يزال وفيا لقناعاته الأيديولوجية وفي تحليله للأحداث والوقائع"، وفق تعبير الجورشي.
وتعليقا على اتهام الحزب السلطات التونسية بالعمل على تشييد سجن شبيه بـ"غوانتنامو"، قال الجورشي إنّه لا يعتقد أن تونس تتجه نحو إنشاء سجن على طريقة "غوانتنامو"؛ لأنها حينئذ ستكون مخالفة لحقوق الإنسان، ومناقضة للتوجّهات السياسية العامة للبلاد، بحسب تعبيره.
إجراءات احتياطية
وخلص الجورشي إلى أنّ السجن المنتظر تشييده سيكون معزّزا بإجراءات احتياطية لمواجهة أي محاولة لاختراقه أو فتحه بالقوة لتهريب مساجين، مضيفا بقوله: "ما أعلمه أن نشطاء حقوق الإنسان ليست لديهم تفاصيل عن تركيبة هذا السجن، وأعتقد انهم سيطالبون بزيارته عندما يصبح جاهزا لاستقبال مساجين".
وكانت المحكمة الابتدائية بالعاصمة أسقطت بصفة استعجالية، نهاية شهر آب/ أغسطس 2016، قرار إيقاف نشاط "حزب التحرير"، لمدة شهر، كانت أصدرته دائرة ثانية بمحكمة تونس منتصف الشهر نفسه.
يُشار إلى أنّ حزب التحرير أثار جدلا خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي؛ بسبب بيان أصدره آنذاك، وتضمن "تهديدا ووعيدا بقطع الرؤوس والأيادي"، على خلفية تمزيق لافتة تابعة للحزب في مدينة سكرة من ولاية أريانة.
ووصف الرئيس الباجي قايد السبسي البيان، خلال إشرافه على مجلس الأمن القومي، بأنّه "تطاول على الدولة يجعل من الناس مَن يتمادون عليها"، ودعا حينها إلى "ضرورة إيجاد حلّ".