حذرت هيئة العلماء المسلمين في
لبنان مما أسمته "هيمنة
حزب الله على السياسية والقضاء"، داعية العهد الجديد إلى "إحقاق العدالة في قضية الشيخ
أحمد الأسير".
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه وسائل إعلام حزب الله تصعيدها ضد الشيخ الأسير، واصفة إياه بـ "الإرهابي".
ويتغيب وكلاء الدفاع عن الشيخ الأسير؛ عن المحاكمات، احتجاجا على عدم الاستجابة لمطالبهم بالتحقيق قي الإخبار حول ضلوع حزب الله في إشعال المعركة بين مجموعات الأسير والجيش اللبناني في صيدا عام 2013.
وسبق لوكلاء الأسير أن تقدموا بالإخبار أمام الوزير العدل السابق، أشرف ريفي، والذي أحاله على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، وأودعه الأخير لدى مخابرات الجيش.
وكان رئيس المحكمة العسكرية الدائمة، العميد الركن حسين عبد الله، هدد قبل أيام؛ الأسير بتطبيق المادة 59 من قانون
القضاء العسكري في الجلسة المقبلة، التي حددت في 28 شباط/ فبراير، في حال استمرار امتناع محاميه عن الحضور، وهو ما يعني احتمال تعيين المحكمة محامين آخرين للدفاع عنه.
من أشعل معركة عبرا؟
وقال عضو هيئة العلماء المسلمين في لبنان، الشيخ عدنان إمامة، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "البلد محكوم لسياسة حزب الله المهيمن على المكابح السياسية والقضائية"، مشيرا إلى أن "من أشعل معركة عبرا هو حزب الله والسرايا التابعة له، فيما يتجاهل القضاء هذه النقطة الهامة"، على حد تعبيره.
وكانت مدينة صيدا في جنوب لبنان، قد شهدت في 23 حزيران/ يونيو 2013 على مدى يومين، اشتباكات مسلحة بين الجيش اللبناني وعناصر من حزب الله من جهة، وأنصار الشيخ الأسير من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط 18 قتيلا من الجيش اللبناني وأكثر من 100 جريح. وقد انتهى الأمر بانسحاب الأسير وعدد من الموالين له.
وكانت القضية في البداية بين مؤيدي الأسير وعناصر حزب الله، قبل أن يصبح الجيش طرفا فيها.
وأضاف الشيخ إمامة: "نحن نحزن حين نرى القضاء خاضعا للسياسة"، معربا عن أمله في "أن يكون القضاة مستقلين ونزيهين في مختلف القضايا التي يعالجوها"، كما قال.
وحول طلب دفاع الأسير الكشف عن ملابسات قتل الجنود في
أحداث عبرا، دعا إمامة القضاء إلى أن "يتوسع في المحاكمة ويستدعي مزيدا من الشهود، ويسعى للحصول على القرائن والأدلة"، مشددا على أهمية القضية لكونها تتعلق "بقتل جنود من الجيش اللبناني، وبإثارة الفتنة، وتهديد السلم الأهلي".
وأكد أن "الرأي العام معني بالاطلاع على الوقائع ومجريات القضية"، مستغربا تجاهل ما وصفه "بالعنصر الهام، وهو الوصول إلى الحقيقة".
وأعرب إمامة عن تشاؤمه من إمكانية الوصول إلى الوقائع الكاملة في قضية عبرا والاتهامات الموجهة إلى الشيخ الأسير، وقال: "ليست هي القضية الأولى التي تنحرف عن سياقها، هناك قضايا عدة خضع القضاة خلالها للضغوط السياسية".
وحول دور هيئة علماء المسلمين في قضية الشيخ الأسير والإسلاميين الآخرين، قال إمامة: "ليس لدينا سوى الوسائل السلمية التي يجيزها القانون، ولكن لن نقبل أن تكمّم أفواهنا ونجبر على الصمت تحت أي ضغوط أو تهديدات من أي جهة كانت"، بحسب تعبيره.
وأصدر حكم القضاء اللبناني حكما بالإعدام على الشيخ الأسير، في شباط/ فبراير 2014، بتهمة الإقدام "على تأليف مجموعات عسكرية تعرضت لمؤسسة الدولة المتمثلة بالجيش، وقتل ضباط وأفراد منه، واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش".
وتم اعتقال الأسير في 15 آب/ أغسطس 2015، في مطار رفيق الحريري الدولي، أثناء محاولته مغادرة لبنان بجواز سفر مزور، بعدما أجرى تغييرات في مظهره الخارجي، بحسب الرواية الرسمية.
وقال إمامة: "هيئة علماء المسلمين منفتحة على السياسيين والمسؤولين، سعيا منها لإحقاق الحق، ولتذكيرهم بأن القضاء اللبناني لا يمكن أن يحقق العدالة إلا إذا تحققت المساواة بين اللبنانيين كافة، دون تمييز بين مواطن وآخر".
وعن إمكانية التواصل مع العهد الجديد حول هذه القضايا، قال إمامة: "سنرفع الصوت، ونأمل بأن يتخلص العهد الجديد من المظالم الكثيرة الموجودة في الفترة السابقة، ونعوّل على رئيسي الجمهورية والحكومة في تحقيق العدل".
قضية قانونية أم سياسية؟
من جهته، قال النائب السابق عن الجماعة الإسلامية في لبنان، أسعد هرموش، إن "قضية الشيخ الأسير قانونية لكنها تحمل بعدا سياسيا، وذلك عند السؤال عن سبب أو مصدر الصدام بين مجموعات الشيخ الأسير والجيش اللبناني".
وأضاف لـ"
عربي21": "هناك أصول محاكمات متبعة، لكنّ النسق القانوني في لبنان مبرمج على "فوبيا إسلام"، أو الخوف من الإسلاميين، ففي الوقت الذي يحاكم فيه الشيخ الأسير، هناك عشرات السجناء الإسلاميين القابعين في السجون من دون محكمات ومنذ سنوات طويلة".
واستغرب هرموش ظروف اعتقال السجناء الإسلاميين، وقال: "اللافت هو مطالبة السجناء بمحاكماتهم، وهو يدلّل على أن العدالة البطيئة ناقصة لا بل تصنف على أنها ظالمة".
وطالب هرموش بـ"تطبيق القوانين وفق أصول المحاكمات إن كانت مدنية أو عسكرية"، منتقدا القانون الذي يستند إليه القضاء اللبناني "المستمد من التشريع الفرنسي القديم، والذي عدل خمس مرات، في الوقت الذي ما زلنا متمسكين به في لبنان".
واعتبر هرموش أن هناك "تخلّفا في التشريع غير المطبق أصلا، حيث لا يحق توقيف أي شخص دون إجراء محاكمة عادلة له، فوفق القانون اللبناني لا يحق للقضاء أن يوقف أي إنسان لفترة تتجاوز ثلاثة أشهر، ومن ثمّ يحيله الى النيابة العامة"، بحسب تعبيره.