دعا مركز دراسات
إيراني نافذ في أحدث تقرير له إلى السرعة في حل الأزمة السورية من خلال محادثات "أستانا" التي دعت إليها
روسيا وتركيا.
وحذّر مركز الدراسات الدبلوماسية الإيرانية في تقريره الذي ترجمته، وتعرضه هنا "
عربي21"، من "أن تتجرع إيران كأس السم مرة أخرى في الحرب السورية، بعد التحالف التركي الروسي في
سوريا".
وأوضح المركز الإيراني أن إيران تجرعت السمّ مرتين حتى الآن، إذ عاشت صدمة أولى في الحرب العراقية الإيرانية، وصدمة أخرى في الاتفاق النووي الإيراني.
وأورد تقرير المركز: "علينا أن لا نصل إلى الصدمة الثالثة في سوريا، وأن لا نعطي لهذه الصدمة أي فرصة للظهور".
وقرأ مراقبون للشأن الإيراني في طرح المركز الإيراني النافذ المقرب من الخارجية الإيرانية، مخاوف حقيقية لدى الحكومة الإيرانية من خسارة موقع طهران ونفوذها وتأثيرها في سوريا، في حال توصلت أنقرة مع موسكو إلى اتفاق شامل بخصوص سوريا.
وأوضح المركز الإيراني ما ذكره حول الصدمات التي واجهتها إيران في الماضي، وقال: "من شعار: الحرب حتى النصر (الحرب العراقية - الإيرانية)، توصلنا إلى قبول قرار كانت نتائجه بمثابة تجرع كأس السم"، مشيرا إلى أن "الذين فرضوا الحرب على إيران هم أنفسهم فرضوا السلام أيضا، وكانت لنا تجربة مريرة في فقدان الفرص".
واستحضر المركز الإيراني خسائر إيران في الحرب العراقية- الإيرانية، بسبب عدم تقدير المواقف بصورة صحيحة، قائلا: "فهم السياق والظروف يشكل جزءا هاما من النجاح، ونحن بحاجة إلى أن نختار النظرة الرمادية بديلا عن نظرة الأسود والأبيض".
وأضاف في هذا السياق أن "الفرص ليست أبدية، وكانت لدينا فرص لإنهاء الحرب بدلا من تجرع كأس السم، وينبغي للزعماء السياسيين أن لا يكونوا رجال الدقائق الأخيرة".
ويأتي حديث مركز الدراسات في هذا الشأن، في إشارة منه إلى الوضع السوري، ودعوة لاتخاذ موقف حاسم من الأزمة السورية "قبل فوات الأوان"، وفق تعبيره.
وشرح المركز الإيراني الصدمة الثانية التي تلقتها إيران، وكان بإمكانها حينها أن لا تواجه هذه الصدمة في حال اتخذت القرارات الحاسمة، قائلا: "قبول الاتفاق النووي كان بمثابة الصدمة الثانية، فقد توصلنا إلى اتفاق كان يمثل خطوة واحدة إلى الأمام فقط، ولم نسمح للأزمة أن تصل إلى نقطة النهاية".
وأضاف مركز الدراسات الإيراني أن "الحكمة والعقلانية والمرونة كانت تشكل نقطة أمل للأصدقاء، وإحباطا للأعداء، وليس هناك أدنى شك في أن الطاقة النووية هي حقنا الثابت، ولكن الوصول وتحقيق هذا الهدف لا يكون عن طريق الخطابات والشعارات الحماسية، بل يتحقق في ضوء الحكمة إلى جانب فهم النظام الدولي".
وقال إن "العالم يمر بمنعطف تاريخي هام، لذلك لا يمكن للسياسات أن تكون ثابتة، ولكن لا يمكن أن نسمح بإزالتنا من سوريا، ويجب أن نحصل على عائدات بقدر ما أنفقنا في سوريا".
ودعا المركز الإيراني صانعي القرار في إيران إلى "فهم تعقيدات الأزمة السورية، وأن يتخذوا سياسة متعددة الأوجه، وأن يتوسعوا في ميدان اللعب والبراغماتية، لمنع المخاوف الحالية من أن تتحقق في المستقبل".
وحول الصدمة الثالثة التي من الممكن أن تتلقاها إيران في المنطقة، قال المركز الإيراني: "سوريا ينبغي أن لا تكون بمثابة صدمة جديدة لنا. نحن مجروحون، ولكن بسبب حرارة الإصابة لا نشعر بنزيف دمائنا، ولا نرى هذا النزيف".
وأضاف: "هذا الحديث لا يعني أن نترك الساحة، ولكن هذا تحذير للتفكير بالأزمة السورية حتى لا تكون النتائج بالنسبة لنا غير متوقعة، وتشكل لنا صدمة أخرى".
واعترف المركز بأن سوريا ليست للإيرانيين، قائلا: "سوريا ليست لنا وحدنا، وهناك جزء مهم من الجسم الاجتماعي السوري هو ضدنا، ونحن استبشرنا بدخول الروس في الأزمة السورية، واحتفلنا بـ"فتح حلب"، ولكن حلب ليست كل سوريا، ولن تنتهي الأزمة السورية بعد فتح حلب".
موسكو دفعت طهران إلى الهامش
وانتقد المركز الإيراني سلوك موسكو مع طهران، بعد السيطرة على حلب، قائلا: "سلوك موسكو بعد فتح حلب كان يشكل قلقا حتى لأصدقائهم الإيرانيين، ومحور موسكو- أنقرة دفع طهران إلى الهامش".
وطالب مركز الدراسات بمراجعة الأزمة السورية، وقال: "الفهم الاستراتيجي لوجود 900 كيلومتر من الحدود بين تركيا وسوريا، والاعتبارات المختلفة والمؤثرة بين موسكو وأنقرة، وموقع ومكانة روسيا وتركيا في النظام الدولي، بالإضافة إلى نوع العلاقة والتعامل بين موسكو وأنقرة مع الغرب، وإسرائيل واعتبارات الدول العربية المرتبطة (بالأزمة السورية)، والتأمل في قرار وقف إطلاق النار بسوريا، يمكن أن يشكل كل ذلك رادعا لنا كي لا نتلقى صدمة ثالثة في سوريا".
ويرى مراقبون من الداخل الإيراني تتواصل معهم "
عربي21"، أن "هناك مخاوف حقيقية بين الطبقة السياسية في إيران من مغبة خسارة المعركة في سوريا، بعد الخسارة الجزئية بإشراك لاعب دولي كبير هو روسيا"، مشيرين إلى أن حسابات روسيا في سوريا تختلف عن حسابات إيران، و"يجب على المحافظين في الحكم أن يستوعبوا ذلك".