بدأت قوات النظام السوري والمليشيات الأجنبية والمحلية إلى جانبها، منذ 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، بشن هجوم عسكري على مناطق سيطرة
تنظيم الدولة شرق
حلب، حيث سيطرت خلال الأيام الماضية على عدد من القرى تقع في المحور الجنوبي لمدينة
الباب التي تنفذ فيها فصائل من الجيش الحر بدعم تركي؛ عملية ضد تنظيم الدولة للسيطرة على المدينة.
وخلال الأيام الماضية، سيطرات قوات النظام على قرى الشحرور، وعفرين الباب، ومعامل الصابون والفستق، وأعبد، والصفة، وبرلهين، إضافة إلى بلدة شامر التي تعد نقطة انطلاق للسيطرة على قرية صوران الواقعة على طريق أوتوستراد الباب – حلب.
وتعني سيطرة قوات النظام السوري على قرية صوران، قطع طريق إمداد تنظيم الدولة في المحور الجنوبي للباب، وبالتالي يصبح النظام طرفا رئيسيا في معركة السيطرة على المدينة إلى جانب قوات درع الفرات المدعومة من تركيا.
مناورة
ويأتي تقدم النظام السوري على محور الريف الشرقي لحلب بعدما كان قد جمّد عملياته العسكرية في هذه الجبهة منذ أن سيطر مطلع عام 2016 على قرية عين البيضة التي تبعد مسافة تسعة كيلومترات عن بلدة تادف.
ويقول الناشط الإعلامي عمار السلمو، وهو أحد أبناء تادف، في حديث لـ"
عربي21": "النظام السوري كان يسعى للتقدم باتجاه الباب منذ مدة، إلا أن معارك مدينة حلب أشغلته عن جبهة الريف الشرقي، حيث كان التركيز منصبا على المدينة منذ كسر حصار مطار كويرس"، مشيرا إلى أن حسم ملف حلب جعله يتجه مجددا نحو شرق المحافظة.
وبيّن أن أي تقدم لقوات النظام السوري باتجاه مدينة الباب؛ سيجعلها في مواجهة قوات "درع الفرات"، مضيفا: "مثل هذا السيناريو سيُعقّد المشهد السياسي، قبل العسكري، لذا يمكن الاعتقاد أن النظام في المرحلة الأولى سيتجه لتأمين مطار كويرس وتضييق الخناق على المحور الجنوبي لمدينة الباب، أما في حال أراد المناورة والانخراط في معركة الباب، فيجب عليه أولا السيطرة على بلدة تادف التي تبعد مسافة كيلومترين عن الباب".
ولفت السلمو إلى أن سلاح الجو التابع للنظام السوري وروسيا، قام في الآونة الأخيرة بتركيز هجماته على بلدة تادف والقرى المحيطة بها، "وهذا أمر يبعث على الحذر فعلا من أية مناورة في هذا المحور الحساس"، كما قال.
ومن الملاحظ أن تقدم النظام السوري باتجاه الباب يأتي بالتزامن مع محادثات "أستانا"، وعلى ضوء ذلك جرى الحديث عن احتمال تنسيق مشترك بين النظام ودرع الفرات ضد تنظيم الدولة في معركة الباب، تحت قيادة روسية – تركية.
لكن مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، أحد الفصائل المشاركة في "درع الفرات"، أكد لـ"
عربي21"؛ أن فصائل الجيش الحر لن تقبل على الإطلاق مشاركة للنظام السوري في أي عمل عسكري، "وبالتالي فإن احتمال أي تعاون تحت ذريعة محاربة الإرهاب لم يتم التطرق إليه خلال مباحثات أستانا، من قبل وفد المعارضة السورية"، مشيرا إلى أن "النظام السوري يسعى للتقدم باتجاه الباب لتضييق الخيارات على فصائل الجيش الحر".
والثلاثاء، قال المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش؛ إن عملية "درع الفرات" لم تنفذ من أجل تسليم ما يتم "تطهيره" من تنظيم الدولة إلى النظام السوري. وأشار قورتولموش إلى أن "درع الفرات" عملية متعلقة بـ"أمننا القومي وانطلقت لحماية تركيا وإزالة التهديدات ضدها من المنطقة المحاذية للحدود الجنوبية".
أبعد من الباب
وليس المحور الجنوبي لمدينة الباب في ريف حلب الشرقي، هو فقط الذي يركز عليه النظام السوري خلال هجماته العسكرية في الأيام الماضية، حيث جرى التمهيد بقصف جوي ومدفعي كثيف من قبل قواته المتمركزة في مطار كويرس العسكري، على بلدة دير حافر والقرى التابعة، لها بإسناد واسع من الطيران الحربي الروسي، وذلك وصولا إلى مدينة مسكنة وقراها، ما أدى إلى حركة نزوح للأهالي من القرى القريبة من المطار باتجاه ريف مدينة منبج الجنوبي ومدينة الطبقة، حسبما أكد الناشط الحقوقي في المعهد السوري للعدالة، أحمد محمد.
ويبدو أن النظام السوري يريد السيطرة على مدينة دير حافر التي لا يبعد عنها سوى بمسافة خمسة كيلومترات، وفق اعتقاد محمد، الذي أوضح لـ"
عربي21"؛ أن التقدم نحو المدينة يعني بالضرورة التوجه نحو مسكنة ومطار الجراح العسكري، وصولا إلى حدود ريف منبج الجنوبي، وبالتالي قطع إمداد التنظيم بشكل كامل بين حلب والرقة، وإنهاء تواجده في "ولاية حلب".
وأكد أنه لا يمكن بناء تصور حقيقي في الوقت الحالي عمّا إن كان النظام السوري لديه نوايا أخرى أو "تهديد" مدينة منبج التي تسيطر عليها قوات
سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية؛ بالتوجه إليها ضمن هذه الخطة العسكرية.
ويرى أن تقدم النظام السوري في مدن ريف حلب الشرقي بالتزامن مع وقف إطلاق النار الساري بينه وبين فصائل المعارضة، إلى جانب انحسار تنظيم الدولة وتقدم قوات سوريا الديمقراطية على حساب درع الفرات، سيوفر نصرا معنويا لقواته، باعتبار الخيارات العسكرية الإضافية ستكون لصالحه على حساب المعارضة، كخلق عائق أمام مشاركة هذه الأخيرة بمعركة الرقة إلا بعد التوافق معه أو مع قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة لكون التقدم في مناطق ريف حلب الشرقي يحمل أهمية من حيث المساحات الزراعية وقربها من نهر الفرات، ونقطة ربط بين محافظة الرقة وحلب.