نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن السيناريو الذي لعبته
إيران وراء كواليس المحادثات في أستانة، وهو ما ساهم في فشل
المفاوضات غير المباشرة بين المعارضة والنظام السوري، على الرغم من تسجيل بعض التقدم نحو إيجاد حل للنزاع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن طهران انضمت إلى
روسيا وتركيا "لتعزيز" التهدئة. ولكن بقيت النوايا الحقيقية للنظام الإيراني، جنبا إلى جنب مع النظام السوري، غامضة خلال جميع مراحل المفاوضات التي عقدت في العاصمة الكازخية.
وأضافت الصحيفة أن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في
سوريا رهين بالقرار الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الصورة التي تم التقاطها لنائب وزير الخارجية الإيراني، حسين الأنصاري الجابري، وهو يصافح بفتور مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، كل الشكوك حول النوايا الشيعية الحقيقية.
وأفادت الصحيفة أن البيان الذي لم يوقّع عليه النظام السوري ولا المعارضة السورية، ينذر بعدم وجود أي "حل عسكري" لهذا الصراع القديم المتجدد. لكن الأمر المثير للاستغراب يتمثل في أن أعضاء "الترويكا" تعهدوا باستخدام نفوذهم على كلا الطرفين المتنازعين لتأمين تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيان الختامي لهذا المؤتمر تطرق إلى إعلان قرار مجلس الأمن (2254) الذي يثير مسألة مستقبل "الانتقال السياسي" في البلاد. لكن هذه الإشارة قد عارضتها طهران بشدة؛ نظرا لأنها تهدد استدامة النظام في سوريا.
وبينت الصحيفة أن دي ميستورا، الذي أصبح يتمتع بنفوذ واضح، أكد أن كلا من موسكو وطهران وأنقرة "أخذوا على عاتقهم مسؤولية ضمان عملية السلام في سوريا"، مشيرا إلى "الدعم السياسي النشط" الذي لا تتوانى إيران عن تقديمه لدمشق.
وفي هذا السياق، أوردت الصحيفة عن رئيس وفد المعارضة السورية، محمد علوش، قوله: "حتى الآن، لم نحرز أي تقدم ملموس في المفاوضات بسبب التعنت الذي أبداه كل من النظامين الإيراني والسوري".
وأضافت الصحيفة أن
تركيا استثنت الأكراد من اتفاق وقف إطلاق النار. أما مصير المعارضة التي حضرت محادثات أستانا؛ فهو بيد موسكو، التي تبدو أنها غير مستعدة في الوقت الحالي لمغادرة "المستنقع" السوري، على غرار طهران التي لا تريد بدورها الانسحاب من صراعها الأكبر مع العالم السني، في مواجهة المملكة العربية السعودية بشكل أساسي.
وقالت الصحيفة إن المحللين الروس يؤكدون أن طهران لديها مصالح تجارية طويلة المدى في سوريا، حيث أنها وقّعت مؤخرا اتفاقا مع النظام السوري يهدف إلى التنقيب عن النفط في منطقة تدمر، وإنشاء شبكة للهاتف المحمول في سوريا. علاوة على ذلك، بدا نفوذ إيران واضحا عندما رفضت بصفة قطعية حضور أي ممثل للولايات المتحدة في أستانا.
وفي هذا السياق، قال دبلوماسي غربي إنه "يجب ألا نخدع أنفسنا، فالنظام السوري الحالي أصبح صورة طبق الأصل عن إيران". من جانب آخر، رحب مصدر مقرب من النظام بعدم الموافقة على طلب المعارضة الذي يتعلق بضرورة مغادرة المليشيات الشيعية الأراضي السورية في غضون 30 يوما.
في المقابل، أشار مصدر دبلوماسي آخر إلى المناوشات التي تجري بين الجيش الروسي والمليشيات الإيرانية حول وادي بردى، المصدر الرئيسي لإمدادات المياه لدمشق، والذي يحاول النظام استعادته من أيدي المعارضة السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس وفد النظام السوري، بشار الجعفري، ألقى باللوم على الفصائل المعارضة "المتطرفة"؛ لأنها انتقدت تواجد طهران، وهدد أنه "طالما يحرم 7 ملايين سوري من المياه، فإنه سوف يستمر جيشنا بعملياته".
وأوردت الصحيفة عن الجعفري قوله إن "إيران لعبت دورا إيجابيا في كتابة البيان الختامي لمحادثات أستانا، فضلا عن أنها تعتبر أحد الضامنين الثلاثة لعملية السلام على غرار كل من روسيا وتركيا".