نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الدستور السوري الجديد الذي كتب بأياد روسية، واستغلت موسكو قمة أستانا للكشف عنه، مشيرة إلى أن "هذا المقترح لم يلق استحسان سوى قلة قليلة من ممثلي
المعارضة السورية".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف، دعا إلى اجتماع في موسكو للحديث أكثر عن الدستور السوري الجديد، مؤكدا أن جميع ممثلي "المعارضة" مرحب بهم للمشاركة في هذا الاجتماع.
وأضافت أنه "في المقابل؛ رفضت أحزاب المعارضة والمتمثلة في كل من اللجنة العليا للمفاوضات، والتحالف الوطني السوري، دعوة لافروف".
وأشارت إلى أن لافروف ألمح إلى تأجيل مفاوضات جنيف المتعلقة بإيجاد حل للأزمة السورية المزمع إجراؤها في 8 شباط/ فبراير القادم، تحت رعاية الأمم المتحدة، "وعلى الرغم من انتشار هذه الإشاعة داخل أروقة أستانا؛ إلا أن المنظمة الأممية لم تعلن رسميا عن تأجيل القمة".
وأكدت الصحيفة أن موسكو، التي تقدم نفسها "كعراب المفاوضات الروسية"، تسعى لاستغلال فرصة غياب الولايات المتحدة بهدف الإسراع في إجراء المفاوضات بما يتماشى مع أجندتها الخاصة، في حين لا يزال الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، منكبا على تكوين ملامح إدارته الجديدة.
وتحدثت الصحيفة عن نية موسكو تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 2254، الذي من شأنه أن يقدم حلا سياسيا للخروج من الأزمة السورية، مشيرة إلى تعليق لافروف على هذا القرار قائلا: "نحن مقتنعون تماما بضرورة تجنب المماطلة، والتركيز على أهم النقاط التي جاء بها القرار 2254، والذي يتطابق مع رؤيتنا حول إنشاء دستور سوري جديد".
وتابعت الصحيفة: "في الواقع؛ لم يرض اجتماع موسكو حول الدستور السوري الجديد إلى حد الآن وزير الخارجية الروسي، فقد شهد الاجتماع حضور 11 ممثلا فقط عن المعارضة السورية. ومن جهة أخرى؛ شبه أحد الحاضرين الدستور السوري الجديد بأنه نسخة مطابقة للأصل لمشروع القانون الأساسي في العراق، والذي أعلن عنه سنة 2004 برعاية أمريكية ممثلة بحضور بول بريمر".
وأشارت إلى أن لافروف امتعض من هذا التشبيه، معبرا عن ذلك بالقول إن "هذا التشبيه ليس في محله، نظرا لأن أولئك الذين اجتمعوا في العراق سنة 2004 بهدف كتابة دستور جديد للعراقيين؛ هم عبارة عن مجموعة من الغزاة".
وقالت الصحيفة إن
بشار الأسد لن يرضى بدستور يحد من صلاحياته، ويضعف تأثيره السياسي، خاصة أن الجيش السوري الجديد لن يكون "ملكا" له، ولا حتى لحاشيته المقربة، فبحسب البند العاشر من الدستور الجديد "سيخضع الجيش السوري لرقابة الشعب، وستقتصر مهامه فقط على الدفاع عن
سوريا، والسهر على حماية وحدتها الترابية. كما أن الجيش لن يكون أداة لقمع الشعب، ولن يتدخل في أية قرارات سياسية، فضلا عن أنه لن يكون له أي دور خلال عملية نقل السلطة".
ونقلت الصحيفة على لسان خالد عيسى، الممثل عن أكراد سوريا، خلال خروجه من اجتماع موسكو، قوله إن "هذا الدستور يحتوي على عدة جوانب إيجابية، من بينها إلغاء كلمة (عربية) من اسم الجمهورية السورية، مع الحد من هيمنة طائفة واحدة على حساب باقي الطوائف. لكنني لا أنكر أن هذا المشروع الدستوري يعاني من نقائص تجعله لا يستجيب كليا لتطلعات الشعب السوري".