تزايدت في الأيام الأخيرة حوادث استهداف
الأقباط في شمال
سيناء على يد مسلحين يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة.
وتفيد المعلومات بأنه تم يوم الأربعاء الماضي حرق أحد الأشخاص الأقباط حيا أمام والده على الطريق العام، قبل أن يجهزوا عليه رميا بالرصاص لاحقا. كما لقي قبطي مصرعه بطلقات نارية في مدينة العريش يوم الخميس، بعد اقتحام مجموعة من الملثمين منزله الذي أضرمت فيه النار بعد ذلك.
نزوح جماعي
وأثارت هذه الحوادث، التي تجاوزت السبعة خلال أقل من أسبوعين، حالة من الفزع بين الأقباط في شمال سيناء، خاصة بعد تلقي العديد منهم رسائل عبر الهاتف تهددهم بالقتل إذا لم يغادروا هذه المنطقة الملتهبة.
وقالت تقارير صحفية إن عددا كبيرا من الأقباط تركوا منازلهم، في موجة من النزوح الجماعي، خوفا من استهدافهم، وتوقعت أن تخلو المنطقة من الأقباط خلال أيام قليلة.
وأكد منسق ائتلاف الأقباط بشمال سيناء، أبانوب جرجس، في تصريحات صحفية الخميس، تعرض الأقباط لعمليات تصفية ممنهجة فى سيناء منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، دفعتهم لترك مناطق رفح والشيخ زويد والعريش.
يشار إلى أن
تنظيم الدولة؛ أعلن في مقطع فيديو بثه الأسبوع الماضي، وظهر فيه الشخص المنفذ لتفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة الذي وقع في شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي، أنه سيواصل استهداف الأقباط خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن تفجير الكنيسة البطرسية مجرد بداية لسلسلة من الهجمات ضد الأقباط في المستقبل.
وأعلنت وزارة الداخلية أن قوات الشرطة نفذت حملات أمنية مكثفة في أحياء العريش؛ لضبط المتهمين بقتل المواطنين الأقباط، كما قامت بتشديد إجراءات التأمين حول الكنائس لحمايتها من أي هجمات إرهابية.
وفي أعقاب هذه الحوادث، أصدر محافظ شمال سيناء قرارا بمنح الأقباط العاملين بالقطاع العام إجازات مفتوحة عن العمل إذا ما رغبوا في ذلك، بعد تزايد طلباتهم بمغادرة المدينة لحين استعادة السيطرة الأمنية عليها.
وأدانت الهيئة القبطية الأمريكية؛ قتل مواطنين أقباط بمدينة العريش، وقالت في بيان لها مساء الأربعاء الماضي إنها لا يمكنها السكوت عن هذه الجرائم، مشيرة إلى أن "طرق قتل المسيحيين تجاوزت الحدود، وتأخذ كل الصور من تعذيب أو رميا بالرصاص أو تفجير أو الحرق أحياء".
وطالبت الهيئة وزارة الداخلية والقوات المسلحة بـ"سرعة ضبط الإرهابيين للحد من نزيف المسيحيين الذي تجاوز السبعة خلال أسبوعين فقط"، وفق البيان.
فشل بحماية الأقباط
وتعليقا على هذه الهجمات، قال أستاذ العلوم السياسية محمد شوقي، إن هذه الحوادث المتكررة تؤكد أن النظام "فشل بشكل كبير في حماية أقباط سيناء وتأمينهم، وهذا أمر أصبح واضحا للجميع"، مشيرا إلى أن النظام "يحاول بشتى الطرق كسب رضا الأقباط حتى لا تنقلب عليه أمريكا والغرب ويتم التدخل بشكل أكبر في الشؤون الداخلية للبلاد، بالإضافة إلى احتجاجات أقباط المهجر الذين يمثلون صداعا في رأس النظام".
ورأى شوقي، في حديث لـ"
عربي21"، أن "ما يفعله تنظيم داعش مع الأقباط في سيناء سيؤثر على علاقة الأقباط مع النظام، وسيتسبب في شرخ كبير بين الطرفين"، متوقعا أن "ينقلب الأقباط على النظام لو استمرت العمليات الإرهابية بهذه الوتيرة"، وفق تقديره.
وأوضح أن سبب استهداف تنظيم الدولة للأقباط هو "الفكر المتطرف الذي يعتنقه، ويجعل عناصره يرون الأقباط كفارا حلال قتلهم، فلا عجب إذا كانوا يقتلون مسلمين مثلهم لأنهم مختلفين معهم في التوجهات السياسية فكيف بأشخاص من دين آخر"، على حد قوله.
غليان بين الأقباط
من جانبه، قال الباحث السياسي محمد كمال؛ إن "النظام ليس عاجزا فقط عن حماية الأقباط، لكنه غير قادر أيضا على حماية عموم
المصريين، مسلمين ومسيحيين، وأصبح لديهم مشكلة مع النظام"، مؤكدا أن علاقة النظام بالأقباط لم تعد كما كانت في 30 حزيران/ يونيو 2013، ولن تعود كما كانت، بسبب التقصير الأمنى الشديد، وفق تقديره.
وأوضح كمال لـ"
عربي21"؛ أن "الأوضاع الأمنية في البلاد أصبحت متدهورة للغاية، في ظل تزايد العمليات الإرهابية التي تقتل كل يوم أفرادا من الشعب دون تمييز"، لافتا إلى أن "تفجير الكاتدرائية الأخير أثبت أن الأمن غير موجود، وغير قادر على حماية أحد".
وحول ردود فعل قيادات الكنيسة على هذه العمليات، قال كمال إن "حالة الغليان بين الأقباط والقساوسة ضد السلطة أصبحت واضحة"، معتبرا أن "البابا تواضروس قادر حتى الآن على منع الأقباط من الانفجار باعتباره شخصية عقلانية، وقادر إلى حد ما على احتواء الأزمات، لكن لو كان البابا شنودة ما زال حيا لكان الخلاف والصراع بين النظام مع الكنسية وصل لذروته؛ لأن البابا شنودة معروف بحماسه ونصرته للأقباط حتى لو عادى الدولة".