بشروعها في
محاكمة كاتب رواية "
مدينة الظلال البيضاء"، الطالب الجامعي
أنور رحماني، تدخل
الجزائر نادي الدول العربية والإسلامية التي تحاكم كتابها بتهم "التجديف" و"ازدراء الأديان" و"سب
الذات الإلهية".
أنور رحماني كاتب روائي وطالب جامعي لم يتجاوز عمره الـ25 سنة، يحال على النيابة العامة في الجزائر في ملف جنائي بتهمة الإساءة إلى الإسلام في رواية "مدينة الظلال البيضاء"، التي نشرها العام 2016.
سابقة جزائرية
قال أنور رحماني، كاتب رواية "مدينة الظلال البيضاء": "كل ما أعرفه أن محاكمة رواية خيالية هو أمر غير معقول تماما فإما أن الفهم القاصر للنص كان السبب وراء ذلك، أو التأويل المسيس لذلك وفي كلتا الحالتين فهذه سابقة خطيرة في الجزائر".
وتابع أنور رحماني في تصريح لـ"
عربي21"، عن سبب المتاعبة: "الإجابة لدى من دفع بالنائب العام أو ما دفع النائب العام للإقدام على ذلك، وطبعا هذا من الإجراءات القانونية المخولة للنائب العام".
وعن خطورة متاعبة كاتب في الجزائر، أضاف رحماني، أن "الخطورة كبيرة جدا أكثر منها قانونية؛ فهناك مجتمع لا يقرأ يحكم على الإنسان من خلال ما سمع عنه وقد يمثل له تهديدا حقيقيا في الحياة، أما المحاكمة فهي إجراء قانوني يحق لي فيه الدفاع عن النفس".
وأوضح الكاتب أن "الرواية لم تحمل في طياتها تلك النظرة الشرسة ضد الله، وإنما كانت في إحدى مقاطعها ترسم البعد الوجودي لإنسان في حوار فلسفي بين طفل وإنسان مجنون ومتشرد إجابته ليست بعيدة عن حالته العقلية التي يدعي فيها أنه الله".
وسجل أن "ما يعنيه لي الأمر أن نصي قد استطاع أن يضفي حرارة فكره وأن يوصل فكرته الفلسفية العميقة إلى وجدان القارئ، والقارئ الذكي سيفهم النص جيدا بينما الغبي سيختبئ وراء تلك الصورة السيئة التي صنعها بنفسه عن الله".
وفضل الكاتب عدم الجواب عن سؤال محاكمته حول "التهرب من الخدمة الوطنية"، قائلا: "لا أريد أن أجيب عن هذا السؤال؛ من فضلك اعذرني".
مخاوف حقوقية
دعت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" النيابة العامة في الجزائر إلى إسقاط تحقيقها الجنائي بتهمة الإساءة إلى الإسلام بحق كاتب لرواية نشرها العام 2016.
وقالت في بيان نشرته الخميس: "على السلطات الجزائرية تعزيز حرية التعبير واتخاذ خطوات فورية لإلغاء النصوص القانونية التي تحاكم على الإساءة للدين".
ونقلت "رايتس ووتش" عن رحماني قوله: "إن رجال الشرطة وجهوا إليه أسئلة من قبيل: (هل تصلي؟)، (لماذا أهنت الله؟)، (لماذا كتبت مثل هذه الرواية؟). قالوا له إن لهجة الرواية الساخرة أهانت الإسلام، وإن المفردات الجنسية تتعارض مع الأخلاق الحميدة".
وقالت "رايتس ووتش" إن القوانين التي تجرم إهانة الدين أو الجماعات الدينية غير متوافقة مع معايير حرية التعبير.
وسجلت أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تعليقها العام على المادة 19 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه الجزائر، قالت إنه "يتعارض مع العهد حظر إظهار قلة الاحترام لدين أو نظام عقائدي آخر، بما في ذلك قوانين التجديـف... ولا يجوز أن تستخدم حالات الحظر تلك لمنع انتقاد الزعماء الدينيين أو التعليق على مذهب ديني أو مبادئ عقائدية أو المعاقبة عليها".
وشددت على أن تكفل المادة 42 من الدستور الجزائري حرية الفكر والوجدان، وتحمي المادة 44 حرية "الابتكار الفني".
من جهتها نددت منظمة "فرونت لاين ديفندرز" غير الحكومية الدولية في 2 يونيو/ حزيران 2016 باتهامات الكفر والردة ضد رحماني على صفحات وسائل الإعلام الاجتماعي من طلاب في جامعته، وكذلك في مجلة جزائرية يومية.
المحاكمة العسكرية
استجوبت الشرطة القضائية في مدينة تيبازة، التي تبعد 70 كيلومترا عن الجزائر العاصمة، طالب القانون والروائي أنور رحماني (25 عاما) في 28 فبراير/ شباط 2017..
قالت له الشرطة إن النيابة العامة فتحت تحقيقا في رواية "مدينة الظلال البيضاء"، التي نشرها على الإنترنت في أغسطس/ آب 2016. ورفعت تقريرا اتهمته فيه بالإساءة للإسلام في روايته.
وقالت "الشروق" الجزائرية، إن الفرقة الجنائية التابعة لمديرية الشرطة القضائية بأمن تيبازة الأسبوع الماضي لأقوال الروائي والطالب الجامعي المثير للجدل (أنور رحماني) حول ما تضمنته روايته (مدينة الظلال البيضاء) من إساءة للدين واستعماله لألفاظ جنسية تخدش الحياء.
وأضافت "تبين خلال مراحل التحقيق وتعريفه أنه لم يسو وضعيته تجاه الخدمة الوطنية مما يعني انه في حالة عصيان، ليتم اثر ذلك تحويله إلى مصالح الدرك الوطني المختصة في مثل هذه القضايا".
وتابعت بأنه "أثناء مراحل التحقيق، تم إخضاع المعني للتعريف، إن تبين أنه لم يسو وضعيته تجاه الخدمة الوطنية وهو ما يعني أنه في حالة عصيان من أداء الخدمة الوطنية، الأمر الذي يعرضه للمحاكمة العسكرية، حيث تم إثر ذلك تحوله إلى مصالح الدرك الوطني المختصة للنظر في قضية عدم تسوية وضعيته تجاه الخدمة الوطنية".
ورغم أنها أول متابعة لكاتب أدبي في الجزائر بتهمة التعدي على الدين، إلا أن موقف الأدباء والكتاب في الجزائر تراوح بين رفض الإجابة والتحفظ في الإجابة، فيما قلة فقط كانت لهم الجرأة لإبداء آرائهم حول قضية الشاب أنور رحماني الذي تعرض للتحقيق بسبب مقطع من روايته، بحسب ما قالت جريدة "المحور اليومي".
ويسود تخوف من أن يكون مصير أنور شبيها بمصير سليمان بوحفص الذي حكمت عليه محكمة الاستئناف في سطيف في سبتمبر/ أيلول 2016؛ الذي اعتنق المسيحية؛ بالسجن ثلاث سنوات بسبب منشورات على "فيسبوك" بموجب نفس المادة في قانون العقوبات بتهمة "إهانة الإسلام".