في الوقت الذي تعكف فيه ما تسمى بلجنة
العفو الرئاسي في
مصر على الانتهاء من إعداد القائمة الثالثة للإفراج عن الشباب المحبوسين، بعد إطلاق الدفعة الثانية، الثلاثاء، قلل ذوو محبوسين، وسياسيين وحقوقيين، من جدوى مثل تلك القوائم، نظرا لشروط الإفراج التي تستثني أي فرد ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، رغم وجود آلاف من أعضائها في
السجون.
وضمن قائمة العفو الثانية، أفرجت مصلحة السجون، الثلاثاء، عن 203
معتقلين؛ صادر بحقهم أحكام قضائية نهائية في قضايا تظاهر وتجمهر. وتضمن قرار العفو؛ "الإعفاء عن العقوبة الأصلية وما تبقى منها والعقوبة التبعية".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ تشكلت لجنة لفحص ومراجعة موقف الشباب المعتقلين على ذمة قضايا، أعقبها صدور أول قائمة بالعفو تضمنت 82 معتقلا فقط على ذمة قضايا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
إجراءت بطيئة
وقال نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عبد الغفار شكر، لـ"
عربي21"، إن "قائمة المفرج عنهم خرجت بأقل مما كان متوقعا، إذ كان الحديث يدور حول 500 اسم"، وأرجع ذلك إلى "مراجعات الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) للأسماء، واستبعاده لبعضها".
وبشأن أعداد الشباب المعتقلين، أكد شكر أنه "لا توجد إحصائية لدينا بعددهم، ونحن نتواصل للإفراج عن الناس، ولم يحصل أن طلبنا معرفة أعدادهم"، مشيرا إلى أن المجلس الحالي انتهت مدته منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.
ورأى أن "قوائم العفو تصدر ببطء، ليس بسبب بطء في اللجنة، ولكن بسبب التأخر في التنفيذ"، وأرجع السبب إلى مراجعة القائمة من جهاز الأمن الوطني الذي يقول رأيه النهائي فيها، كما قال.
لا أعداد للمعتقلين
بدوره، استغرب عضو لجنة العفو، كريم السقا، من تصريحات شكر بشأن تقليص قائمة المفرج عنها، واكتفى بالقول إن "الدكتور عبد الغفار شكر ليس عضوا في لجنة العفو الرئاسي".
وفيما يتعلق بأعداد الأسماء في القوائم، قال لـ"
عربي21": "إنها تتفاوت وفق من تنطبق عليهم شروط اللجنة من بين الحالات التي تدرسها، وعلى حسب حجم العمل المبذول من اللجنة. فالقائمة الأولى جاءت بعد أسبوعين من العمل، أما القائمة الثانية فجاءت بعد أكثر من شهر".
وبسؤاله عن أعداد الشباب المعتقلين، اكتفى السقا بالقول: "ندرس الأسماء التي ترد إلينا، وتنبطق عليها الشروط، وتدرس اللجنة كل حالة على حدة"، مشيرا إلى "وجود قوائم أخرى في المستقبل، وتستبعد اللجنة كل من تورط في أعمال عنف أو تخريب، أو انضم لجماعات إرهابية؛ كجماعة الإخوان"، على حد وصفه.
قوائم "تمييزية"
وقالت "أ.ح"، وهي زوجة أحد المعتقلين السياسيين، إنها سجلت اسم زوجها في القوائم الأولى "من باب الأخذ بالأسباب، وطرق جميع الأبواب، مضيفة لـ"
عربي21": "نحن في بلد يفتقر لكل الآليات العادلة، وليس أمامنا سوى توزيع جهودنا على كل المستويات والجهات لنصرة المعتقلين، والإفراج عنهم".
واعتبرت أن إصدار مثل هذه القوائم، بهذا العدد الضئيل "القصد منه تبييض وجه النظام"، واستدركت قائلة: "ولكن أي خطوة تؤدي للإفراج ولو عن جزء ضئيل من المظلومين لا نملك إلا متابعتها، لا سيما أنه لا عدالة في محاكمة المعتقلين"، واصفة استثناء جماعات بعينها من قوائم العفو بـ"الإجراءات التمييزية".
إسقاط الحرج
بدوره، علق مدير المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، على إصدار قوائم العفو، بالقول: "السيسي يحتاج كل فترة أن يخاطب الغرب بلغة حقوق الإنسان، حتى يسقط عنه الحرج، ولكنه في الوقت ذاته يستمر في ارتكاب الانتهاكات بحق المصريين"، بحسب تعبيره.
وقال لـ"
عربي21": "إذا فتشنا في قوائم العفو، سنجد أغلبها لمحكوم عليهم شارفت مدد عقوبتهم على الانتهاء"، مضيفا: "ماذا ينفع العفو عن مئة أو مئتين، وهناك أكثر من 30 ألفا ما زالو رهن الاحتجاز التعسفي، والمحاكمات التي تنتهك معايير المحاكمة العادلة؟".
إفراج وهمي
ورأى الناشط السياسي والمحامي، عمرو عبد الهادي، أن مثل "تلك القوائم تأتي لإرضاء الإدارة الأمريكية، التي طالبت بإصدار مثل تلك القوائم".
وقال لـ"
عربي21" إن "معظم المفرج عنهم جنائيون، أما السياسيون منهم فيعدون على أصابع اليدين، ومدد حبسهم شارفت على الانتهاء".
ودلل على حديثه بالقول إن "جميع النشطاء والسياسيين المعروفين ما زالوا خلف القضبان، كأمثال علاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر، فالأول لازال أسر الاعتقال، والثاني يقضي فترة مراقبة أسوأ من السجن، لذا فلن ننتظر ممن قتل الآلاف، واعتقل 80 ألف إنسان، أن يهتم بالإفراج عن أحد"، وفق تعبيره.