اعتبر عدد من الصحفيين
المصريين أن رئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، تمكن من بسط مزيد من هيمنته على المشهد الإعلامي والصحفي في مصر، بعد قراره بتشكيل هيئتين إعلاميتين، ومجلس أعلى للإعلام، الثلاثاء.
وغلب على تشكيلهم عدد كبير من رموز إعلام الرئيس المخلوع حسني
مبارك، وتم إسناد رئاسة المجلس إلى مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، الموالي للسيسي ومبارك معا.
وأصدر السيسي، باعتباره "رئيس الجمهورية"، الثلاثاء، ثلاثة قرارات جمهورية، تحمل أرقام 158 و159 و160، بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، طبقا لنصوص القانون 92 لسنة 2016.
وجاء القرار الرئاسي، الذي نقلته الوكالة الرسمية المصرية، "بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام (كأعلى مجلس لإدارة شؤون الإعلام والصحافة)، والهيئة الوطنية للإعلام (بديلا لاتحاد الإذاعة والتلفزيون الحكومي)، والهيئة الوطنية للصحافة (بديلا للمجلس الأعلى للصحافة وتدير شؤون العمل الصحفي)".
اقرأ أيضا: بعد تحذير السيسي.. غلق وحبس وارتباك بإعلام مصر (شاهد)
وكان دستور 2014، حدّد نظام الإعلام المصري، عبر الهيئات الثلاث، وصدّق السيسي في 27 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على القانون رقم 92 الخاص بالتنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، الذي أقره "مجلس نواب ما بعد الانقلاب"، في جلسته العامة يوم 14 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وسط اعتراضات صحفية على التسرع في إتمام ذلك دون إقرار قانون للصحافة وللإعلام.
ويتضمن القانون 92 نحو 89 مادة، تتعلق بتشكيل ومهام واختصاصات كل من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
ويختص المجلس بأمور عدة أبرزها: إبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله، وتلقي الإخطارات بإنشاء الصحف، ومنح التراخيص اللازمة لإنشاء وسائل الإعلام المسموع والمرئي والرقمي وتشغيلها، ووضع وتطبيق الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقياتها، ووضع القواعد والمعايير المهنية الضابطة للأداء الصحفي والإعلامي والإعلاني بالاشتراك مع النقابة المعنية.
أبرز الأسماء.. رموز مبارك
ووفقا للتشكيلات التي أعلنها قرار السيسي، يرأس نقيب الصحفيين الأسبق المقرب من النظام، مكرم محمد أحمد، (آخر نقيب للصحفيين في عهد مبارك)، المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أما الهيئة الوطنية للصحافة، فيترأسها، كرم جبر، آخر رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف في عهد مبارك، وهي إحدى المؤسسات الصحفية الحكومية، في حين يرأس الهيئة الوطنية للإعلام رئيس قطاع القنوات المتخصصة بتليفزيون الدولة، حسين زين.
وضمت تشكيلات المجالس الثلاثة أسماء رموز سابقين لإعلام مبارك، هم: الصحفي الموالي حاتم زكريا، والرئيس الأسبق لمجلس إدارة "الأهرام" عبد الفتاح الجبالي، والرئيس الحالي لتحرير الأهرام محمد عبدالهادي علام، والنقيب الأسبق للصحفيين ضياء رشوان، ورئيس "وكالة أنباء الشرق الأوسط" الأسبق عبد الله حسن، وممثلا نقابة الإعلاميين حمدي الكنيسي وجمال الشاعر، ورئيس تحرير "الأهرام المسائي" علاء ثابت.
اقرأ أيضا: تسعة مؤشرات على انقلاب محتمل ضد السيسي.. ما حقيقتها؟
ماذا قالوا عقب تعيينهم؟
وفي أول تصريحات له عقب تعيينه، قال مكرم محمد أحمد، في مداخلة هاتفية ببرنامج "هنا العاصمة"، عبر فضائية cbc، إن المهمة صعبة، وإن هناك مهاما خاصة بضبط الأداء التلفزيونى بالقنوات الفضائية كافة.
وأشار إلى أن صحفيى المواقع الإليكترونية غير المنتمين للصحف الورقية، قد يصلون إلى 30 أو 40 ألفا، مضيفا: "لن نكبت الآراء والحريات، ولن نغلق القنوات، ولا ينبغى أن يزايد علينا أحد".
وأضاف في تصريحات أخرى لصحيفة "اليوم السابع"، أن وضع الإعلام في مصر يحتاج إلى علاج جذري، وجراحات شديدة، مشددا على أنه سيجتهد في التوافق على خريطة لإصلاح الصحافة سواء الخاصة أو القومية أو الإلكترونية.
من جهته، قال الكاتب الصحفي، كرم جبر، في تصريحات صحفية مماثلة، إن أبرز التحديات التى تواجه الهيئة هو التعامل مع المشكلات المتراكمة على المؤسسات الصحفية القومية على سنوات طويلة، وأهمها الديون، والأعباء الإدارية، والتعاون مع الهيئات الإعلامية للتوصل لميثاق شرف إعلامي، وإعلاء شأن القضايا القومية التي تخدم الدولة، وفق قوله.
ورأى ضياء رشوان، بحسب "اليوم السابع"، أن الصحافة القومية قاطرة الصحافة المكتوبة، وصاحبة الصناعة، ففيها كل المطابع و شركات التوزيع، والعدد الأكبر من الصحفيين، ومن العاملين ما يصل إلى 25 ألف شخص، وبالتالي فإن الحفاظ عليها وتطويرها جزء من الأمن القومي والمجتمعي المصري، حسبما قال.
تعليقات خبراء وصحفيين
رحب نقيب الصحفيين، عبد المحسن سلامة، بالتشكيلات الثلاثة. وقال في تصريحات صحفية، إن تشكيلها مؤجل منذ 15 شهرا، وهو تصحيح أوضاع قانونية خاطئة، وكل رؤساء التحرير وضعهم باطل بصفاتهم، وليس أشخاصهم، وفق قوله.
وفي المقابل، رأى الخبير الإعلامي هشام قاسم، في تصريحات صحفية، أن هيكل هذه الكيانات عمليا ليس له معنى، مشيرا إلى أن التعيينات جاءت لشخصيات حدث عليها خلاف مثل "مكرم محمد أحمد"، الذي ضُرب من الصحفيين عندما كان نقيبا لهم، وكذلك كرم جبر، بالإضافة لكثير من الأسماء.
ومتفقا مع قاسم، قال أستاذ الإعلام في الجامعة العربية، حافظ الميرازي، إن الهيئات لن يكون لها دور إضافي، مؤكدا أنه تم تشكيلها فقط لأن الدستور ينص على ذلك، والرئيس السيسي أراد أن ينتهي من تلك المادة بتشكيل تلك المجالس، وفق قوله.
ورأى الكاتب الصحفي يونس حمزاوي أن تعيينات السيسي للهيئات الإعلامية، شهدت هيمنة لرجال وفلول نظام مبارك.
وأخيرا، سخر الكاتب الصحفي أحمد عبد العزيز من المشهد العام للإعلام بمصر، بعد إحكام السيسي قبضته عليه، فقال: "مكرم رئيس هيئة الإعلام، وسلامة نقيبا للصحفيين، وأسامة هيكل رئيسا للجنة الثقافة والاعلام في البرلمان.. إيه رأيك في المشهد الصحفي والإعلامي في مصر.. فُلة...صح؟".