محمد خالد العبود، مواطن سوري من مدينة إدلب، حاله كحال ملايين السوريين الذين تركوا بلادهم، حيث وصل إلى
تركيا، واستقر في منزل بإحدى البلدات التابعة لمحافظة سيواس، شمالي تركيا، منذ أكثر من ثلاث سنوات.
"حاولوا حرقي وزوجتي وطفلنا الوحيد".. هكذا بدأ محمد حديثه لـ"عربي21" حول الحادثة الأخيرة التي تعرض لها في بلدة كيزيلجا التابعة لمحافظة سيواس.
ويقول: "على مدار ثلاث سنوات مضت، واجهتني الكثير من الصعوبات، أولاها نظرة سكان المنطقة للاجئين السوريين، واعتبارهم خائنين لبلادهم، وأنهم تركوها للاحتلال وللنظام وغيره، وقد احتد موقف بعضهم أكثر، بعد أن بدأت عملية درع الفرات التي قادتها تركيا إلى جانب فصائل من المعارضة المدعومة من قبلها في شمال وشرقي حلب للسيطرة على مناطق تنظيم الدولة، حيث بات اللاجئ السوري مثيرا للاشمئزاز من وجهة نظرهم؛ لأنه جالس في بلادهم في بر الأمان وأبناؤهم يقاتلون بدلا عنه في
سوريا"، على حد تعبيره.
ويضيف العبود: "قبل أسبوع تقريبا، وبينما كنت أسير وزوجتي في الشارع، كانت مجموعة من الشبان الأتراك تقف على طرف الطريق، وعند وصولي إلى جوارهم قام أحدهم برمي زجاجة كانت بيده علينا، فانكسرت الزجاجة وتناثرت أجزاؤها، إلا أنني لم أحرك ساكنا، ما جعلهم في حالة غيظ على ما يبدو".
وقال: "تتبعوني، وبدأوا يتكلمون بألفاظ بذيئة، ولكوني أتقنت التركية تقريبا، فقد كنت أفهم كل كلمة يتلفظونها، قبل أن يقول أحدهم كلام بذيئا جدا، مفاده أن زوجتي تصلح أن تكون مؤنسة، وهنا توقفت عن السير، وطلبت من زوجتي الابتعاد، وأمسكت بحجر، وتوجهت إليهم، ففروا جميعا، وعددهم أربعة، وبقي واحد منهم فقط، فأمسكت به، وضربت رأسه بالحجر، وأصبته بجروح وتركته، وأكملت مسيري باتجاه المنزل".
وأوضح أنه "بعد مضي ساعة تقريبا، هاجم نحو 10 شبان منزلي، وبدأوا بطرق الباب بقضبان حديدية يحملونها في أيديهم، وسط شتائم وكلمات نابية، إلا أنني لم أخرج؛ لأنهم كثر، ولأنني أخشى على زوجتي وطفلي منهم، فقمت بإحكام الأبواب والنوافذ؛ لأضمن عدم تمكن أحدهم من الدخول إلى المنزل، إلا أن الأمر الذي لم أكن أتوقعه هو محاولتهم قتلي وقتل عائلتي، حيث قام أحدهم بإحضار البنزين وسكبه على الباب والنوافذ، ثم أضرم النار".
ويتابع: "لأول مرة أحسست بالخوف الحقيقي.. دخان يتسلل عبر الفتحات فوق الباب، وزوجتي تصرخ طالبة النجدة، ومن الخارج أشخاص يتوعدون ويهددون بقتلي وحرقي، قبل أن يتلاشى ذلك الإحساس مع سماع صوت الأهالي الذين أبعدوا الشبان عن منزلي وأطفأوا النيران، قبل أن تقوم الشرطة باعتقال الشبان ووضعهم في السجن، إلا أنهم خرجوا بعد أيام بكفالة مالية، ما دفعني لترك المنزل وإنهاء عقدي لدى صاحبه، ورحلت من البلدة باتجاه مركز المدينة".
وبحسب محمد، فإن هناك العديد من الحوادث المشابهة في مناطق أخرى، متحدثا عن شعور بعض الأتراك بأن السوريين سرقوا منهم أعمالهم ومصادر رزقهم، وباتوا ينافسونهم في كل شيء، ما أدى لحدوث عدة صدامات كبيرة، معظمها في المحافظات الجنوبية، كأورفا، وكلس، وكهرمان مرعش، وأنطاكيا، وبعضها أيضا في محافظات شمالية وأنقرة.
وتُتهم مجموعات من القوميين أو مؤيدة لأحزاب المعارضة -التي تتهم الحكومة التركية التي رحبت باللاجئين، ومنحتهم أولوية على الأتراك- بالوقوف وراء هذه
الاعتداءات.
ويشكل وجود السوريين في تركيا موضوعا للمناكفات السياسية، لا سيما مع إعلان الحكومة التركية عزمها على منح الجنسية لقسم من السوريين الذين تتوفر فيهم شروط معينة، ما دفع حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، إلى المطالبة بإجراء استفتاء على تجنيس هؤلاء. وخلال حملات انتخابية سابقة، تعهد زعيم الحزب، كمال كليتشدار أوغلو، بإعادة السوريين إلى بلادهم إذا فاز بالانتخابات.