جاء القصف الأمريكي لقافلة عسكرية موالية للنظام السوري، كانت تسير بالقرب من الحدود الأردنية ومتجهة إلى منطقة التنف على الحدود السورية
العراقية، في 18 أيار/ مايو الجاري، ليسلط الضوء على تسابق الفصائل التي تدعمها الولايات المتحدة، من جهة، وقوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معها، من جهة أخرى، للسيطرة على مناطق شرق
سوريا من يد
تنظيم الدولة.
فبالتزامن مع العمليات العسكرية التي يخوضها النظام السوري والمليشيات الشيعية الإيرانية المتحالفة معه، في محور تدمر- السخنة، وسط سوريا، بدأ النظام هجوما واسعا في 6 أيار/ مايو الجاري، من محور طريق دمشق- بغداد الدولي، حيث استطاع السيطرة على منطقة السبع بيار وحاجز ظاظا.
ويبدو أن النظام السوري يريد من هذه العملية تأمين خط بري يصل بين إيران ودمشق حتى بيروت عبر بغداد، من خلال السيطرة على كامل طريق دمشق- بغداد، وقطع الطريق أمام فصائل
الجيش الحر لفك الحصار عن القلمون الشرقي، بالإضافة لتوسيع نطاق السيطرة في محافظة حمص وبالبادية السورية، على حساب الفصائل، بالشكل الذي يسهل عليه لاحقا خوض معركة دير الزور من أكثر من محور عدا عن إقصاء أي دور للمعارضة فيها.
وقال طلاس سلامة، قائد جيش أسود الشرقية، وهو أحد الفصائل في المنطقة، إن النظام استقدم تعزيزات كبيرة لخوض معركة السيطرة على طريق دمشق- بغداد، وأنه استطاع بفضل التغطية النارية البرية والجوية تأمين محيط مطار السين العسكري، وفق قوله لـ"
عربي21".
ورصدت "
عربي21"، من مواقع إعلامية موالية للنظام، استجلاب النظام لعربات ستريلا التي تحمل صواريخ مضادة للطيران، إلى حاجز ظاظا الذي سيطرت عليه، وتشارك كل من حركة الأبدال العراقية، إلى جانب القوة 313 في قيادة المعركة.
وفي حال السيطرة على طريق دمشق- بغداد، يصبح من السهل على المليشيات الشيعية الحركة والتنقل بين إيران وسوريا ولبنان، ويؤمن هذا الممر لها طريق إمداد عسكري واقتصادي مباشرا، وفقا لسلامة.
وفي المقابل، تعمل فصائل الجيش الحر في البادية السورية على "عرقلة جهود إيران والنظام للسيطرة على هذا الطريق البري، وقامت بتنظيم صفوفها الدفاعية على عمق 10 كيلومترات من المناطق التي يسيطر عليها النظام، كما وضعت أهدافاً هجومية معينة ضد الأخير، وقامت بوضعها تحت مرمى نيرانها وهي مطارات "خلخلة، السين، والضمير"، إضافة إلى محطة سانا الحرارية"، حسب القيادي العسكري.
وفي هذا السياق، شن فصيلا مغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية؛ هجوما واسعا منتصف أيار/ مايو، للسيطرة على منطقة الحميمة الاستراتيجية أقصى شرق مدينة تدمر وسط البادية، بهدف السيطرة عليها من قبضة تنظيم الدولة. وتكمن أهميتها، بأنها نقطة انطلاق إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي لا سيما البوكمال، إلى جانب قطع الطريق على النظام الذي يحاول السيطرة على كامل طريق دمشق- بغداد.
ومن اللافت، مساندة طيران التحالف الدولي لفصائل البادية السورية في معركة السيطرة على منطقة الحميمة، إلى جانب الحديث عن وجود قوات أمريكية خاصة شاركت في المعارك، ما قد يعكس معارضة غربية شديدة لاستفراد النظام وإيران وروسيا في معركة دير الزور، وعدم الرغبة في وصول المليشيات الشيعية قريبا من الحدود الأردنية.
اقرأ أيضا: ماتيس يكشف طبيعة الهدف الذي ضربه "التحالف" جنوب سوريا
وتسير فصائل الجيش السوري الحر في البادية السورية وفق مخطط عسكري واضح لمعركتها التي تهدف، بحسب سلامة، للوصول إلى تدمر ومن ثم دير الزور، لكن بعد فك الحصار عن القلمون الشرقي، "وهي باتت الآن مضطرة لتأمين جبهاتها الدفاعية، وشن هجمات منسقة ضد النظام السوري والمليشيات الأجنبية والمحلية الشعبية المقاتلة إلى جانبه من طرف، وضد تنظيم الدولة من طرف آخر".
وتطرق سلامة إلى هجوم النظام السوري على مواقع انتزعتها فصائل الجيش السوري الحر من تنظيم الدولة في بير القصب، شرق السويداء.
وقال: "المليشيات الشيعية استطاعت التقدم في هذا المحور بعد هجوم واسع شنته إلا أن الثوار استعادوا جميع المواقع، بعد هجوم معاكس، كما سارعت غرفة عمليات"، مضيفا: "سرجنا الجياد لتطهير الحماد"، إلى تعزيز مواقعها في المنطقة لأهميتها، فهي تكشف عمق سيطرة الفصائل في بادية الحماد، وتشكل مدخلا لفك الحصار عن الغوطة الشرقية".
ويقول المقدم عمر صابرين، المتحدث الرسمي باسم قوات أحمد العبدو، إن "فصائل البادية الشامية كانت توقعت مسبقا قيام المليشيات الشيعية التابعة لإيران بفتح ممر بري يصل حتى المثلث السوري الأردني العراقي، لكنها رغم ذلك استطاعت التقدم في نقطتين رئيسيتين على طريق دمشق- بغداد".
وأشار صابرين، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن تنسيقا عالي المستوى ومستمرا يجري بين فصائل البادية "يهدف لمنع المليشيات الإيرانية من الوصول إلى قرب الحدود الأردنية، وأن الفصائل تأخذ بعين الاعتبار التصريحات الرسمية الأردنية إزاء مخاطر هذه المليشيات".
وشدد صابرين على سعي الفصائل لتحقيق هذا الهدف، لافتا إلى أنها كانت تتوقع قيام النظام السوري بشن هجوم لعرقلة مساعيها في هذا الصدد، "لأن النظام يدرك جيداً معنى وجود خط بري قوي لإمداد فصائل المعارضة السورية في القلمون الشرقي، ما قد يؤدي إلى تغيير جذري في المعادلة العسكرية في تلك المنطقة"، وفق صابرين.
وتحدث صابرين عن ضرورة تشكيل كيانٍ عسكري موحد، لـ"مواجهة التنظيمات الإرهابية كافة، بما فيها المليشيات الإيرانية"، كما قال.