نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور، يقول فيه إن الموقف السعودي تضرر فيما يتعلق بحكم المحكمة العليا حول تصدير
بريطانيا السلاح لها، رغم الحكم الذي صدر بأن الحكومة البريطانية قد تصرفت ضمن القانون، مشيرا إلى أن القرار لن يساعد على نهاية الحرب
اليمنية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن قرار المحكمة العليا أشار إلى أن بريطانيا تصرفت ضمن القانون، من خلال إصدار تراخيص لشركات بريطانية لتصدير السلاح إلى
السعودية؛ ليستخدم في الحملة التي تقودها المملكة ضد المتمردين الحوثيين، لافتا إلى أن هذا القرار لن يفعل الكثير لتنظيف علاقة بريطانيا مع الرياض، ولا يسهم في وقف الحرب المدمرة لليمن.
ويقول الكاتب إن الحكم القضائي يظهر الكيفية التي توصلت فيها الحكومة إلى قرارها، وليس الحكمة من ورائه، حيث توصل القرار إلى أن السعودية ربما انتهكت القانون الدولي، وأن هذا الأمر راجع للحكومة البريطانية لتقييمه لا المحكمة، مشيرا إلى أن قرار المحكمة العليا سيؤدي إلى زيادة الضغط لتشديد قوانين بيع السلاح، ويتم في هذه الحالة تخفيض السقف لمنع تصديره.
وتلفت الصحيفة إلى أن حزب العمال أعرب عن نيته إقرار منع تصدير السلاح إلى السعودية في حال وصوله إلى السلطة، مشيرة إلى أن هناك ضغوطا مماثلة ومتزايدة لمنع تصدير السلاح إلى السعودية في الولايات المتحدة.
ويذكر التقرير أن الرياض تعاني من تشويه لسمعتها، حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف"، ونشرت نتائجه في الأيام القليلة الماضية، أن 66% من سكان بريطانيا يحملون مواقف غير جيدة تجاه السعودية، لافتا إلى أن المواقف السلبية من السعودية في فرنسا وألمانيا تصل إلى 75%، و"حتى في الولايات المتحدة فإن ميزان الرأي العام ينحرف ضد السعودية، حيث أن الصبر ينفد مع السعودية في العواصم الأوروبية، خاصة بعد قرارها فرض حصار على
قطر".
ويعلق وينتور قائلا إن "وزارة الخارجية البريطانية، وإن فازت في القضية، التي تقدمت بها الحملة ضد تجارة السلاح، فإنها لا تساهم في خدمة الموقف السعودي، وكان انتصار الحكومة راجعا إلى الأدلة التي قدمتها الخدمات السرية البريطانية. إن العلاقة البريطانية السعودية عادة ما تتسم بالسرية، فهناك تقرير طلبت الحكومة البريطانية إعداده بشأن تمويل التطرف لا يزال قيد السرية ولم ينشر؛ ربما لأن نتائجه لم تكن جيدة في صالح السعودية، التي تريد لندن أن تبقى على علاقة استراتيجية معها، وفي السياق ذاته، فإن لجنة الشؤون الخارجية لم تنشر تقريرا حول الموضوع ذاته، وتم توزيعه على الوزراء فقط".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي تعد فيه السعودية مهمة لبريطانيا في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن القليل تم تفصيله حول كيفية تطوير العلاقة بين البلدين، مشيرة إلى أن علاقة مفتوحة بين البلدين تحتاج من السعوديين القيام بتحول ثقافي، والكشف عن الكيفية التي سيربحون فيها حرب اليمن، ويضعون حدا لنهايتها.
وينوه التقرير إلى أن وزير شؤون الشرق الأوسط الجديد أليستر بيرت لديه فرصة لأن يقلب الصفحة مع السعوديين، ويطالبهم بتحسين الطريقة التي يخوضون فيها الحرب الجوية فوق اليمن، لافتا إلى أن الوزير السابق توبياس إلوود، الذي نقل إلى وزارة الدفاع، وجد نفسه في دائرة الدفاع عن النفس، وطلب من السعوديين أن يكونوا أكثر انفتاحا، لكنه لم يكن قادرا على توبيخهم علنا بسبب عدم نشرهم تقارير حول الأخطاء التي ارتكبوها في الغارات الجوية.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم أن "لا جيش يرغب في الحديث عن فشله، إلا أن السعوديين كانوا أكثر توترا، وهناك الكثير من المخاوف من أن السعوديين لم يكونوا واضحين مع بريطانيا حول استخدامهم للقنابل العنقودية، كما لم يكن البريطانيون واضحين حول علاقتهم مع السعوديين، وإن كانوا يدربون الطيارين السعوديين على الغارات فوق اليمن، أو يقدمون الدعم لهم، وتقييم مرحلة ما بعد الغارات".
وتفيد الصحيفة بأن هناك سلسلة من اللجان في مجلسي العموم واللوردات طالبت بسياسة متشددة في مجال بيع السلاح إلى السعودية، حيث سيكون لدى الوزراء حكم قضائي يسمح لهم بتجاهل الشكاوى من العمال ومسؤول لجنة الشؤون الدولية في مجلس اللوردات لورد هاويل، والمستشارة السابقة لوزير الخارجية السابق اللورد ويليام هيغ، ليدي هيلك، الذين دعوا في الأسبوع الماضي لتعليق بيع السلاح الهجومي للسعودية، لافتة إلى أن المسألة ليست مجرد مسألة قانونية تتعلق بالقانون الإنساني الدولي في قضايا خاصة، لكنها أخلاقية تتعلق بكيفية حماية المدنيين في الحرب.
ويجد التقرير أنه "علاوة على هذا كله، فإن حكم المحكمة العليا لا يعني نهاية للحرب بين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وعبد ربه منصور هادي، وكان السعوديون عندما شنوا الحرب ضد الحوثيين يعتقدون أن قوتهم الجوية ستكون كافية لهزيمة الحوثيين، لكنهم لم ينجحوا، ودخلت الحرب عامها الثالث، وقتل وجرح فيها 13 ألف مدني، بالإضافة إلى أن البلد يواجه انتشار وباء الكوليرا، حيث أن هناك 300 ألف حالة مشتبه بها تم تسجيلها في الشهرين الماضيين".
ويورد وينتور نقلا عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قولها إن وباء الكوليرا خرج عن السيطرة، منوها إلى أن هناك 21 مليون شخص يحتاجون لمساعدة إنسانية، بالإضافة إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين شخص أجبروا على الهروب من بيوتهم منذ عام 2015.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول: "لو استمر النزاع لمدة طويلة، فإن خطر تنظيم الدولة سيزداد، وفي هذا السياق فإن النقاش القانوني في المحكمة الملكية للعدالة مهم، إلا أنه يتقزم أمام مشكلات المنطقة".