تواصل الوحدات الكردية "YPG" احتجاز عدد من المدرسين والشبان الذين اعتقلتهم لمشاركتهم في مظاهرات جرت في حي"غويران" بمدينة
الحسكة السورية يومي 24 و25 آب - أغسطس الماضي، للتنديد بفرض مناهج مدرسية باللغة الكردية.
وتسود حالة من الاحتقان الشعبي في حي "غويران" (مجمل سكانه من المكوّن العربي )، ضد انتهاكات وممارسات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهذا ما جعل البعض يتنبأ بعودة
الثورة للحي مرة أخرى.
ويرى أهالي الحي أن تغيير المناهج يستهدف الهوية والوجود والمعتقد والتاريخ ويشكل خطراً يهدد أجيال المنطقة بغض النظر عن انتمائهم، سواء للمعارضة أو الموالاة.
وقال عضو الهيئة السياسية للتجمع الوطني لقوى الثورة والمعارضة في الحسكة، محمود الماضي، لـ
"عربي21"، إن طفلين ورجلا مسنا أصيبوا خلال قمع "الوحدات الكردية" للمظاهرات بإطلاق الرصاص والقنابل الصوتية على المتظاهرين، واعتقال عشرات الشبان.
وأشار إلى أن "المظاهرة خرجت نتيجة احتقان شعبي عام جراء ممارسات ما يسمى الإدارة الذاتية والانتهاكات بحق أهالي المنطقة من قمع وتجنيد إجباري وتغيير ديموغرافي ونهب للممتلكات الخاصة والعامة ولارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان ضد كل من يعارض سياسات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهذا ما وثقته منظمتا العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش".
وأضاف: "كل هذا الاحتقان فجره إقدام الإدارة الذاتية على تغيير مناهج التعليم وفرض مناهج مؤدلجة باللغة الكردية على جميع مدارس المحافظة، وبقوة السلاح.
وأوضح الماضي، أن الإدارة الذاتية ألغت مادة التربية الدينية الإسلامية وفرضت عوضاً عنها مادة "الثقافة والأخلاق" التي تدرس بحوثا فلسفية وبحوثا عن الديانة "الزردشتية" الغريبة عن هذه المنطقة، إضافة إلى تغييرهم مادة التاريخ، التي باتت تركز على التواجد الكردي والسرياني في المنطقة بشكل مزيف، وتغض النظر عن التواجد العربي والتاريخ العربي للمنطقة.
ولفت إلى أن التغيير طال أيضاً مادة الجغرافية، حيث أصبحت تركز على بحوث الانفصال وتتحدث عن ما يسمونها "روج آفا"، التي تعني "غرب كردستان".
ويبين عضو التجمع الوطني لقوى الثورة في الحسكة أن الإدارة الذاتية قامت بفرض هذه المناهج على مراحل، ففي العام الماضي قامت بتغيير مناهج الحلقة الأولى من مرحلة التعليم الأساسي الصفوف من الأول وحتى الرابع، وهذا العام ستطبق المناهج الجديدة على الحلقة الثانية، من الخامس وحتى التاسع.
ومن جهة ثانية فإن أهالي الحي، الذين يصل عددهم إلى 50 ألفا، باتوا يخشون على مستقبل أبنائهم، لكون هذه المناهج الجديدة غير معترف بها، ومن يحصل على شهادة بعد دراستها، ستكون غير معترف بها من قبل أية جهة رسمية، داخل
سوريا وخارجها، بحسب محمود الماضي.
وقال الباحث والحقوقي، مهند الكاطع، إن "حي غويران الذي يعتبر من أوائل الأحياء الذي انتفض ضد النظام، والذي لم يستطع اقتحامه إلا بعد استخدام المدافع والدبابات ودخله مع حزب العمال الكردستاني قبل أقل من عامين، انتفض من جديد ضد ممارسات حزب العمال الكردستاني عبر الإدارة الذاتية التي أعلنها في سوريا، خاصة أن المسألة باتت تتعلق بالتعليم والمدارس التي بات أكثر من 90% منها تحت سيطرة هذه المليشيات".
وأكد الكاطع
"عربي21"، أن الإدارة الذاتية بدأت بفرض مناهج تكرس أيديولوجيا حزب العمال الكردستاني وتحض على العنف الثوري، ولا تحوي أي قيمة علمية، فضلاً عن مضمونها الركيك لغوياً والذي لا يرقى لأي مستوى.
وتابع: "وللإمعان في تجهيل الجيل القادم، قاموا بفصل المعلمين الأساسيين، وجلب معلمين من حملة الشهادة الإعدادية والابتدائية أيضاً، غير المؤهلين إلا لوظيفة مستخدم".
وأشار إلى أن الخطر الأكبر بموضوع تغيير المناهج هو حذف مادة التربية الإسلامية بشكل كامل، والاستعاضة عنها بمادة تدرس ديانات ومعتقدات لإثنيات لا علاقة لها بالمنطقة وتاريخها وهويتها.
ولفت إلى طرح المناهج الجديدة مادة تدرس فكر ما يسمى "الأمة الديمقراطية"، التي تكرس مفهوم زعيمهم "عبدالله أوجلان" للمنطقة والمستقبل، والتي حوت على صورته بدلاً من صورة "بشار الأسد"، بعد استبدالها بمادة التربية القومية التي فرضها النظام لتدريس منهاج حزب البعث في المدارس.
وتزامنت مظاهرات أهالي حي غويران مع توزيع منشورات في أحياء مختلفة من الحسكة تحض العشائر على الانتفاض في وجوه هذه المليشيات التي اعتبرتها محتلة للمدينة، بحسب ناشطين.
وأصدر التجمع الوطني للشباب العربي، الذي يضم ناشطين وفعاليات مختلفة من أبناء الحسكة، بياناً في 27 آب الجاري، حيا فيه مظاهرات أهالي حي غويران، معتبراً أن سياسات ما يسمّى "الإدارة الذّاتيّة "هذه تسهم في تدمير العملية التعليمية في سوريا، وصولاً إلى جيلٍ لا يجد ملاذاً إلا العسكرة في كسبِ لقمة العيش، وهي محاولات بائسة لفرض الأيديولوجيا الشّموليّة لمنظومة العمّال الكردستانيّ"، بحسب البيان.