حذر تيار المستقبل، الذي يتزعمه رئيس الحكومة
اللبنانية سعد الحريري، من احتمالية تفكّك التسوية القائمة في لبنان في حال مضي فريق رئيس الجمهورية
ميشال عون في التطبيع مع النظام السوري.
وأكد نائب عن التيار، لـ"
عربي21"، أن طرح قضية ترحيل
اللاجئين السوريين قد يفضي إلى "أزمة سياسية قد تؤدي إلى تقصير عمر الحكومة التوافقية، وربما استبدالها بحكومة على مقاس الفريق الآخر بهدف الإشراف المباشر على الانتخابات"، بحسب تعبيره.
وفي المقابل، نفى برلماني عن التيار الوطني الحر، الموالي لعون، استهداف أي فريق سياسي من خلال مطالبته بمعالجة أزمة النازحين السوريين عبر الحوار مع الحكومة السورية، وفق قوله لـ"
عربي21".
وتهدد هذه الأزمة الشراكة التوافقية التي أنهت الفراغ الرئاسي قبل عام، بانتخاب عون رئيسا للجمهورية وتكليف الحريري برئاسة الحكومة.
وكان لبنان شهد فراغا رئاسيا استمر قرابة سنتين، ابتداء من أيار/ مايو 2014، مع انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، فيما تولّت الحكومة السابقة برئاسة تمام سلام إدارة البلاد على قاعدة "تسيير الأمور".
المستقبل: لا للتطبيع
وانتقد النائب عن تيار المستقبل، نضال طعمة، طرح التيار الوطني الحر لمسألة "ترحيل السوريين في لبنان وإعادتهم عشوائيا إلى حضن النظام السوري"، مؤكدا سعي "رئيس الحكومة سعد الحريري إلى إبعاد تأثيرات الأزمة عن العمل الحكومي".
وأشار طعمة في تصريحات لـ"
عربي21"؛ إلى أن "الفريق الآخر (يقصد فريق عون) ليس عقلانيا بمحاولته جرّ البلاد نحو مربع سلبي ومكان مجهول"، كما قال.
ويصعّد التيار الوطني الحر مواقفه، وهذا ما يعتبره تيار المستقبل "مناقضا للتسوية التي أفضت إلى انتخاب رئيس الجمهورية على قاعدة تحييد لبنان والنأي به عن المواقف الخلافية، خصوصا فيما يتعلق بالأزمة السورية"، كما قال طعمة.
وتساءل النائب في تيار المستقبل عن أسباب تمسك التيار الوطني بموضوع خلافي، قائلا: "هل يريد الفريق الآخر وضعنا تحت الأمر الواقع؟ وهل يريد الخروج عن مضمون البيان الوزاري الذي تلتزم به الحكومة؟".
وأضاف: "ما يقومون به يخالف كل الأعراف السياسية، وبالتالي يعرّضون أنفسهم للانكشاف أمام الرأي العام"، بحسب تعبيره.
وتبرز في الآونة الأخيرة اتجاهات واضحة من فريق رئيس الجمهورية، مدعوما بحزب الله، نحو فتح علاقات شاملة مع النظام السوري.
ويؤكد طعمة أن "التطبيع مع نظام بشار الأسد مرفوض حاليا في ظل الأزمة معه، وفي ظل التهم المتعلقة بتورطه في إرسال مجموعات لتنفيذ عمليات اغتيال وتخريب في لبنان"، مؤكدا أن "هناك دلائل ومتهمين موجودون في السجون اللبنانية حاليا، وعلى رأسهم الوزير الأسبق ميشال سماحة المتهم بمحاولة تنفيذ تفجيرات وعمليات اغتيال في لبنان".
وأقرّ طعمه بوجود أزمة حول ملف اللاجئين السوريين في لبنان، داعيا الأمم المتحدة إلى لعب دورها الإنساني، لكنه دعا في الوقت عينه إلى عدم "الانجرار من خلال أزمة النزوح؛ إلى الاستسلام للنظام السوري والانفتاح عليه بما يضرّ المصلحة العامة اللبنانية"، كما قال.
لماذا الحوار مع الأسد؟
وفي المقابل، رأى النائب سليم سلهب، في حديث لـ"
عربي21"، أن "الحكومة لا تمتلك حلولا لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين في لبنان، في ظلّ تباعد وجهات النظر بين أعضائها، ما يؤشر إلى صعوبة الحلّ وتضاؤل فرص التوصل إلى توافق في حدوده الدنيا"، وفق تقديره.
وحول مخاوف المؤسسات الحقوقية من تعرض السوريين في لبنان لانتهاكات من قبل النظام السوري في حال عودتهم إلى ديارهم، تحدث سلهب عن "ما حصل في أعقاب معركتي جرود عرسال والقاع؛ من انتقال المسلحين مع عائلاتهم إلى مناطق تخضع لنفوذ المعارضة وبرعاية من الدولة (نظام الأسد)، والنظام يدلّل على أن الحلول والضمانات حاضرة في حال اتخذ القرار"، على حد قوله.
ولا يجد سلهب مناصا من الحوار مع النظام السوري، فيقول: "لا بدّ من الانفتاح مع الحكومة السورية وإجراء محادثات تفضي لحلّ يؤدي إلى إعادة النازحين إلى ديارهم وإنهاء هذه الأزمة".
واستغرب سلهب الحديث عن التطبيع مع النظام السوري، فقال: "العلاقات قائمة منذ ما قبل الأحداث في
سوريا، وهناك تمثيل ديبلوماسي متبادل، ونشاط مستمر لسفير سوري في لبنان، وبالتالي يعدّ الحديث عن تطبيع العلاقات عديم الفائدة".
ورفض سلهب الاتهامات الموجهة للتيار الوطني الحر وفرقاء آخرين في لبنان؛ بتبني أفكار عنصرية ضد اللاجئين السوريين، معتبرا أن الحديث في هذا الشأن يصنّف كمحاولة للهروب من الحلول.
وقال: "نتعرض للذوبان في ظل تضاعف أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، لكنّنا نسعى في الوقت عينه إلى مساعدتهم عبر التفكير في خطط تضمن عودتهم الى ديارهم".
وحمل سلهب الحكومة مسؤولية الإسراع في حلّ الأزمة، لافتا إلى أن "تياره قدم مقترحا نصيا لمجلس الوزراء، وعلى الأخير وضعه على جدول الأعمال لتدارسه"، مشيرا إلى "إمكانية الاتفاق على نقاط عدة في المقترح".
وحذر من "التعاطي السلبي" لبعض السياسيين مع ملف اللاجئين، قائلا: "لا نستطيع الاستمرار على النسق نفسه، ويجب التوافق لتخفيف الأضرار السياسية والأمنية على لبنان".