نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للمعلق المعروف توماس فريدمان، يعبر فيه عن قلقه من الأحداث الجارية في السعودية.
ويقول الكاتب إن "ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وإن كان لا يشك بنواياه الإصلاحية، إلا أنه متعجل ومتهور".
ويعبر فريدمان عن مخاوفه من أن "الذين يدفعون ابن سلمان لمواجهة إيران، مثل الإمارات العربية المتحدة، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصهره ومستشاره جارد كوشنر، ورئيس وزراء إسرائيل بيبي نتنياهو، سيورطونه في حرب خارج بلاده وداخلها وفي الوقت ذاته"، ويقول الكاتب: "سنرى السعودية تخرج عن السيطرة والمنطقة في الوقت ذاته، وكما قلت فأنا قلق".
ويقدم الكاتب في بداية مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، سياقا للمشكلة الجيلية التي ظلت السعودية تعاني منها، التي قال إنها "ليست الإسلامية ولا الأصولية أو الليبرالية أو الرأسمالية أو الداعشية، لكنها (الزهايمر)، فالملك الحالي في عمر 81 عاما، وحل محل ملك مات في عمر الـ90 عاما، الذي حل محل ملك مات في عمر الـ84 عاما".
ويؤكد فريدمان أن "هذا لا يعني عدم قيامهم بإصلاحات في التعليم، أو إدخال التكنولوجيا، أو الدخول في عصر العولمة، لكنهم شعروا أن التغيير على سرعة 10 أميال كافية، وكانت أسعار النفط العالية تغطي خطواتهم البطيئة".
ويعلق الكاتب قائلا إن "التغيير البطيء لم يعد صالحا في بلد نسبة 70% منه تحت سن الثلاثين، ونسبة 25% دون عمل، ورغم وجود 200 ألف طالب يدرسون في الجامعات الخارجية، إلا أن 35 ألفا منهم يحضرون كل عام للبحث عن فرص عمل تتناسب مع شهاداتهم الجامعية، وللبحث عن أماكن ترفيه وترويح غير الذهاب إلى المسجد أو مراكز التسوق". ويجد فريدمان أن "النظام السعودي بحاجة إلى خلق فرص عمل خارج القطاع النفطي، حيث الدولة لم تعد كما كانت، ولا تستطيع الاستمرار في استخدام احتياطاتها".
ويعتقد الكاتب أن "هذه خلفية مهمة لفهم لعبة السلطة المتهورة التي قام بها الأمير البالغ من العمر 32 عاما، ونجل الملك سلمان، محمد المعروف بـ (أم بي أس)".
ويقول فريدمان إنه قابل الأمير مرتين، ويصفه بأنه رجل متعجل، مشيرا إلى أن "رغبته بالتغيير حقيقية، وما يتحدث عنه من عملية إحداث إصلاح جذرية في بلاده مقنع"، إلا أن الكاتب لا يعلم مدى الدافعية للإصلاح السريع عنده، وأين تبدأ دافعيته الاستبدادية للحصول على سلطات واسعة.
ويسخر الكاتب هنا من دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخطوات الأمير واعتقاله عددا من الأمراء ورجال الأعمال ومليارديرات، حيث اتهمهم ترامب في تغريدة "بحلب" البلد طوال السنوات الماضية، ويقول فريدمان إنه ضحك عندما قرأ التغريدة، فـ"اعتقال الأمراء بتهم الفساد، مثل قراءة أن ترامب قام بعزل سبعة من وزرائه بتهمة الكذب".
ويقول فريدمان إن الرئيس الأمريكي نسي أن الأمير اشترى عندما كان في جنوب فرنسا العام الماضي يختا ثمنه 550 مليون دولار، متسائلا: "من أين جاءت تلك الأموال، هل من حصالته أو من كشك بيع ليمون في الرياض، أو من أموال الحكومة؟".
ويحذر الكاتب ابن سلمان من التعجل وصناعة أعداء كثر، قائلا: "عندما تقوم بتغييرات راديكالية في وقت واحد، وتصنع أعداء كثيرين مرة واحدة فيجب أن تكون عباءتك نظيفة جدا، وعلى الناس تصديق ما تقول وما تفعل، وأنه لا توجد هناك أجندة خفية؛ لأن التغيير سيكون مؤلما".
ويشير فريدمان إلى أن ابن سلمان يقوم بتغيير نظام التوافق الذي ميز عملية تداول السلطة بين أبناء الملك عبدالعزيز، ويحول المملكة إلى دولة تحكمها عائلة واحدة، و"لم تعد هذه (المملكة العربية السعودية) بل (المملكة السلمانية العربية)".
ويبين الكاتب أنه "لهذا اعتقل الأمير منافسيه المحتملين كلهم، وأهم مسؤولي القنوات التلفازية الرئيسية (روتانا) و(أم بي سي) و(إيه آر تي)، ويقوم في الوقت ذاته بتغيير أسس الشرعية التي قام عليها النظام، منهيا (مرحلة عام 1979)، وهي التي أدت إلى احتلال الحرم المكي من متشددين زعموا أن العائلة المالكة ليست مسلمة بالقدر الكافي، بشكل دفعها إلى تصدير الوهابية وبناء المساجد حول العالم، وكانت كارثة على العالم الإسلامي، وأدت إلى نشوء تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة".
ويلفت فريدمان إلى أن "ابن سلمان تعهد بإنشاء دولة حديثة تقوم على الإسلام المعتدل وتقييم أداء الموظفين، ليس على أساس التقوى، لكن الفعالية، إلا أن ما يقوم به هو استبدال الوهابية، التي كانت أساس التضامن داخل المملكة، بقومية سعودية علمانية أساسها عداء إيران والفرس والشيعة".
ويخلص الكاتب إلى أنه "يسير بهذه الطريقة إلى مكان خطير، فحتى يواجه إيران فإنه أجبر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة يوم السبت، ما تسبب في زعزعة التوافق الطائفي القائم بين السنة والشيعة والمسيحيين، وحمل الحوثيين المدعومين من إيران مسؤولية الصاروخ الذي وصل إلى العاصمة الرياض، وقاد حملة لعزل قطر؛ بسبب قربها من إيران، وأخرى عسكرية لسحق إيران في اليمن، وانتهى مدمرا البلد، وما يقوم به فوق طاقته، ولا أحد حوله يحذره".
إندبندنت: لماذا تترك حملة التطهير السعودية تداعيات خارجية؟
واشنطن بوست: إدارة ترامب تخالف تصريحاته بشأن السعودية
نيويوركر: هل ساعد ترامب الملك سلمان وابنه في حملة التطهير؟