رغم كونها القمة الأولى وغير المسبوقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره اليوناني روكوبيس بافلوبولوس، لم يفلح اللقاء في كسر جمود الملفات الساخنة التي تشعل العلاقات بين البلدين منذ عشرينيات القرن الماضي.
اللقاء اتسم بالاحترام المتبادل وتأكيد وجوب حل الإشكالات بالطرق الدبلوماسية الهادئة، لكن فشل في حل عقدة الحدود البحرية التي اشتملت عليها معاهدة لوزان، أو أخذ وعد يوناني بتسليم الجنود والضباط الهاربين إلى أثينا المشاركين بالانقلاب.
هي زيارة بروتوكولية أو لنقل "جس نبض" استخدمها الطرفان لمعرفة بعضهما عن قرب، فيما لا تشي النتائج بحدوث أي تغير جوهري على طبيعة العلاقة التي حكمت البلدين منذ سنوات.
وأبدى أردوغان، وهو أول رئيس تركي يزور اليونان منذ 65 عاما، ومضيفه رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس الخميس في أثينا نيتهما الحد من الخلافات التاريخية الثنائية ومواصلة التعاون في مجالي اللاجئين والاقتصاد.
وصرح تسيبراس في مؤتمر صحافي بعد لقاء دام ساعتين مع أردوغان: "أدعوكم إلى أن نفتح معا فصلا جديدا في العلاقات اليونانية التركية لا يقوم على الاستفزازات (...) بل على بناء جسر بين البلدين".
وتابع أن تجاهل هذا الاقتراح ستكون له عواقب "لا على العلاقات اليونانية التركية فحسب بل كذلك على العلاقات بين تركيا وأوروبا".
اقرأ أيضا : أردوغان يقوم بزيارة تاريخية إلى اليونان الأسبوع القادم
ويتعاون البلدان بشكل وثيق منذ إبرام اتفاق في 2016 بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي أدى إلى تخفيض كبير لعدد اللاجئين المتوافدين إلى اليونان من السواحل التركية.
لكن الرئيس التركي اشتكى مجددا الخميس من أن "وعود الاتحاد الأوروبي ما زالت لم تتحقق على مستوى (المساعدة) الاقتصادية (...) فيما نحن ننفذ تعهداتنا" بموجب الاتفاق.
معاهدة لوزان
برزت مخاوف في أثينا منذ مساء الأربعاء بعد بث مقابلة مع أردوغان على قناة سكاي اليونانية طالب فيها بـ"مراجعة معاهدة لوزان المبرمة في 1923" التي رسمت حدودا في أوروبا والشرق الأوسط، وشكلت وثيقة مرجعية في العلاقات التركية اليونانية.
وكرر أردوغان عند وصوله للقاء نظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس المطالبة بـ"تحديث للمعاهدة التي تشمل مسائل عالقة وأمورا غير مفهومة. لقد وقعتها 11 دولة قبل 94 عاما وليس اليونان وتركيا وحدهما".
ورد عليه بافلوبولوس، أحد أهم الخبراء القانونيين اليونانيين والأستاذ السابق في كلية الحقوق في أثينا، رافضا بلباقة لكن بحزم أي تعديل، وقال إن "المعاهدة ليست قابلة للتفاوض، ولا تحتاج إلى مراجعة ولا إلى تحديث".
وتحدد معاهدة لوزان التي وقع عليها 11 بلدا من قوى أوروبا آنذاك واليابان خط الحدود بين اليونان وتركيا وكذلك في قبرص وسوريا والأردن ودول أخرى في الشرق الأوسط، وهي منطقة غير مستقرة تعد مصالح حيوية لتركيا.
كما دعا الرئيس التركي في مقابلة سكاي إلى إجراء "تحسينات" على صعيد تحديد المجالات الجوية والمياه الإقليمية في بحر ايجه، الذي يشكل ملفا خلافيا آخر.
لكن ختاما أبدى الجميع إرادة المضي قدما. وأوضح أردوغان أثناء المؤتمر الصحافي مع تسيبراس أن تركيا "لا تطمع في أراضي أي بلد"، مضيفا أن البلدين "سيطلقان حوارا حول بناء إجراءات الثقة في بحر ايجه".
اقرأ أيضا : للمرة الأولى لرئيس تركي منذ 65 عاما.. أردوغان يزور اليونان
وصرح تسيبراس "أن زيارة الرئيس التركي تأتي وسط مرحلة تحديات في منطقتنا، الحرب في سوريا (...)، التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ويجب بناء حوار".
قرارات قضائية
أكد أردوغان ختاما أن المطلوب هو "النظر إلى النصف المليء من الكوب"، مشددا على ضرورة مواصلة الحوار للتوصل إلى تسوية الخلافين الأكثر صعوبة وهما ملف قبرص وترسيم حدود الصفيحة القارية في بحر ايجه.
لكنه اعتبر أن حقوق الأقلية المسلمة في منطقة تراقيا شمال غرب اليونان التي يسكنها 120 ألف نسمة "لا تحترم بموجب معاهدة لوزان". وذكر الرئيس التركي بأن أثينا تواصل تعيين المفتين للمنطقة و"لا تسمح للأقلية بأن تفعل ذلك بنفسها".
ويزور أردوغان تراقيا الجمعة، وسبق أن زار اليونان مرتين في 2004 و2010 عندما كان رئيسا للوزراء.
وبعد عقود عدة من العلاقات العاصفة التي كادت أن تؤدي إلى مواجهة في 1996، بدأ البلدان بالتقارب في 1999 بمبادرة من أثينا التي قدمت مساعدات إلى جارتها بعد زلزال مدمر في اسطنبول.
لكن العلاقات شهدت تجددا للتوتر بعد رفض القضاء اليوناني تسليم تركيا ثمانية عسكريين لجأوا إلى اليونان بعد محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو 2016 ضد نظام أردوغان ما أثار غضب أنقرة.
ومنذ الانقلاب الفاشل، طلب مئات الأشخاص اللجوء إلى اليونان وتعترض الشرطة التركية بانتظام أشخاصا يحاولون عبور الحدود بين البلدين.
وأكد تسيبراس لمحادثه: "كما يجري في كل بلد أوروبي، يجب احترام قرارت القضاء".
أردوغان يقوم بزيارة تاريخية إلى اليونان الأسبوع القادم
أردوغان يبحث هاتفيا مع الملك سلمان الأوضاع في سوريا
أردوغان متفائل بنتائج "قمة سوتشي" الماضية.. هذا ما قاله