نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن تورط المملكة المتحدة في جرائم الحرب التي ترتكبها
السعودية في اليمن، بفضل ما وفرته لها من أسلحة وترسانة حربية وطائرات مقاتلة تسببت في مقتل 10 آلاف يمني منذ اندلاع الحرب في آذار/ مارس سنة 2015 إلى الآن.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وزارة الدفاع البريطانية قد سجلت أكثر من 300 حالة انتهاك للقانون الدولي في اليمن، منذ اندلاع الصراع قبل سنتين. ووفق ما صرح به وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط والتنمية، أليستر بيرت، سجلت خلال السنة الماضية 66 حادثة انتهاك للقانون الدولي.
وذكرت الصحيفة أن عدد الانتهاكات التي سجلت حتى شهر كانون الثاني/ يناير قد بلغ 252 حالة، ليصبح المجموع حتى الآن 318 حالة انتهاك للقانون الدولي. كما كان للمملكة المتحدة يد في هذه الانتهاكات من خلال عقدها صفقة بيع أسلحة مع المملكة العربية السعودية بلغت قيمتها 4.6 مليار جنيه إسترليني، تمكنت بفضلها الرياض من خوض حرب في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
وتقدر الأمم المتحدة أن عدد ضحايا هذه الحرب حتى الآن قد بلغ 10 آلاف قتيل منذ اندلاع الحرب سنة 2015، وقد وُجهت العديد من الاتهامات للسعودية باستهداف المدنيين خلال غاراتها الجوية التي لم تبق ولم تذر، وهو ما أنكره النظام.
ونقلت الصحيفة عن أليستر بيرت، تصريحا أفاد به خلال اجتماع عاجل عقد في مجلس العموم البريطاني لمناقشة الوضع في اليمن، بين فيه أن وزارته قد سجلت 318 حالة انتهاك محتملة منذ سنة 2015، وأنها تضع هذه المعلومات على ذمة الهيئات الرسمية، وخاصة في علاقة وزارة الدفاع بوزارة الخارجية والكومنولث.
كما أضاف بيرت أن هذه البيانات الخطيرة، التي توفرت بفضل الصلة الموجودة بين المكاتب الإدارية في المملكة، قد استخدمت من قبل "المقر الدائم المشترك" ووزارة الدفاع عند تقديم المشورة حول قدرات التحالف الذي تقوده السعودية، وعند إجراء المراقبة اللازمة للغارات الجوية التي شُنت على اليمن.
وذكرت الصحيفة أن منظمة "حملة ضد تجارة الأسلحة" قد رفعت دعوى ضد الحكومة البريطانية بسبب صفقات
بيع الأسلحة التي أمضتها الحكومة مع المملكة العربية السعودية. وفي هذا الصدد، قال أندرو سميث، أحد أعضاء هذه المنظمة، للصحيفة إن "هذا العدد من الاعتداءات كبير جدا، فليست هذه أرقام على الورق وإنما هي توثق هجمات حقيقية وتحصي ضحايا حقيقيين قد قتلوا بالفعل".
وأورد المصدر ذاته أن "درجة الدمار عالية ومروعة في اليمن، والوضع هناك يسير نحو الأسوأ منذ ثلاث سنوات على اندلاع الحرب، فقد شن النظام السعودي غارات وحشية تسببت في انتشار مرض الكوليرا وخلقت أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
كما نقلت الصحيفة عن أندرو قولا أكد فيه أن "التاريخ سيسجل أنه كان من الممكن تجنب هذه الانتهاكات الوحشية، وسيسجل التواطؤ التام للحكومة البريطانية في ارتكابها. وإن كانت حقوق الإنسان والديمقراطية لا تعني شيئا لداوننغ ستريت فإن على ماي وزملائها إنهاء صفقات بيع الأسلحة الآن".
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من اعتراف بيرت بما ارتكبته المملكة العربية السعودية من أعمال وحشية بفضل آلة الحرب البريطانية، إلا أنه أكد على قانونية صفقات بيع الأسلحة وأنها تنسجم والإجراءات البرلمانية، وتضمن احترام القانون الإنساني الدولي. كما أقر أليستر بيرت بأن وجود موظفي الاتصال في اليمن كان في هذا السياق.
وحيال هذا الشأن، أفاد ممثل عن الحزب الوطني الأسكتنلدي، أليسون ثاولس، أمام مجلس العموم البريطاني "لقد فقدنا الكثير من مصداقيتنا في مجمل هذه المناقشات، ولا يمكننا أن نكون وسطاء سلام في حرب نساهم فيها بتوفير الأسلحة، فنحن متواطئون فيما يحدث". كما رحب ثاولس بالمساعدات التي قدمتها المملكة المتحدة لليمن منذ سنة 2015 والتي قدرت بمليوني جنيه إسترليني. ولكن أشار إلى أن هذا الرقم لا يكاد يذكر عند الحديث عن قيمة مبيعات المملكة من الأسلحة البالغة 4.6 مليار جنيه إسترليني.
وأشارت الصحيفة بأن القانون البريطاني يمنع تصدير الأسلحة إذا تبين أنها قد تستخدم في انتهاكات صارخة للقانون الدولي. لذا تجد الحكومة البريطانية نفسها مجبرة للدفاع عن صفقات الأسلحة التي عقدتها مع السعودية، على خلفية جرائم الحرب التي ارتكبت في حق المدنيين في اليمن، والتي خلفت مقتل قرابة 1300 طفل وجرح 2000 آخرين.
وعلى الرغم من كل هذه الحقائق الواضحة، انتصرت الحكومة في التحدي القانوني ضد منظمة "حملة ضد تجارة الأسلحة" في تموز/ يوليو الماضي أمام المحكمة العليا، التي قضت بغياب أدلة حقيقية تثبت استهداف التحالف الذي تقوده المملكة السعودية للمدنيين.
وفي الختام، أوردت الصحيفة التصريح الذي صدر عن الخارجية البريطانية، الذي قالت فيه إن المملكة المتحدة تتحمل مسؤولية ما تصدره من أسلحة، وهي تعمل وفق أكثر أنظمة الرقابة التصديرية صرامة في العالم. كما أكدت أنها تراجع كل عملية بيع حالة بحالة حتى لا تنتهك معايير الاتحاد الأوروبي الموحدة ومعايير ترخيص تصدير الأسلحة الوطنية.