نقلت صحيفة "كوميرسانت"
الروسية عن مصادر دبلوماسية ليبية وروسية، صحة ما تم تداوله عن تدهور حالة اللواء
المتقاعد خليفة
حفتر الصحية ونقله إلى أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، على
الرغم من إنكار ممثلي القوات التابعة له للمعلومات الواردة في هذا الشأن.
وقالت
الصحيفة في
تقرير ترجمته "
عربي21" نقلا عن مصادر أن يوم أمس شهد انعقاد اجتماع طارئ
لقوات حفتر في مدينة طبرق؛ وهي المدينة الرئيسية التي تخضع لسيطرته ويشير هذا
الأمر إلى أن وفاة حفتر، ورحيله عن المشهد السياسي قد يترتب عليه انهيار تلك
التشكيلات.
وأضافت أن وسائل
الإعلام الليبية ذكرت يوم الثلاثاء أنه تم نقل حفتر إلى الأردن، لتلقي العلاج هناك
إثر إصابته بسكتة دماغية. وقد استدعى الأمر نقله بعد ذلك إلى أحد المستشفيات في
باريس، نظرا لخطورة حالته الصحية. وأفاد مصدر ديبلوماسي ليبي أن الحالة الصحية
للجنرال جد خطيرة، في حين كشف عن انعقاد اجتماع طارئ لقواته حول الوضع القائم في
طبرق في شرق
ليبيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن
خليفة حفتر، المولود سنة 1943، كان قد شارك الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في
سنة 1969 في الإطاحة بالسلطة الملكية داخل ليبيا. إثر ذلك، وتحديدا سنة 1980، وأمسك
حفتر بزمام أمور الجيش الليبي، ليكون له دور في الصراع العسكري القائم بتشاد
آنذاك. وفي سنة 1987 تم القبض على حفتر وأسرته، في حين تخلى عنه معمر القذافي.
ووفقا لبعض المعلومات
التي تداولتها وسائل الإعلام، تمكن حفتر من الهروب من الأسر بفضل مساعدة المخابرات
المركزية الأمريكية. وقد مكث في الولايات المتحدة قرابة 20 سنة، ولم تتسن له فرصة
العودة إلا بعد اندلاع ثورات الربيع العربي، ليصبح بعد ذلك أحد القادة الرئيسيين
في صفوف المعارضة المسلحة، التي حاربت القذافي.
وبينت الصحيفة أن قوات
حفتر فندت في العديد من المناسبات المعلومات الواردة فيما يتعلق بمرضه وفي تصريح
لوكالة الأنباء الليبية "نانا"، قال مدير مكتب إعلام القيادة العامة خليفة
العبيدي: "نحن ننفي وبشكل قاطع الأخبار المتداولة في القنوات التلفزيونية،
التي فقدت القدرة على رؤية الحقيقة، وكل ما ينشر بخصوص صحة القائد" وفق وصفه.
وأضاف العبيدي، أن
"الجيش الليبي مشغول في الوقت الراهن، بتحرير البلاد وشعبها من قبضة الإرهاب،
في المقابل يعمل الأعداء على تضليل الأفراد وطمس الحقيقة" على حد قوله.
وأفادت الصحيفة أن
تضارب المعلومات يفسر الوضع السياسي الحرج القائم داخل ليبيا. وقد شرع الجنرال
حفتر في سنة 2014، بعملية السيطرة على المقاطعات الشرقية للبلاد من مختلف الجماعات.
وفي سنة 2015، وقع اختيار مجلس النواب الواقع شرق البلاد في طبرق، على خليفة حفتر
ليتولى منصب قائد "الجيش الليبي". لكن هذه الخطوة لم تساعد على تحسين
العلاقات مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، التي يرأسها فايز السراج.
وأوردت أن ليبيا لا
تزال مقسمة إلى جزأين، في ظل عدم قدرة القوى السياسية الموجودة على بسط سيطرتها
الكاملة على مختلف الأراضي والمناطق. وخلال السنة الماضية، بذل المجتمع الدولي
جهدا كبيرا للتقريب بين مواقف الطرفين، إلا أنه لم يحرز تقدما كبيرا في الصدد. ومع
ذلك، يأمل المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، غسان سلامة، في نجاح الحوار الوطني
داخل ليبيا، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بحلول نهاية السنة الجارية.
في هذا الإطار، أفاد
رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول التسوية الليبية، ليف دينغوف، قائلا: "نحن
بصدد تحليل مختلف المعلومات الواردة، وبغض النظر عن الظروف التي تشهدها البلاد،
نتمنى الشفاء العاجل للمشير حفتر. كما تتمسك روسيا بموقفها المتوازن، فقد كان
حفتر، وسيظل، أحد الأطراف المهمة في الصراع الليبي، في الوقت الذي تشدد فيه روسيا
على ضرورة التواصل معه".
وأوضحت الصحيفة نقلا
عن رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الاستشراق، فاسيلي كوزنيتسوف، أنه
في حال غادر حفتر المشهد السياسي الليبي، قد يؤدي ذلك إلى انهيار الجيش الوطني
الليبي، لا سيما في ظل غياب مرشح واضح لخلافته، فضلا عن هشاشة هذا الكيان.
وفي الختام، نوهت
الصحيفة إلى أن القوى الداخلية والخارجية ستحاول الحفاظ على تماسك الجيش الليبي،
بما في ذلك مصر التي تتشارك مع ليبيا حدودها الشرقية التي تقع تحت سيطرة قوات
حفتر. كما ستحاول هذه القوى جعل الجيش مؤسسة لا يغلب عليها الطابع السياسي، وذلك
وفقا لما أفاد به كوزنيتسوف.