فند
خبراء اقتصاديون اعتزام الحكومة المصرية فرض ضرائب جديدة عقب انتهاء مراجعة بعثة صندوق النقد الدولي للمنظومة
الضريبية التي زارت مصر قبل أيام، وأرجعوا اللجوء إلى سياسة فرض الضرائب إلى فشل
الحكومة في زيادة الإنتاج والتصدير، وإخفاقها في التوسع في القاعدة الضريبية،
وتطوير مكافحة التهرب الضريبي لرجال الأعمال الكبار.
وتأمل الحكومة المصرية في رفع نسبة الإيرادات
الضريبية للناتج المحلي لتتراوح ما بين17 إلى 18%، مقابل 14% حاليا، بحسب وزير
المالية عمرو الجارحي، ولن يتأتى ذلك إلا بفرض ضرائب جديدة سيتحملها المواطن في
نهاية المطاف.
وارتفعت نسبة الإيرادات الضريبية في الموزانة من
نحو 12% في عام 2015 إلى 14.5 في موازنة العام الماضي، وتستهدف الموازنة الجديدة
إيرادات من الضرائب والجمارك نحو 770 مليار جنيه أي ما يعادل نحو 78% من إيرادات
الدولة في موازنة 2018/2019.
كما تعتزم الحكومة زيادة رسوم الخدمات
المقدمة للمواطنين، وتقديم ثلاثة مشروعات قوانين ضريبية للبرلمان لمناقشتها تمهيدا
لإقرارها، وهي قانون الجمارك الموحد، والإجراءات الضريبية، إضافة إلى قانون
للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أقصر الطرق
وأرجع أستاذ الاقتصاد
بالجامعات الأمريكية، عماد الوكيل، اتجاه الحكومة
المصرية لفرض الضرائب؛ لأنها الطريقة الأسهل في جباية الأموال،
قائلا: "مصر لا تعتمد على التصدير لزيادة الإيرادات؛ لأن معظم
مكونات المنتج المحلي تعتمد على استيراد المواد الخام، وهنا المنتج
المحلي يصبح أغلى من المنتج المستورد من بلد مثل الصين".
وأضاف لـ"عربي21": "إذا رجعنا إلى
مكونات الدخل في أي دولة فهي التصدير، لكن مصر لا تعتمد على التصدير، والاستثمار
الأجنبي ومصر فقيرة به نظرا لمشاكل الأمن وعدم انتظام آلية انتقال الحكم، ثم السياحة التي تؤثر عليها ظاهرة الإرهاب، والسياسة الأمنية تعوق عودتها، وهناك الموارد
الطبيعية، لكنها في مصر غير مستغلة؛ لأن تكلفة الاستخراج أو الإنتاج تفوق تكلفة البيع
للمنتج عالميا، وأخيرا الضرائب".
وتابع: "فرض الضرائب يتحمله المواطن في نهاية
المطاف؛ فعندما تفرض الحكومة ضرائب على الشركات، فإن الشركات تحملها للمستهلك،
وتضاف على قيمة المنتج، ومن هنا ندخل في دوامة ارتفاع سعر المنتج المحلى أمام
المنتج المستورد".
الضرائب والكساد
وحذر الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، من أن
"ما يحدث في مصر يعد مشكلة كبيرة في الاقتصاد؛ فأي دولة تحاول رفع الضريبة
دون زيادة الإنتاج سيؤدي ذلك إلى حالة من الانكماش أو الكساد؛ فالضريبة تسهم في
تقليل الدخل من ناحية وارتفاع الأسعار من ناحية أخرى".
وأوضح لـ"عربي21" أن "كل ما سبق
سيؤدي إلى تقليل الاستهلاك، ما يؤدي إلى تراجع إنتاج الشركات، ونبدأ الدخول في
سلسلة أزمات جديدة من تراجع الدخل وزيادة البطالة.. إلخ، ما يؤدي إلى حالة من
الكساد، التي لا تظهرها المؤشرات في مصر لعدم وجود مؤشر له".
وانتقد شاهين سياسة حكومة السيسي في زيادة الأعباء
دون زيادة الدخل، قائلا: "الدول في ظل الأزمات الاقتصادية تعمل على زيادة دخل
المواطنين، أو تقليل نسب الضرائب ليزيد إنفاقهم على السلع والخدمات"، مشيرا
في الوقت ذاته إلى أن "الحكومة عندما تزيد الضريبة ستقلل الإنتاج، ما يؤدي إلى
تراجع نسبة النمو المرتبط بالإنتاج بسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي".
المخرج الأسهل
وقال أستاذ التخطيط الدولي، صفي الدين حامد،
لـ"عربي21": إن "السيسي ليس لديه خيارات أخرى لزيادة الإيرادات غير
فرض الضرائب، وهو يضع في اعتباره إرضاء صندوق النقد الدولي في المقام الأول، ووضع
سداد فوائد ديون مصر في مقدمة المصروفات بالموازنة العامة".
وأضاف أن "مصر مطالبة في الموزانة الجديدة
بسداد فوائد ديون وأجزاء من تلك الديون البالغة أكثر من 90 مليار دولار، ثم يأتي
بعد ذلك مرتبات أكثر من 6 مليون موظف، وأخيرا تأتي ميزانية الخدمات مثل الصحة
والتعليم وخلافه"، مشيرا إلى أن "الإيرادات تنكمش منذ عام 2013 في
قطاعات مهمة مثل السياحة، وقناة السويس، والصادرات المصرية للخارج، وتهرب رجال
الأعمال من دفع الضرائب".
وتوقع حامد أن "تزيد الضرائب بشكل مستمر،
وترتفع أسعار الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل دوري؛ لأنه الطريق الوحيد أمام
السيسي طالما استمرت السياسات القمعية، التي لا تشجع أي إنسان في العالم للتعاون
مع مصر سواء في مجالات الاستثمار أو السياحة".
اقرأ أيضا: الموازنة الجديدة لمصر.. أرقام متفائلة وواقع "صادم"
مصر تخطط لاقتراض 11.5 مليار دولار العام المالي المقبل
إجراءات إصلاحية تهدد رحلة خفض أسعار الفائدة في مصر
175 بالمئة عجزا في ميزانية الأردن خلال شهرين