حمّل خبراء اقتصاديون وزارة الإسكان في مصر مسؤولية ارتفاع أسعار الأراضي، والوحدات السكنية في البلاد بشكل غير مسبوق، بعد دخولها على خط قطاع توفير سكن للطبقات المتوسطة والمقتدرة، وتجاوز الطبقة الفقيرة، ومحدودي الدخل لتحقيق أرباح، وعوائد مالية لخزينة الدولة.
وحذروا في تصريحات لـ"عربي21" من "استمرار تجاهل الطبقات البسيطة، والتركيز على الطبقتين المتوسطة والأغنياء، وامتصاص أموال المصريين في مبان أسمنتية من أجل تجفيف السيولة – التي تعتقد أنها كبيرة – من أيدي المواطنين، وتوجيهها للعقارات".
وطرحت وزارة الإسكان المصرية مؤخرا 30 ألف قطعة أرض سكنية بمستويات مختلفة، ورفعت ثمن "ملف الشروط" بنسبة 100%، من 500 جنيه إلى 1000 جنيه، ومن 250 جنيها إلى 500 جنيه، ما يؤشر وفقا للخبراء إلى أنه "ليس مشروع لحل أزمة السكن بقدر ما هو مشروع للربح".
ووجه الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، تحذيرا، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، من "التضخم المهول في العرض الحالي والمتوقع من الوحدات المبنية، مع تدهور القوة الشرائية للمواطنين"، محذرا من أن "الاقتصاد المصري تجف في شرايينه مئات بل آلاف المليارات من الجنيهات في غابات أسمنتية بدلاً من دورانها في دورات إنتاجية وتصنيع وتصدير".
امتصاص السيولة
وهاجم مدير المركز العربي للتنمية البشرية، والخبير الاقتصادي، عبد الصمد الشرقاوي، ما سماه "استغلال الدولة للمواطنين"، قائلا: "الأمر برمته انتهازي واستغلالي من قبل الدولة لصالح المستثمرين الذين يمتلكون مفاتيح العمل مع وزارة الإسكان والاستثمار".
وفي تصريحات لـ"عربي21" اتهم الشرقاوي الدولة بأنها "تريد امتصاص السيولة من جيوب المواطنين؛ لأنها تعتقد خاطئة أن هناك تضخم داخلي لدى الناس، وأن لديهم أموال مكتنزة، ولكن الحقيقة غير ذلك فالتضخم غير موجود لدى الفقراء وغالبية المصريين، إنما هو موجود في البنوك وفي القروض التي حمّلت بها الدولة ملايين البشر لأجيال قادمة".
وأضاف: "ما تقوم به وزارة الإسكان ليس للفقراء أو المحتاجين إنما لخدمة رجال الأعمال والمستثمرين سواء كانت الدولة هي من تقوم به أو القطاع الخاص أو حتى المواطنين؛ لأنه في النهاية هو لصالح الرأسمالية المستغلة".
ودلل الشرقاوي على حديثه بالقول إن "الدولة لم تطرح وحدات سكنية بـ 50 أو 70 أو حتى 100 ألف جنيه للفقراء، فأقل وحدة بربع مليون جنيه، فمن هو الفقير الذي لديه ربع مليون جنيه، أو القادر على دفع مقدمات وأقساط تلك الوحدة، لا يوجد فقير في مصر لديه عُشر هذا المبلغ".
الدولة تتخلى عن دورها
من جهته حمّل الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، الدولة "جزءا من مسؤولية ارتفاع أسعار العقارات" وقال: "لم توفر لهم بدائل حقيقية ومربحة لوضع أموالهم بها غير فوائد البنوك، وهي أقل بكثير من أرباح الاستثمار في العقار".
وكشف الولي في حديثه لـ"عربي21" أن "الأخطر من ذلك؛ أن الدولة تساهم في زيادة أسعار الوحدات السكنية لا خفضها من خلال تحديد سعر المتر ببضعة آلاف جنيهات، وبذلك تعطي مؤشرا للقطاع الخاص بأن هذا هو الحد الأدنى للأسعار فيبدأ بالتالي في زيادة أسعار مشروعاته".
وأكد أن "المشكلة تكمن في تخلي الدولة عن دورها الطبيعي في البناء للشرائح محدودة الدخل، في حين كان القطاع الخاص يبني للطبقات المتوسطة والأغنياء، وحولت مسارها للطبقات المتوسطة والمقتدرة من أجل الربح".
وأشار الولي إلى أن "معظم المعروض هو للشريحة المقتدرة ولا أحد يلتفت لمحدودي الدخل الذين يمثلون الشريحة الأكبر والأكثر احتياجا، حتى الوحدات التي تقدمها الدولة تجاوز سعرها مائتي ألف جنيه، وأنه لأول مرة نرى الدولة تأخذ مقدمات حجوزات من الناس قبل حتى أن تقع عليهم القرعة".
الإسكان.. ترفع الأسعار
في المقابل، استبعد رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، رشاد عبده، حدوث ما سماها "فقاعة عقارية"، لأنه "من حيث المبدأ هناك طلب كبير على الوحدات السكنية في مصر، ويتم بيعها قبل بنائها من خلال دفع مقدمات حجوزات متتالية، وليس كما هو معمول به في الخارج حيث تُطرح الوحدات للبيع بعد الانتهاء منها".
وفي حديثه لـ"عربي21" قال عبده إن "وزارة الإسكان تطرح في بعض الأحيان وحدات غالية الثمن، ساهمت في رفع أسعار القطاع الخاص؛ والدليل على ذلك ما يجري في العاصمة الإدارية"، مشيرا إلى أنه "كان من السهل قبل دخول وزارة الإسكان المنافسة الحصول على شقة بنصف مليون جنيه، الآن لا يقل ثمنها عن مليون جنيه وأكثر".
وأكد أن "وزارة الإسكان كانت أحد الأسباب في رفع الأسعار في سوق العقارات، واستمرارها في رفع الأسعار أساسه اعتقادها أنها لا تزال تدعم المواطنين بهذه الأسعار، ورفعها لأسعار كراسات الشروط هو ضمان الجدية، والحصول على إيرادات أيضا".
موجة ركود تضرب أسواق التجزئة الأردنية مع إجراءات حكومية
مصر تحظر زراعة بعض المحاصيل مع تفاقم أزمة سد النهضة
موازنة حكومة السيسي.. أرقام كبيرة ومؤشرات أليمة (إنفوغراف)