ديلي بيست: هل يفاقم سفير أمريكا بألمانيا التوتر بين البلدين؟

نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافية جوزيفين هوتلين، تشير فيه إلى أن السفير الأمريكي في ألمانيا ريتشارد غرينيل، يقول إنه "معجب جدا" بكثير من الناس في بلده الجديد، حيث يدعي أنه "معجب جدا" بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، و"معجب جدا" بوزير العدل هيكو ماس من الحزب الديمقراطي الاجتماعي. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بحسب مقال في "بريتبارت"، فإن غرينيل "معجب جدا" بالمستشار النمساوي سيباستيان كورتس، الذي يرأس حكومة اليمين المتطرف في بلده، والذي اشتهر بحظر الحجاب على بنات المدارس، وجعل المهاجرين يشعرون بأنهم غير مرغوب بهم لدرجة الخطورة، ويبدو أن غرينيل يرى كورتس ممثلا "للمحافظين في أوروبا"، الذي يريد هو بصفته سفيرا أن "يمكنهم".

وتعلق هوتلين قائلة إنه "بالنسبة لكثير من الناس، فإن هذا يظهر كأن غرينيل يؤدي دور الرجل المتقدم في هجوم بانوني شعبوي على النظام السياسي الأوروبي، ولذلك فإن برلين تريد الآن من غرينيل أن يوضح بالضبط عما كان يتحدث". 

وينقل الموقع عن متحدث باسم وزارة الخارجية الخارجية، قوله يوم الاثنين: "طلبنا توضيحات من الجانب الأمريكي"، وقام "ديلي بيست" بالاستيضاح، فأخبره متحدث باسم السفارة الأمريكية أن "الاقتباسات حقيقية"، وأن غرينيل "يصر على ما ورد في المقابلة".

ويؤكد التقرير أن وسيلة الإعلام المستخدمة هي جزء من الرسالة، فموقع "بريتبارت" كان من صنع ستيف بانون، حيث جاءت هذه المقابلة في وقت كان يقوم فيها مدير حملة ترامب ومستشاره السابق ستيف بانون، بجولة في أوروبا، يسوق فيها لأفكاره لأجل تدمير الاتحاد الأوروبي. 

وتفيد الكاتبة بأن المراسل الشاب الذي أجرى المقابلة مع غرينيل كريس توميلسون، يصف نفسه بأنه "مدمن بيرة"، وأكثر شيء يفعله هو أخذ صور السيلفي مع المتطرفين اليمينيين، الذين أرادوا أن يمنعوا إنقاذ اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط ومؤخرا بدأ يشارك في دوريات حماية الألب لتصيد اللاجئين.

ويذكر الموقع أن المقال الناتج عن المقابلة حمل عنوان "ساعد ترامب الأيمن في أوروبا يريد (تمكين) المحافظين الأوروبيين"، مستدركا بأن الحديث لم يكن عن المحافظين التقليديين، مثل حزب ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي يعتقد غرينيل أنه ضحية "للفكر الجمعي لمجموعة صغيرة من النخبة". 

ويجد التقرير أنه من السيئ بالنسبة لدبلوماسي أن يتصرف مثل متحدث باسم أي حركة سياسية أجنبية، مشيرا إلى أن نيكولاس بيرنز، الذي شغل منصب وزير دولة للشؤون السياسية خلال رئاسة جورج بوش الابن في أمريكا، أوضح أن "القاعدة الأساسية للدبلوماسية" هي أنه يجب على السفراء "عدم التدخل في السياسة المحلية للبلدان التي يعينوا فيها"، فيما وصف زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي السابق في ألمانيا تصرف غرينيل بأنه تصرف "ضابط احتلال يميني متطرف". 

وتبين هوتلين أنه "في وقت يخشى فيه محللو السياسة الخارجية بأن سوء الفهم سيزيد من التوتر بين أمريكا وألمانيا، فإن سفير أمريكا في ألمانيا لا يقدم فقط مقابلات مع (بريتبارت)، بل إنه يغرد ضعف ما يغرده الرئيس دونالد ترامب، وهذا يعني شيئا".

ويلفت الموقع إلى أن غرينيل غرد في يومه الأول في برلين بأنه في ظل تعطيل الرئيس دونالد ترامب للصفقة النووية مع إيران، فإن "على الألمان، الذين يتعاملون تجاريا مع إيران، أن يقوموا بإيقاف تلك التجارة حالا"، حيث حظيت هذه التغريدة بآلاف الردود الغاضبة من الألمان. 

وينوه التقرير إلى أن أحد الأسباب الذي أدى إلى تأخر موافقة مجلس الشيوخ على تعيين غرينيل لمدة عام تقريبا، هو القلق السائد بين الأعضاء الديمقراطيين بشأن عاداته اللاذعة، التي تتصف أحيانا بالتمييز الجنسي على مواقع التواصل الاجتماعي، فعندما كان متحدثا باسم المرشح الجمهوري ميت رومني في انتخابات 2012، حاول غرينيل إزالة عدد من التغريدات المثيرة للاشمئزاز، حيث كان قد قال في إحدى تغريداته: "بدأت هيلاري كلينتون تبدو مثل مادلين أولبرايت"، وقال في تغريدة أخرى حول ميشيل أوباما التي تحب الرياضة إنها "تتصبب عرقا على سجادة الغرفة الشرقية (في البيت الأبيض)". 

وبحسب الكاتبة، فإن التغريد استمر بعد نشر المقابلة في "بريتبارت"، ورأى عدد من الناقدين أن غرينيل يريد "تمكين" شخصيات مثل الزعيم المشارك لحزب اليمين المتطرف حزب البديل من أجل ألمانيا ألكساندر غولاند، فغرد غرينيل قائلا: "كلام سخيف، أشجب هذه التعليقات تماما"، مع أن غولاند البالغ من العمر 77 عاما يحب أن يقتبس من إدموند بوركي، ووصفته وسائل الإعلام الألمانية الرئيسية أحيانا بأنه محافظ "ذكي" و"تقليدي".

ويقول الموقع: "ربما أدرك غرينيل بأن توقيت تأييد غولاند سيبدو سيئا جدا الآن، وخلال عطلة نهاية الأسبوع قال غولاند لقاعة مليئة بالمعجبين من فرع الشباب في حزبه بأن أدولف هتلر، الذي تسبب بموت ما لا يقل عن 50 مليون شخص، (مجرد براز طيور في أكثر من 1000 عام من التاريخ الألماني الناجح)".

ويشير التقرير إلى أن غرينيل لم يمدح حزب البديل لأجل ألمانيا المعادي للهجرة في مقابلة "بريتبارت"، بالإضافة إلى أنه لم يصف نفسه بأنه "معجب كبير" بالحزب بأي شكل آخر، مستدركا بأنه في المقابل فإن سباستيان كورتس يعد "نجم روك" في نظر غرينيل، فبحسب "دير شبيغل"، فإن السفير دعا المستشار الشاب إلى الغداء هذا الشهر، وهذا ليس عادة دبلوماسية.

وتلفت هوتلين إلى أن "نظير كورتس الألماني، من ناحية أيدلوجية، هو وزير الصحة المحافظ، جينز سباهن، وهما يقدمان نفسيهما بطريقة تحبب الناس فيهما، وبأنه يمكن للناس الوصول اليهما، وأنهما غير رسميين، وهو ما يعجب غرينيل على ما يبدو، وحضر غرينيل ورشة عمل عن العلاقات بين أوروبا وأمريكا، نظمها سباهن خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بلباس عادي، بما في ذلك حذاء رياضي أزرق". 

ويذكر الموقع أن "بريتبارت" خرج بمقالين آخرين من المقابلة التي أجراها مع غرينيل، عنوان أحدهما: "السفير غرينيل: سلسلة الهجرة قضية رئيسية لألمانيا"، ولإبراز مدى ضخامة هذه القضية أشار المقال إلى "390 ألف سوري" سيقومون بجلب عائلاتهم إلى البلد، "بحسب الخطة الحالية".

ويورد التقرير نقلا عن غرينيل، قوله: "يتحدث دونالد ترامب كثيرا عن سلسلة الهجرة، وهذه في الواقع هي القضية في ألمانيا"، مشيرا إلى أن الأرقام التي أوردها موقع "بريتبارت" مأخوذة من صحيفة التابلويد الألمانية (بيلد) الصيف الماضي، عندما لم تكن هناك "خطة حالية" لسلسلة الهجرة أو جمع الشمل.

وتفيد الكاتبة بأنه في وقت سابق من هذا العام، أظهرت التقديرات الجديدة بأنه لو سمح للاجئين الذين يحملون تصاريح لجوء مؤقتة بجلب عائلاتهم، فإن عدد من سيتم جلبهم سيصل إلى حوالي 50 ألف إلى 60 ألف قريب، لكن لم تتم المصادقة على هذا المقترح. 

ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أنه بموجب القانون الحالي فإنه سيسمح فقط بدخول 1000 شخص من الأقارب في الشهر، لافتا إلى أنه في الوقت ذاته فإن المنظمات غير الحكومية، التي تعمل على جمع شمل العائلات، شهدت تراجعا في التبرعات التي تصلها.