نشرت صحيفة "الكونفدنسيال"
الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تدخل رجال السياسة في مجال
كرة القدم في
روسيا منذ
عصر الاتحاد السوفيتي ووصولا إلى فترة حكم فلاديمير
بوتين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي
ترجمته "
عربي21"، إن المنتخب الروسي شارك في أربع نسخ لكأس العالم لكرة
القدم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي. تجدر الإشارة إلى أن تشكيلة المنتخب الروسي
التي ترشحت لكأس العالم بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994، تكونت من 12 لاعبا روسيا
كانوا يلعبون في صفوف أندية خارج البلاد، خاصة الإسبانية والألمانية منها.
في المقابل، تقلص عدد المحترفين الروس
في تشكيلة المنتخب التي شاركت في مونديال كوريا الجنوبية واليابان سنة 2000. وبعد
مرور 12 سنة، شارك المنتخب الروسي بثلاثة وعشرين لاعبا من الدوري الروسي في
مونديال البرازيل لسنة 2014. أما بالنسبة لمونديال سنة 2018، فليس هناك محترفون في
المنتخب الروسي باستثناء فلاديمير غابولوف ودينيس تشيريشيف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي،
فلاديمير بوتين، وأصدقاءه الذين يمثلون حكم الأقلية في روسيا، نجحوا في طمس
المواهب الروسية ومنعها من التألق خارج حدود روسيا. ومنذ سنة 2014، ظلت أغلبية هذه
المواهب تلعب ضمن صفوف الدوري الروسي الممتاز، حيث رفضوا بشكل مباشر كل العروض
الإسبانية والإيطالية، فضلا عن الإنجليزية.
في الواقع، لا تعد سياسة التضييق على
لاعبي كرة القدم في روسيا حديثة العهد، حيث يعود تاريخها إلى فترة الاتحاد
السوفيتي. فخلال تلك الفترة، منعت الحكومة منعا باتا انتقال اللاعبين الروس إلى
أندية أجنبية، وأجبرتهم على اللعب في الفرق الروسية التي تعود ملكية أغلبيتها إلى
شركة السكك الحديدية، والمؤسسة العسكرية علاوة على النقابات الطلابية.
وذكرت الصحيفة أن حادثة اللاعب فاغيز
خيدياتولين لا تزال عالقة في أذهان الروس. وقد كان خيدياتولين يلعب لصالح نادي
سبارتاك موسكو التابع لوزارة الطيران الروسية، وقامت الحكومة بتجنيده في الخدمة
العسكرية مباشرة بعد أن رفض الانتقال إلى نادي سيسكا موسكو التابع للمؤسسة
العسكرية. وقد فضل خيدياتولين قبول هذه الصفقة على أن يترك كرة القدم بشكل نهائي،
إلا أن مردوده كان سيئا للغاية ضمن فريق سيسكا موسكو، وهو ما جعله يعود إلى فريقه
الأول.
وأضافت الصحيفة أن لاعب الوسط الموهوب
الروسي ألكساندر زافاروف، الذي انضم لفريق يوفنتوس سنة 1988، تلقى عرضا جيدا من فريق برشلونة، إلا أن
الاتحاد السوفيتي لم يسمح له بقبول هذا العرض، نظرا للعلاقات الدبلوماسية الجيدة
بين روسيا وإيطاليا في تلك الفترة. كما لعب ألكساندر لثلاث سنوات في فريق يوفنتوس
مقابل أجر قُدر بحوالي 1.2 مليون ليرة إيطالية أي ما يعادل 600 يورو في الشهر، حيث
استولت الدولة الروسية على جزء منه مقابل توفير شقة وسيارة، فضلا عن تأمين العلاج
الصحي المجاني للاعب.
وأكدت الصحيفة أنه منذ بداية العقد
الأول من القرن 21، التي تزامنت مع تولي بوتين للحكم، بدأت الطبقة الأرستقراطية
الروسية والأوكرانية الجديدة المحتكرة لموارد الطاقة، سيطرتها على النوادي
الرياضية. في الأثناء، أطلقت هذه الطبقة العنان لاستقطاب مواهب كروية أجنبية
للدوري الروسي بمبالغ مالية ضخمة.
وتعود هذه المبادرة إلى عاملين
أساسين؛ أولهما تأثر هذه الطبقة سلبا بالمردود الهزيل للاعبين الروس وسعي أغلبية
المواهب إلى الانضمام إلى أندية خارج روسيا، في حين ارتبط العامل الثاني بتعزيز
صفوف الدوري الروسي لإعادة المجد للكرة الروسية.
وأردفت الصحيفة أن أشهر الأندية
الروسية تكبدت خسائر قدرت بحوالي مليار يورو بين سنة 2002 و2012. وعلى سبيل
المثال، أهدر نادي زينيت سانت بطرسبرغ 233 مليون يورو، وخسر نادي أنجي محج قلعة
حوالي 141 مليون يورو. بالإضافة إلى نادي سيسكا موسكو ونادي سبارتاك موسكو، حيث
خسر كل منهما مبلغا قُدّرت قيمته بحوالي 75 مليون يورو. ولم تفز الأندية الروسية سوى
بثلاثة كؤوس في دوري أبطال أوروبا نتيجة سوء إدارة الأندية من قبل السياسيين الذين
لا يتمتعون بأي خبرة في المجال الكروي.
وأوضحت الصحيفة أن الأرستقراطية
الروسية الجديدة لا ترى في كرة القدم مجرد هواية أو مجال ترفيهي، بل سبيلا فعالا
من أجل تعزيز قوتها ونفوذها في نظر الشعب والتقرب أكثر من فلاديمير بوتين. ويمكن ملاحظة هذه
العلاقة حتى من خلال الشركات والجهات التي تتصدر أسماؤها قمصان لاعبي نوادي كرة
القدم، على غرار شركة غازبروم النفطية الروسية.
وأفادت الصحيفة أن اللاعبين الروس
أنفسهم صرفوا النظر عن اللعب في الأندية الأجنبية، حيث يرون أن الدوري الروسي
الممتاز في طور نموه وهو القادر على إعادة التألق لكرة القدم الروسية المحلية.
علاوة على ذلك، يتلقى بعض اللاعبين الروس أجورا خيالية، حيث يتقاضى المهاجم الروسي
أرتيم دزيوبا أربعة ملايين يورو، أي أكثر من ضعف معدل الأجور في الدوري الإسباني
لكرة القدم.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن ذلك يفسر
رفض اللاعب البرازيلي الروسي ماريو فيرنانديز جميع العروض التي قدمت إليه من
البرازيل، وريال مدريد فضلا عن برشلونة، حيث يتقاضى فيرنانديز 1.8 مليون يورو
سنويا ضمن نادي سيسكا موسكو.