ترى مجلة "إيكونوميست" أن المعركة الأخيرة ضد آخر معاقل المقاومة في سوريا تعني نهاية الثورة ضد نظام الأسد، التي بدأت قبل أكثر من سبعة أعوام.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن النظام السوري وداعميه الروس سيبدأون الهجوم على مدينة إدلب في وقت قريب، وستكون من أكبر معارك الحرب.
وتقول المجلة إن "الإشارات تنذر بالشؤم، حيث يقوم النظام بالحشد على بوابة محافظة إدلب، وحشدت روسيا بوارجها الحربية وحاملات الطائرات والمقاتلات في سوريا، فيما قامت تركيا بإرسال دبابات إلى الحدود، وعملت على تعزيز مواقع المراقبة في إدلب، ورد المقاتلون بتدمير الجسور، وحفر الخنادق، وتوسيع شبكات الأنفاق، وأخبرت تركيا التي تدعم المقاتلين أن الهجوم قد يبدأ بعد أسابيع".
ويجد التقرير أن "هجوما موسعا قد يكون كارثيا على إدلب، التي يعيش فيها ما بين 2-3 ملايين نسمة، وقد يدفع القتال الكثيرين منهم للهرب، لكن نجاحات النظام الأخيرة جعلت الحبل يضيق حول عنق المعارضة، ومن سيحاول الهروب نحو الحدود التركية ربما أطلق الجنود النار عليه".
وتلفت المجلة إلى حلب الشرقية، حيث تم إجلاء الآلاف إلى إدلب، مشيرة إلى أن الأمر ذاته حدث عندما هزم المقاتلون في الغوطة الشرقية، حيث نقل الآلاف منهم بالحافلات إلى إدلب.
ويفيد التقرير بأن "النظام السوري يحشد اليوم قواته على إدلب نفسها، لكن في هذه المرة قد لا يجد المدنيون مكانا للفرار إليه، وفي بلد عانى الكثير من الأهوال، واستخدام النظام فيه السلاح الكيماوي، فإن الأمم تحذر المتحدة من (أكثر المعارك هولا في سنوات الحرب الأهلية السبع)".
وتذكر المجلة أن حوالي 3 ملايين نسمة يعيشون في المحافظة، معظمهم من النازحين، وهي آخر جيوب المقاومة في سوريا، واستوعبت إدلب المقاتلين الذين لا يمكن التصالح معهم، وبينهم جهاديون مرتبطون بتنظيم القاعدة يعرفون القتال حتى الموت، مشيرة إلى أنه "لهذا فإن هناك الأسباب كلها التي تدعو للخوف من قيام الجيش السوري بالتصرف بطريقة وحشية في إدلب أكثر من أي مكان آخر".
ويستدرك التقرير بأنه "مع أن قادة تركيا وإيران وروسيا التقوا في طهران اليوم؛ للبحث في مصير إدلب، لكن الإشارات ليست جيدة، وترى سوريا أن الحل العسكري محتمل أكثر من الحل الدبلوماسي، فيما قام الطيران الروسي بضرب مواقع المعارضة المسلحة في إدلب".
وترى المجلة أن الهجوم الذي يلوح في الأفق هو إدانة لفشل العالم المستمر في سوريا، و"الأسوأ من هذا هو أن لا قوة خارجية مستعدة أو لديها القوة لوقف هذه المذبحة".
وينوه التقرير إلى أن "أسباب المأساة، التي مات فيها منذ عام 2011 أكثر من نصف مليون شخص، وشرد فيها 12 مليونا، متعددة، أهمها وحشية بشار الأسد، الذي أدى سحقه للمعارضة السلمية إلى الحرب الأهلية، بالإضافة إلى تغليب روسيا وإيران مصالحهما الذاتية، وجبن المجتمع الدولي الذي طالب بتنحي الأسد وغير مستعد للإطاحة به".
وتبين المجلة أنه على خلاف باراك أوباما، فإن دونالد ترامب قام بعملين عسكريين محدودين العام الماضي؛ ردا على الهجمات الكيماوية التي نفذها النظام السوري، لافتة إلى أن كتابا جديدا، ألفه بوب وودورد، يكشف عن أن ترامب طالب في العام الماضي باغتيال الأسد، لكن وزير دفاعه جيمس ماتيس استبعد الفكرة.
ويذهب التقرير إلى أنه "حتى لو حدث ما ينفيه ترامب، فإن التدخل الغربي في سوريا متأخر، فترامب لا يرى أي سبب يدعو الولايات المتحدة للبقاء متورطة في الحرب بعد هزيمة تنظيم الدولة، مع أن الغرب لديه مصلحة أمنية في سوريا، وليس واجب أخلاقي فقط، وتخفيف المعاناة عن السوريين، ووقف أكبر أزمة لجوء يشهدها العالم، فاللاجئون الفارون من إدلب قد يؤثرون على استقرار الدول الجارة لو تدفقوا نحو أوروبا، كما فعلوا في عام 2015، وسيمنح هذا الجماعات المعادية للمهاجرين في القارة فرصة لتقوية صفوفها، كما حدث في إيطاليا والسويد، ومن المحتمل انضمام الجهاديين الأشداء إلى موجات اللاجئين، ما سيخلق تهديدا مباشرا".
وتشير المجلة إلى أن هناك مخاطر من انجرار تركيا للحرب، فقد أقامت عددا من نقاط المراقبة بين النظام والمعارضة لدعم منطقة خفض التوتر في إدلب، وهي آخر المناطق الأربع التي لم تسقط في يد النظام.
وبحسب التقرير، فإن روسيا والنظام السوري يتهمان تركيا بالفشل في منع الهجمات من المحافظة، مشيرا إلى أنه "كانت لدى الدول الغربية فرصة للتدخل في الحرب منذ البداية، ولو فعلت لأوقفت المذبحة، وكل ما يمكنها عمله الآن هو تخفيف الرعب".
وتعتقد المجلة أن "أمريكا محقة عندما هددت النظام السوري بالانتقام في حال استخدم السلاح الكيماوي، ويجب على الغرب الضغط على روسيا لفتح ممرات إنسانية تسمح للمدنيين بالهروب إلى الأراضي الخاضعة للنظام، أو إلى المحاور الآمنة التي أقامتها تركيا في الشمال".
ويبين التقرير على أنه "يمكن للغرب مراقبة سلوك النظام، وجمع أدلة عن ارتكابه جرائم حرب والقادة المتورطين فيها، بمن فيهم الروس، ويمكن وضعهم على قائمة العقوبات، ويجب على الغرب تحذير الأسد والرئيس فلاديمير بوتين من الثمن السياسي للنصر في إدلب لو تم من خلال طرق غاشمة، فلن يسمح لروسيا بالحصول على الاتفاق السياسي، الذي تحاول من خلاله وقف الحرب بناء على شروطها، ولن يحصل الأسد على المال الذي يريده لإعادة إعمار المدن التي حولها لأنقاض".
وتقول المجلة: "يجب تذكيرهما أنه دون تسوية تمنح النازحين السنة نوعا من الكرامة والمشاركة في السلطة، فإن العنف المتطرف سيظل قائما".
ويؤكد التقرير أن "التحرك الدبلوماسي الغربي لن يترك مفعولا كبيرا سوى تخفيف الوضع، لكن على الجميع ألا ينسوا الحقيقة عن المعاناة السورية، وهي أن الأسد ربح، وهو مصمم على استعادة ما تبقى من البلد الذي كاد أن يفقده بالكامل".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "بوتين محق في قوله إن العالم سيتعامل مع سقوط إدلب كما تقبل سقوط حلب، لكن السؤال الحقيقي هو كم من الوقت سيحتاجه الروس والأسد للسيطرة عليها، وبأي ثمن من الأرواح البريئة، وكم من الكراهية ستزرعها العملية".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا
الغارديان: لماذا أصبحت أمريكا متفرجا على إدلب؟
عامل إغاثة بإدلب: الملايين منا عالقون وعلى العالم إنقاذنا
نيويورك تايمز: هل سينهي الهجوم على إدلب الحرب السورية؟