أجمع خبراء عسكريون
وسياسيون معارضون على أهمية الاتفاق التركي الروسي في
سوتشي أمس بشأن محافظة
إدلب
وأثره في دفع شبح الهجوم العسكري الروسي عليها وما كان سينجم عنه من كارثة إنسانية
بحق المدنيين.
واعتبر الخبراء
والسياسيون الذي تحدثوا لـ"
عربي21" أن الدبلوماسية التركية حققت اختراقا
جديدا ومهما في الملف السوري في ظل التحديات التي يواجهها وخاصة غياب العرب عن
الفاعلية فيها وشعور النظام والروس والإيرانيين بشعور المنتصر لإنهاء آخر معاقل
الثورة بسوريا.
وكان الرئيسان التركي
رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين أعلنا مساء أمس التوصل لاتفاق لإنشاء
منطقة عازلة بمحيط محافظة إدلب بعمق يبلغ ما بين 15-20 كيلومترا بحلول منتصف الشهر
المقبل.
وصرح وزير الدفاع
الروسي سيرغي شويغو عقب الإعلان عن إنشاء المنطقة العازلة أنه "لن تكون هناك
عملية عسكرية في إدلب".
غياب عربي
عضو الهيئة السياسية
في الائتلاف الوطني السوري المعارض يحيى مكتبي قال إن المرحلة الماضية على إدلب لا
شك أنها كانت تحمل مخاوف ومخاطر كبيرة من هجوم عسكري سيروح ضحيته أعداد كبيرة من
الأبرياء في ظل وجود 4 ملايين نسمة بالمحافظة.
وأوضح مكتبي
لـ"
عربي21" أن اتفاق الأمس خطوة كبيرة لكن الجميع بحاجة للحصول على
تفاصيل والاستيضاح بشأن ما جرى في سوتشي.
وعبر عن خيبة أمل
المعارضة السورية من مواقف بعض الدول وخاصة العربية من الوضع في إدلب وقال إنها:
"لم تكن على مستوى الحدث وسمحت للمشروع الإيراني بالتمدد وليكون معولا يضرب
السوريين".
وأضاف مكتبي: "لو
كان بجانب السوريين من يساندهم مثل الموقف التركي لما وقع الكثير بحق الشعب الذي
خرج للمطالبة بحريته".
وتابع: "بعض
الدول تضعط على تركيا من خلال الملف السياسي السوري".
وشدد مكتبي على أن التظاهرات
الكبيرة التي خرجت في عموم إدلب كان لها الأثر الكبير في التأثير على الأحداث خلال
الأسبوع الماضي وأعادت للثورة ألقها.
وحذر مكتبي في الوقت
ذاته من مجموعة أطراف لا تهتم سوى بشأنها الخاص وتريد المضي برؤيتها بعيدا عن
الثمن الذي يمكن أن يتكبده المدنيون الأبرياء.
مصطلح جديد
من جانبه قال الخبير
العسكري العقيد أديب عليوي إن الاتفاق يعد انتصارا للدبلوماسية التركية النشطة في
المنطقة والتي استطاعت الموازنة بين مواقفها والعلاقات الاستراتيجية مع دول كبرى
مثل روسيا.
وأشار عليوي
لـ"
عربي21" إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "تعامل بعقلانية
غير معهودة عنه ولم يفرط بعلاقاته الاستراتيجية ومكاسبه مع تركيا وتوصل لاتفاق
المنطقة منزوعة السلاح".
ووصف فكرة المنطقة
العازلة منزوعة السلاح بأنها مصطلح جديدة في العلم العسكري لأن الاعتياد كان على
إنشاء مناطق عازلة فقط لكنه أكد أن الأيام المقبلة ستكشف العديد من التفاصيل بشأن
كيف ستجرى الخطة.
وأثار عليوي جملة
تساؤلات بشأن حدود المنطقة العازلة وعمقها فيما إذا سيكون داخل مناطق النظام أو
المعارضة؟.
وأضاف: "بالعودة
لأحد اتفاقات أستانة نلاحظ أن مسألة المناطق المؤمنة غرب السكة وشرق السكة بحلب
والاتفاق على فتح الطريق الدولي من معبر باب الهوى وباب السلامة إلى معبر نصيب
لمرور القوافل بشكل آمن يلبي ما اتفق عليه أمس".
وأوضح عليوي أن اتفاق أمس خليط بين كل تلك
التفاهمات السابقة مع معطيات جديدة ستضاف على الأرض.
وبشأن بند سحب السلاح الثقيل قال عليوي:
"من غير المعروف ما إذا كان السلاح سيصير بعهدة الروس أو الجيش التركي أم
سيصار إلى نقله لمناطق أخرى وربما مناطق درع الفرات".
وبشأن هيئة تحرير الشام وتواجد عناصرها بإدلب
قال الخبير العسكري إن الدبلوماسية التركية تمكنت قبل 5 أشهر من شطر الهيئة لشطرين
في محاولة لإقناعهم بسحب ذريعة الهجوم وإنهاء هذا التواجد لكنه في الوقت ذاته قال
إن إحدى التسريبات تتحدث عن انتقال هؤلاء العناصر لمناطق يتواجد بها عناصر من حزب
العمال الكردستاني".
لغز النصرة
بدوره قال الكاتب
السوري المعارض محمد الحاج عبد الله إن الرضوخ الروسي الإيراني للكف عن شن عملية
عسكرية على إدلب لم يكن بمحض إرادتهم.
وأوضح الحاج عبد الله
لـ"
عربي21" أن صلابة الموقف التركي في رفض الهجوم والحشود العسكرية التي
دفع بها خلال الفترة الماضي إلى إدلب فضلا عن التهديدات التي أطلقت من دول أوروبية
تجاه النظام السوري أسهمت في التوصل لاتفاق الأمس والتراجع عن "الحماقة التي
كان يريدها النظام وحلفاؤه".
وعلى صعيد هيئة تحرير
الشام وطريقة التعامل معها قال إن "لغز النصرة سيحل بطريقة ذكية وهناك تجربة
رائدة للأتراك في مناطق درع الفرات في إنهاء وجود الجماعات المتطرفة دون
إشكالات".
وأشار الحاج عبد الله
إلى أن بعض الدول الداعمة لـ"المتطرفين" باتت في موقف محرج بعد المساعي
التركية في إنهاء تواجدها بإدلب والشمال السوري.
وأكد على وجود حالة من
الارتياح في أوساط المدنيين في إدلب بعد اتفاق أمس بالترافق مع تحقيقه مصالح الأمن
القومي التركية خاصة وأن موجة نزوح غير مسبوقة كان ستتدفق على الحدود التركية لو
وقع الهجوم.