نشر موقع "هافنغتون بوست" الأمريكي تقريرا، سلط من خلاله الضوء على تبعات قضية احتجاز نظام ابن سلمان للصحفي جمال خاشقجي وقتله. ويبدو أن السياسة القمعية التي انتهجتها السعودية في تعاملها مع خاشقجي قد بثت الرعب في نفوس الأمراء السعوديين.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اختفاء الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية الرياض لدى إسطنبول، ترتب عنه توجيه انتقادات لاذعة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. ولا يقتصر تأثير الأزمة الحالية على الأمير الشاب فقط، بل يمتد ليشمل كل فروع العائلة الملكية في المملكة العربية السعودية.
وأضاف الموقع أن وجود تضارب في الآراء والتخمينات المتعلقة بمكان وجود السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان بن عبد العزيز، يشير إلى أن قضية خاشقجي أدت إلى زيادة التوترات داخل العائلة الملكية حول النهج المتطرف الذي يتبعه محمد بن سلمان. ومنذ مغادرته لمقر السفارة السعودية في واشنطن خلال الأسبوع الماضي، لم يظهر أي دليل على مكان وجود السفير السعودي حتى الآن.
اقرأ أيضا: أمير سعودي يدعو الملك للتنحي وتنصيب هذا الشخص (ِشاهد)
في واقع الأمر، تعد عودة السفير السعودي لدى الولايات المتحدة إلى الرياض مؤشرا بسيطا يفسر طبيعة العلاقات داخل الدائرة السياسية التي يتوسطها محمد بن سلمان. ويدل استدعاء ابن سلمان لشقيقه السفير دليلا على أنه يعتزم مواصلة إضعاف الفروع الأخرى من العائلة الملكية، وذلك بعد أن اعتقل عددا كبيرا من الأمراء السعوديين خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2017.
وتطرق الموقع إلى تصريح أحد المسؤولين الغربيين في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية خلال السنة الماضية، الذي قال إن "نفوذ العائلة الملكية ينتقل من آل سعود إلى آل سلمان. ولم يحظ هذا التوجه بقبول الفروع الأخرى للعائلة". وتجدر الإشارة إلى أن ابن سلمان يتذرع بتطبيق تعاليم الديمقراطية لتبرير حملة الاعتقالات التي شنها ضد العديد من الأمراء.
وبين الموقع أنه في حين نجح محمد بن سلمان في إعادة تشكيل جزء كبير من الهيكلة العسكرية والسياسية السعودية، فإنه لا يزال الكثير من الأمراء يتمتعون بنفوذ لا بأس به في المملكة. ويرجع هذا النفوذ بالأساس إلى نسب هؤلاء الأمراء وانتمائهم إلى العائلة الملكية، فضلا عن علاقاتهم الخارجية الواسعة.
وأشار الموقع إلى عدم رضا العديد من الأمراء إزاء طريقة معاملة ولي العهد محمد بن سلمان لهم. ويذهب العديد من الخبراء والمحللين إلى الاعتقاد بأن سلسلة القرارات الخطيرة التي اتخذها الأمير السعودي، على غرار حملته العسكرية في اليمن وحصاره لقطر واغتياله المزعوم لجمال خاشقجي، تشكل خطرا على استقرار المملكة. وبشكل خاص، يشعر السعوديون الذين ينشطون في كنف الحكومة المحلية بالقلق إزاء تنامي نفوذ ولي العهد.
اقرأ أيضا: كيف وضع ابن سلمان مستقبل المملكة على المحك؟
وتطرق الموقع إلى واقعة سابقة تظهر أن مخاوف الأمراء السعوديين إزاء طريقة الحكم في المملكة ليست وليدة الوضع الراهن. ففي سنة 2015، كشفت تسريبات لرسالتين كتبهما أحد كبار الأمراء مدى استياء العائلة المالكة من أسلوب الحكم الذي يتبعه الملك سلمان بعد نشوب أزمة كبرى تتعلق بإدارة الحج لتلك السنة. والجدير بالذكر أن تعمق خيبة أمل الأمراء السعوديين يمكن أن تلحق ضررا كبيرا بولي العهد محمد بن سلمان.
شهد التاريخ السعودي حادثة تاريخية سابقة انقلب خلالها أعضاء بيت آل سعود على بعضهم البعض من أجل تحقيق المصلحة العامة للمملكة. وخلال سنة 1964، استولى ولي العهد السعودي، الأمير فيصل، على الحكم وأطاح بشقيقه الملك سعود بعد تلقيه دعما كبيرا من طرف الأقارب ذوي النفوذ السياسي والمالي القوي.
وأفاد الموقع بأن انتقاد بعض السياسيين الأمريكيين لابن سلمان بسبب ضلوعه في اختفاء خاشقجي لا يعود بالفائدة على الأمراء السعوديين بشكل كبير. في المقابل، يمكن للأمريكيين أن يعرضوا على الرياض صفقة من شأنها الحفاظ على العلاقات الأمريكية السعودية مقابل تنحي محمد بن سلمان عن منصبه. وبالنسبة للعائلة الملكية، فإنه يمكن لهذا الأمر أن يمثل خطوة فارقة قد تنتهي بخسارة كل شيء في نهاية المطاف.
وأوضح الموقع أن الأمراء السعوديين يشعرون بالقلق بشأن مدى استعداد حلفائهم من الدول الغربية للوقوف معهم بشكل فاعل طوال فترة تغيير السلطة. وحيال هذا الشأن، لم تحتج الحكومات الغربية على قيام محمد بن سلمان بحملة اعتقالات جماعية طالت أبناء عمومته، وذلك على الرغم من التقارير التي تشير إلى انتهاجه سياسة قائمة على التعذيب والترهيب.
اقرأ أيضا: ليندسي غراهام يهاجم ابن سلمان بشدة ويدعو إلى تغييره (شاهد)
في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كان منافسو محمد بن سلمان يمتلكون فرصة لتقويض سلطته. وحيال هذا الشأن، صرح الناشط الحقوقي والمعارض السعودي الذي يعيش في الولايات المتحدة، علي آل أحمد، بأن "الأمراء لا يقدرون على فعل الكثير حيال تصرفات ولي العهد، حيث إنهم لا يمتلكون منافسا قويا له، ولا الشجاعة اللازمة للقيام بأي خطوة".
وأبرز الموقع أن رغبة دونالد ترامب في دعم محمد بن سلمان وتصديق روايته في ما يتعلق بقضية جمال خاشقجي تعزز الشعور بأن الأمراء السعوديين غير قادرين بالفعل، على المساس بولي العهد. وفي الوقت ذاته، يساهم عزل السعودية لنفسها عن الدول الأوروبية، وعدم مشاركتها في الأعمال التجارية العالمية، في جعل مستقبلها الاقتصادي قاتما للغاية.
وفي الختام، شدد الموقع على أنه في ظل تهميش عائلة آل سعود الموسعة وتقويض نفوذها من طرف محمد بن سلمان، يبرز تساؤل ملح حول هوية الأمير الذي قد يقدر على تنحية ولي العهد السعودي من منصبه في الوقت الحالي.
صحيفة: استخبارات أمريكا ترجّح ضلوع ابن سلمان بقتل خاشقجي
"واشنطن بوست": هذا ما سيفعله ترامب مع السعودية
مستشار أردوغان: اختفاء "خاشقجي" عملية موجهة ضد تركيا