تتواصل محاولات حكومة الانقلاب العسكري بمصر لسد عجز الموازنة العامة بفرض الضرائب على المصريين، فما بين ضريبة القيمة المضافة والعقارية وضرائب الدخل؛ وصل الأمر لفرض الضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلن وزير المالية محمد معيط، أمام لجنة الخطة والموزانة بمجلس النواب الأحد، أنه بصدد فرض ضريبة قريبا على الإعلانات بمواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار خطة الوزارة لزيادة الضرائب.
وكان معيط قد قال في 26 تموز/يوليو 2018، إن الوزارة تدرس فرض ضرائب على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث، لتتساوى مع الصحف التي تسدد ضرائب على الإعلانات، بجانب فرض ضريبة على البضائع والسلع التي يتم بيعها عبر مواقع التجارة الإلكترونية.
وتبلغ نسبة متحصلات الضرائب من حجم الموازنة العامة للدولة نحو 77.8 بالمئة، حسب وزير المالية السابق عمرو الجارحي، الذي قال في نيسان/أبريل الماضي، إن الحكومة تستهدف زيادة الحصيلة الضريبية من المواطنين بنسبة 23.4بالمئة، بالعام المالي (2018/2019)، لتصل إلى 14.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بواقع 770,28 مليار، من جملة إيرادات مستهدفة تبلغ 989 ملياراً و188 مليون جنيه، بنسبة تصل إلى 77.8بالمئة.
خياران للتطبيق
ويرى مستشار التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي عمر الشال، أن نظام السيسي لم يترك فرصة للتنقيب بجيوب الشعب بحثا عن أي "فكة" إلا وفعلها، مضيفا: "وفي هذا السياق طرح البرلمان الملاكي فكرة إصدار القانون اعتمادا على أن بعض دول العالم تطبق الضريبة بالفعل"، وموضحا أن "المشكلة غياب البنية التحتية الجيدة للحكومة".
الشال، قال لـ"عربي21": "بافتراض حسن نية الحكومة تجاه القانون والذي يفترض أن يعود على دافعي الضرائب بالفائدة، فإن تطبيقه ليس له إلا طريقتين، الأولى: أن يلتزم دافع الضرائب بتقديم ما يفيد لمصاريفه الإعلانية على السوشيال ميديا، وهنا على دافع الضرائب أن يقدم ما يفيد أم ما يحجبه عن الحكومة لأن بكثير من الدول تخصم مصاريف الدعاية من الضرائب على الشركات بهدف دفعها لتدوير رأس المال وصرفه".
وبين أن "الحالة الثانية: أن يكون لكل فرد وشركة رقم ضريبي للتعامل مع الجهات الحكومية، وهو مطبق بالدول المتقدمة والأوربية، وهنا تطبق الضريبة من المنبع وبالتنسيق مع فيسبوك، ففي أيرلندا كمثال، يضع الشخص رقمه الضريبي بحسابه الإعلاني بفيسبوك، وتضاف الضريبة تلقائيا على مصاريفه الإعلانية وبالتالي لا يحدث ازدواج ضريبي".
وأوضح الإعلامي المهتم بالشأن التكنولوجي،أنه "بالحالة الأولى سيطبق القانون على من يقدم إقراره الضريبي ما يفيد مصاريفه الإعلانية على السوشيال ميديا فقط، وغني عن القول أن البنية التحتية لمصر لا تتوافق مع الحالة الثانية".
وأضاف أن "الضرائب هي نوع من مشاركة الأفراد والشركات بمصاريف الحكومة تعود عليهم بالخدمات، وليست مجرد جباية"، مبينا أن "القانون المصري بناءا على المعلومات المتاحة عنه حتى هذه اللحظة لا يقدم تطمينات ولا يعطي مؤشرات إيجابية، وأغلب الدول التي طبقت القانون – وعددها قليل– مستوى الخدمات فيها ممتاز واقتصادها قوي وبالتالي لا يجد الشعب غضاضة عن دفع الضرائب كونها أموال ستعود عليه".
خياران أحلاهما مر
وفي تعليقه يرى المحامي والبرلماني السابق، عاطف عواد، أن "الإفراط في فرض الضرائب يقتل أي إمكانية للتقدم الصناعي"، معتبرا أنها "دائما حيلة الفاشلين في تحقيق أي نمو اقتصادي".
عواد، أكد لـ"عربي21"، أن "الوزير الذي لا يجد حلولا إبداعية لمشاكله الاقتصادية غير جباية الأموال -وبغض النظر عن وجود أهداف أخرى لديه من عدمه- هو وزير فاشل وعبء على المنظومة المالية ويضر بالنظام الذي وضع ثقته فيه".
وأضاف السياسي المصري: "ناهيك عن ضرر -فرض الضرائب- البالغ بمحدودي الدخل والطبقات المتوسطة التي كادت أن تنضم إلى قافلة الفقراء وما يمكن أن يؤدي إليه بزيادة الضغط على المحتاج من عواقف وخيمة"، موضحا أن "الضرائب تجعل الفقير أمام خيارين أحلاهما مر إما الاستسلام والموت جوعا أو الانفجار".
إفلاس فكري وخططي
وقال نائب رئيس حزب الجبهة مجدي حمدان موسى، إن "هناك إفلاسا فكريا وخططيا لدى الحكومة ووزرائها لتعظيم المدخلات وتقليل عجز الموازنة والتوقف عن الاقتراض اليومي؛ لذا دائما وأبدا ما نجد أن الحلول تصب كلها باتجاة المواطن".
حمدان، أشار بحديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "على الرغم من أن الدستور كفل حرية الفكر والتعبير بكافة الوسائل إلا أن الدستور لم يعد بالقوة"، معتقدا أن "القوى التي تمثلها صفحات التواصل الاجتماعي وقدرتها على الإجماع بأمر معين مقاطعة أو رؤى أو تصدي لقوانين مثلما رفضها قانون (منع النقاب)؛ أصبح لزاما على الحكومة أن تتصدى لتلك الحالة من المعارضة غير المسيطر عليها خاصة بعد حجب المواقع العديدة والتي كانت بمثابة المتنفس للعديد من المشكلات".
غير مؤثرة بالموازنة
من جانبه اعتبر رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، أن إعلان وزير المالية أمام بمجلس النواب فرض ضريبة على الإعلانات بمواقع التواصل الاجتماعي، ليس جديدا وهو محاولة من الوزارة لزيادة حصيلتها من الضرائب في طريقها لمعالجة العجز الكبير بالموازنة العامة للدولة".
وحول ما يمكن أن تدره تلك الضريبة للموازنة توقع الشهابي في حديثه لـ"عربي21"، أن "عوائدها لن تكون مؤثرة في دعم موازنة الدولة"، مشيرا إلى أن "الحكومة مازالت مترددة بتنفيذ الإجراءات التي تتخذها كل الدول الآخذة بالنظام الاقتصادي الرأسمالي الحر مثل (الضريبة التصاعدية) و(الضريبة على الأرباح الرأسمالية) بالبورصة ومكافحة التهرب الضريبي الذي يصل إلى 500 مليار جنيه سنويا".
السيسي يهاجم مواقع التواصل ونشطاء يجيبونه
انتهاكات جسمية بحق أهالي المعتقلين بمصر أثناء الزيارات
زيارة السيسي للخرطوم.. لماذا غابت ملفات مهمة وحضرت الفاكهة؟