هدد محتجون في الجنوب الليبي بغلق الحقول النفطية، وسط حالة غضب وردود فعل كبيرة من المؤسسة الوطنية للنفط، التي اعتبرت الإغلاق خسارة كبيرة لاقتصاد البلاد الضعيف أصلا، وسط تساؤلات عن أهداف ومطالب المهددين.
وكشف مصدر قريب من أحداث الحقول النفطية في الجنوب لـ"عربي21" أن "مجموعة تابعة لحرس المنشآت النفطية يقدر عددهم بين 7 إلي 10 أشخاص هم وراء هذه التهديدات وأنهم أصدروا أوامرهم للعمال بغلق حقلي الشرارة والفيل لكن العمال رفضوا وقف الإنتاج وقفل الحقول"، بحسب معلوماته.
خسائر وتحذيرات
من جهتها، حذرت المؤسسة الوطنية للنفط من قاموا بهذه التصرفات والتهديدات ومن أصدروا أوامر الإغلاق، مؤكدة أنها "ستلاحق كل الأطراف المشاركة في هذا الفعل الشائن، وذلك وفقا لأحكام القانون الليبي، كاشفة عن أسماء "المحرضين"، معربة عن شكرها لموقف وشجاعة العمال الذين رفضوا الإغلاق رغم التهديدات".
وأكدت المؤسسة أن "إغلاق حقل الشرارة سوف يتسبب في خسائر يومية تقدر بحوالي 32 مليون دولار أميركي يوميا، وأن "الإغلاق سيؤثر على عمليات إمداد مصفاة الزاوية بالنفط؛ ممّا سيكبّد الاقتصاد الليبي خسائر إجمالية بقيمة 32.5 مليون دولار أميركي يوميا"، حسب بيان للمؤسسة.
والسؤال: ما تداعيات إغلاق الحقول النفطية في الجنوب الليبي؟ وهل بدأ حراك غضب فزان (الجنوب) بتنفيذ تهديداته التي أطلقها من قبل ضد الحكومة؟ وهل سيخرج الجنوب الليبي عن السيطرة؟.
تداعيات خطيرة
من جهته، أكد وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أن "غلق الحقول له تداعيات خطيرة ليست مادية فقط بل ومعنوية أيضا، لكن في ضوء ممارسات الحكومات من هدر للأموال مع التهميش والفقر وضغوط معيشية لايترك لنا مجال لتوجيه النقد لأي تصرفات تصدر عن المواطنين".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "الحكومة الليبية فاقدة للفعل والمبادرة كونها في مشكلة مثل النفط هذه تسعى لإطفاء الحريق بشراء بعض الذمم والولاءات، رغم أن ما ينبغي فعله هو إعادة النظر في أوجه الفساد فيما يقع تحت سلطتها من مرتبات وبذخ ثم وضع سياسات ناجحة لمكافحة الفساد"، حسب قوله.
اقرأ أيضا: مؤسسة النفط الليبية تحذر من "نتائج كارثية" لوقف حقل الشرارة
وتابع: "ثم بعد ذلك التوجه إلى الجنوب لدراسة الاوضاع والتعرف عن كثب عن أسباب غياب الوقود والسيولة والعلاج ووضع الحلول الناجعة لهذه المشكلات"، وفق تقديره.
"أياد خارجية"
وقال عضو المؤتمر الوطني العام الليبي السابق، عبدالفتاح الشلوي إن "الجنوب الليبي مهمش بالفعل، ولا يعني ذلك أن الشمال وجناحي الوطن يعيشان خارج دائرة التهميش، وليس أمام الحكومة إلا اللجوء لسياسة الحل المؤقت مع من قاموا بقفل الحقول النفطية بالجنوب".
وأضاف لـ"عربي21": "وإن كانت الأيادي الخارجية أضحت أكثر تأثيرا في الجنوب، لكن لا أتوقع أن تطول مدة الأزمة، وأعزوها للتقلبات السياسية التي تمر بها بلادنا اليوم، ومقدمات وإرهاصات للحراك السياسي القائم هذه الأيام، وانتفاخ بطن البعثة الأممية بالملتقى الجامع، وسعي البعض لتقبيل وتبني الوليد المفترض"، حسب وصفه.
شروط جزائية
ورأى الخبير الليبي في شؤون النفط والغاز، طارق إبراهيم أن "تداعيات إغلاق الحقوق النفطية ستكون عنيفة وستتسبب في خسائر كبيرة لليبيا أهمها فقدان ثقة عملائنا، وهذا سيضر كثيرا بسمعة إمدادات الخام الليبي، وقد تضطر الدولة لدفع شروط جزائية للمشترين ما لم يتم إعلان حالة القوة القاهرة هناك".
وأشار إلى أن "الإغلاق ربما يكبد الخزانة العامة خسائر تفوق الـ 30 مليون دولار أمريكي يوميا، أما بخصوص المجلس الرئاسي فهو فاشل وغير قادر على إدارة الأزمات في الجنوب، والحل لهذا المشكل هو الدخول في شراكة مع السكان المحليين في مناطق العمليات النفطية والتعامل"، كما صرح لـ"عربي21".
تواطؤ وابتزاز
الصحفي والمحلل السياسي من الجنوب الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف قال من جانبه؛ إن "أساليب الإبتزاز هي الأشد على الاقتصاد الليبي من غيرها من المشاكل التي تواجهه وبخاصة في قطاع النفط والغاز حيث تكبدت الدولة الليبية خسائر في حدود المائة مليار دولار نتيجة لموجة إغلاق موانئ الهلال النفطي".
اقرأ أيضا: بسبب سوء الأحوال الجوية.. ليبيا تقرر إغلاق موانئ النفط
وأوضح لـ"عربي21" أن "حكومة الوفاق استطاعت فتح صمامات الغاز في الجبل الغربي التي أغلقت منذ 2013 بعد ضغوط دولية، وأن المؤسسة الوطنية انتهجت سياسة عدم الرضوخ لأي إبتزاز ونجحت هذه السياسة في إجبار أي جهة بفتح الحقوق بل والطرد منها أحيانا"، حسب كلامه.
وأضاف خلال تصريحات من الجنوب الليبي أن "مؤسسة النفط تستمر حاليا في تطبيق نفس السياسة، لذا ليس هناك أي طائل من وراء ما يقوم به حراك غضب "فزان" بالتواطؤ مع كتيبة حرس المنشآت في حالة تنفيذ تهديداتهما التي ستسبب خسائر كبيرة على ليبيا عامة وعلى الجنوب خاصة"، كما قال.
"السترات الصفراء" تنتصر بفرنسا.. كيف علق النشطاء العرب؟
الإعلام المصري و"السترات الصفراء".. "فزاعة" لإبعاد الاحتجاجات
هجوم على تعديلات البرلمان الليبي.. هل سيرفضها الأعلى للدولة؟