يثار بين فترة وأخرى موضوع اليهود العرب في إسرائيل، حيث طالبت أكثر من منظمة يهودية بتعويض هؤلاء اليهود نتيجة هجرتهم من الدول العربية إلى إسرائيل بعد نشأتها في عام 1948. وتسعى تلك المنظمات اليهودية وإسرائيل من وراء ذلك إلى ربط حق تعويض اللاجئين الفلسطينيين بحق آخر مفترض لتعويض اليهود العرب في إسرائيل، وقد يكون الهدف من ذلك بداية الضغط الإسرائيلي المنظم لتهميش القرار 194 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 وصولاً إلى شطبه. ويقضي القرار المذكور بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم في أقرب فرصة ممكنة والتعويض عن الأضرار النفسية والمادية التي لحقت بهم جراء طردهم من ديارهم.
الدعاية الصهيونية ويهود الدول العربية
بداية لا بد من التأكيد بأنه لم تحصل عمليات دفع عربية مبيتة لليهود في اتجاه فلسطين المحتلة عام 1948، في حين تمت عشرات المجازر الموثقة ضد الفلسطينيين في ذلك العام لترويعهم وبالتالي طردهم، وهذا ما حصل فعلاً، حيث تمَّ طرد نحو 850 ألف فلسطيني إلى خارج فلسطين بقوة المجازر أو التهويل في ارتكاب مجازر أخرى في وقت لاحق.
اقرأ أيضا: آخر إحصاء إسرائيلي: هذا عدد يهود العالم وتوزعهم الجغرافي
واللافت أنه على الرغم من قلة عدد اليهود في الدول العربية، لكنهم كانوا جزءاً من النسيج الاجتماعي وامتزجوا في حياة البلاد العامة وعاداتها وتقاليدها، ولم تكن"الغيتاوات" الخاصة بهم موجودة في الدول العربية، إلا أنه وبعد إنشاء إسرائيل في أيار/ مايو 1948، تمكنت من الدعاية الصهيونية تشويه صورة أوضاع اليهود في الدول العربية، وتالياً حمل اليهود العرب على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وذلك بغية تحقيق الهدف الديموغرافي الصهيوني والإسرائيلي الذي يتركز حول التفوق الكمي على العرب في فلسطين في نهاية المطاف، واستطاعت إسرائيل بدعم من المؤسسات الصهيونية وخاصة الوكالة اليهودية جذب غالبية أبناء الطائفة اليهودية من الدول العربية إلى فلسطين المحتلة خلال الفترة الممتدة بين عامي 1948 و2018.
حقائق ومعطيات أساسية
وتبعاً لذلك هاجر إلى فلسطين المحتلة الآلاف من يهود الدول العربية على مراحل، ولهذا تراجع مجموعهم في الدول العربية من (700) ألف يهودي عام 1950 إلى (585) ألفا عام 1960، ولم يتعد مجموع اليهود في الدول العربية خلال العام الحالي 2018 (3500) يهودي، منهم (2000) في المغرب و(1000) آخرين في تونس، ويتوزع خمسمائة يهودي في باقي الدول العربية، وبالتحديد في مصر وسورية واليمن.
في مقابل ذلك وصل عدد اليهود من أصول عربية في إسرائيل حالياً إلى مليون وثلاثمائة ألف يهودي، يمثلون (20) في المائة من إجمالي مجموع اليهود فيها، وبات اليهود من أصول عربية يشكلون (56) في المائة من إجمالي عدد اليهود السفا رديم في إسرائيل خلال العام الحالي 2018، والمقدر بنحو مليونين وثلاثمائة وأربعين ألف يهودي.
وبالاعتماد على المجموعات الإحصائية الإسرائيلية التي تصدر سنوياً، فإن نسبة اليهود الأشكناز من أصول أمريكية وأوروبية في إسرائيل قد وصلت إلى أربعين في المائة خلال السنوات الأخيرة، في حين تصل نسبة اليهود السفارديم من أصول شرقية آسيوية وأفريقية إلى ستة وثلاثين في المائة، أما اليهود الصابرا، أي اليهودي من أب مولود في فلسطين المحتلة، فتصل نسبتهم إلى أربعة وعشرين في المائة من إجمالي مجموع اليهود في إسرائيل.
عنصرية إسرائيل إزاء اليهود من الدول العربية
وبشكل عام تراجع مجموع اليهود في الوطن العربي، ففي حين لم يتعد مجموع اليهود في الدول العربية (3500) يهودي خلال عام 2018، بات في إسرائيل نحو مليون وثلاثمائة ألف من الدول العربية، حيث الزيادة الطبيعية عالية بينهم نظراً لارتفاع الخصوبة عند المرآة اليهودية من المغرب والعراق واليمن على سبيل المثال، مقارنة بالنساء اليهوديات من أصول غربية. وبسبب ارتفاع معدلات النمو الطبيعي لليهود العرب سترتفع نسبتهم إلى أكثر من ثلث مجموع اليهود في إسرائيل بعد عقدين من الزمن.
ومن الأهمية الإشارة أيضاً إلى أن نسبة اليهود العرب الأفارقة من دول المغرب العربي ومصر تصل إلى (90) في المائة من إجمالي عدد اليهود الأفارقة، الذين يشكلون بدورهم (17) في المائة من مجموع اليهود في إسرائيل خلال عام 2018.
وهكذا يشكل اليهود العرب من أصل أفريقي نحو (16) في المائة من إجمالي عدد اليهود في إسرائيل بشكل عام. كما يشكل اليهود من أصول مغربية (63) في المائة من إجمالي عدد اليهود العرب في إسرائيل والبالغ مليون وثلاثمائة ألف يهودي كما أشرنا، و ثمة (37) في المائة من أصول عربية آسيوية، أي من العراق ولبنان وسورية واليمن وغيرها من الدول العربية الآسيوية.
والثابت أن الشعارات الصهيونية والإسرائيلية، مثل "أرض الميعاد"، و"فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، نجحت إلى حد كبير في جذب غالبية اليهود من الدول العربية ليشكلوا ثقلاً بشرياً هاماً في إسرائيل، لكنه لم يصل أحد من اليهود العرب إلى سدة الحكم في إسرائيل منذ نشأتها عام 1948، ونقصد هنا رئاسة الوزراء، نظراً لاعتبار شريحة كبيرة من التجمع الاستيطاني الصهيوني في إسرائيل أن اليهود الاشكناز من أصول غربية، هم بناة إسرائيل الأوائل.
اقرأ أيضا: تعرف على علاقات الرؤساء العرب مع يهود أمريكا
انتهازية نتنياهو وحماسة المطبعين العرب
حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني.. الدوافع والمآلات
طريق واحد يصل إلى فلسطين.. عبر المقاومة