أثارت تسريبات للتقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة، موجة جدل في تونس، بعد حديث عن تطويع نظام المخلوع بن علي أكثر من 40 ألف مخبر للتجسس على المعارضين وأقاربهم.
وفيما تستعد الهيئة -هيئة مستقلة أوكلت لها مهمة النظر بمسار العدالة الانتقالية بعد الثورة- لنشر تقريرها الختامي بعد عرضه على كل من رئاسات الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، بدأ الجدل يتصاعد بين الأوساط السياسية والشعبية حول هوية هؤلاء المخبرين، وطبيعة عملهم، وكم يتقاضون.
العدد يتجاوز الأربعين ألفا
وأكد مصدر من هيئة الحقيقة والكرامة ل"عربي21" أن التقرير سيكون صادما في بعض جوانبه سيما المتعلقة بالعدد الكلي للمخبرين الذين تورطوا فعليا في ارتكاب جرائم ضد معارضين زمن بن علي، مرجحا أن يتجاوز العدد الأربعين ألفا.
وأضاف: "جزء كبير من منظومة شبكة المخبرين التي جندها بن علي ضد معارضيه، تتعلق بأعضاء منخرطين في اللجان المركزية للحزب الحاكم المنحل، وهم موزعون بكامل تراب البلاد، وكانت مهمتهم التجسس على المعارضين وأقاربهم".
وشدد على أن هيئة الحقيقة والكرامة أحالت للدوائر القضائية المختصة أسماء الآلاف من المتورطين بانتهاكات ضد المعارضين فترة المخلوع.
وكان نشطاء التواصل الإجتماعي قد تداولوا وثائق مسربة إبان الهجوم على مقرات الحزب الحاكم سابقا خلال الثورة، تتعلق بأسماء مخبرين برتبة مرشدين أو "قوادة" باللهجة العامية التونسية جندهم المخلوع لهاته المهمة مقابل مكافآت مادية.
وبحسب مراقبين، فإن الاستراتيجية التي اتبعها المخلوع تجاه معارضيه بالرغم من إحكام قبضته الأمنية على مفاصل الدولة والشعب لم تكن كافية، لينطلق في بناء شبكة مخبرين من مختلف القطاعات الأمنية والحزبية والشعبية لم تستثن المعارضين من الإسلاميين واليساريين.
وبهذا الخصوص، أكد القيادي في حزب التيار الديمقراطي والمعارض السابق في عهد بن علي محمد عبو ل"عربي21" أنه كان أحد ضحايا هاته الوشايات من خلال تجنيد نظام المخلوع العشرات من المخبرين بالترغيب أو بالترهيب للتجسس على بيته وعائلته.
وشدد على نجاح بن علي في سيطرته على التونسيين بأساليب أمنية مفزعة وتحويل بعضهم بشكل طوعي أو عبر التهديد لعيون النظام التي لاتنام، ما يدفعم للوشاية بجيرانهم وأقاربهم بالترهيب واستعمال العنف.
وأوضح أن تجارب الأنظمة الاستبدادية في العالم وليست فقط بتونس، أظهرت تطويع الحكام جزءا من الشعب وتحويله إلى كتائب من المخبرين، لكنه شدد خصوصا على بعض الذين تلقوا أموالا مقابل هذه المهمة القذرة والتي ترتقي لمستوى الجريمة.
مهمة وطنية
من جانبه، اعتبر رئيس الحكومة السابق و القيادي بحركة النهضة علي العريض والذي ضاق مر السجون في عهد بن علي أنه كان يتعامل مع المخبرين بشكل شبه يومي، وكان يعرفهم بالاسم والصفة دون مواربة أو تخفي حين كانوا يرافقونه في جميع تحركاته.
وشدد على نظام المخلوع لم يكتف بمتابعته أمنيا بشكل لصيق، بل استعمل جيرانه لمراقبته والإبلاغ عن كل شاردة وواردة تتعلق بعائلته وتحركاتهم داخل البيت وخارجه بيته، سواء بالترهيب أو بوعود بتوفير شغل وجراية لهم ولأولادهم.
وتابع ل "عربي21" : حزب التجمع الدستوري المنحل كان مكلفا في تلك الحقبة بجمع معلومات عن المعارضين والتبليغ عنهم للجهات الأمنية وكان أي منخرط في الحزب مجبر على الإدلاء بمعلومات شبه يومية وكتابة تقارير أمنية ضد المعارضين".
وشدد على أن جزءا منهم كان يقوم بتلك المهمة القذرة اعتقادا منه أنه يقوم بواجب وطني لصالح الدولة والنظام، والحال أنه يتجسس على العائلات والناشطين والنقابين ويخترق خصوصياتهم.
وكان نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قد تداولوا بشكل ساخر الأساليب التي استعملها المخلوع لإحكام قبضته الأمنية على الشعب التونسي ولاسيما عدد ال 40 ألف واش ومخبر.
وكتب الإعلامي آدم مطيراوي ساخرا :" وزارة الصحة تسجل بحذر تزايد حالات الإسهال داخل التراب التونسي اثر تسريبات تتعلق بنشر القائمة الكاملة للوشاة و المخبرين في الولايات والمعتمديات زمن بن علي".
وتابع : "من يظنّ أنّه بنشر تلك القائمات يقوم بفضحهم، هو واهم لأنهم معروفون أصلا في قراهم وأحيائهم ، ولأنهم لم ينكروا يوما ذلك، بل كانوا يتباهون به على أساس أنه وطنية وتصدٍّ للإخونج".
هل انحاز قانون المالية بتونس للأثرياء على حساب الكادحين؟
ما دلالات زيارة الشاهد للرياض وبمرافقة وزير من النهضة؟
حرب من نوع آخر.. هكذا يحارب النظام السوري الشمال وإدلب