هل أصبحت
القراءة عسيرة إلى هذه الدرجة في مجتمعات
العالم العربي؟ مما لا شك فيه أن القرّاءة تُساعد عموما على رفع سوية المعرفة، وترتقي بالنفس البشرية، فتسمو عند الناس النزعات الجمالية، وتتطور ملكة التفكير المنطقي وتنتقل لعالم واضح ترى فيه الطريق مبتعدة عن ظلمة الجهل.
حضت الأديان كلها على القراءة، وقد ابتدأ جِبْرِيل مع الرسول الكريم بكلمة "اقرأ".
باختصار" إن أهمية القراءة، غير قابلة للنقاش حتى عند من لا يقرأ. ولكن هل يكفي السؤال الذي يطرح نفسه هنا: أي المواد على المرء أن يقرأ وماذا يختار؟
لعل القارئ يجد ضالة أفضل في أن يستشير نفسه بما تحتاج. ألا يحتاج المرء يا ترى أن يُزكي الروح، ويقوي التفكير، ويرفع من مستوى المعرفة؟
لا نستطيع أن نتجاهل نتائج التطور التقني الهائل الذي اجتاح معالم حياة الناس في عصرنا، فهذا التطور رفع عدد الناس الذين يقرأون بأرقام قياسية. استقطبت وسائل
التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اهتمام الناس، وهذا ساعد الناس على تنويع مصادر القراءة وحضهم بسلاسة على الإدمان عليها. ولكن هل ارتفع بشكل نوعي مستوى
الثقافة والمعرفة والتنوير عند بشر عالمنا العربي؟
هل ارتقت نسبة نور
العلم والمعرفة وانحدرت نسبة ظلمة الجهل؟ من دون المعرفة تُساق الأمم كالخراف لخارج التاريخ.
الأمة التي لا تقرأ محكوم عليها بالشقاء والتسربل بمآسيها، ولكن، ومع الأسف، في مجتمعنا نسير دوما عكس مصالحنا.
نحن نقرأ ولا نقرأ
يضيع الناس اليوم عندنا وقتا هائلا في القراءة البصرية والسمعية، لتساهم في انحدار معرفتهم ومحو ما كان لديهم من معرفة متنورة ومنطقية. ما ينتشر هو ثقافة الاستهلاك المعلبة والسريعة (ثقافة التيك آوي)، نظرة سريعة غير متعمقة، وليس فيها أثر للمحاكمة ولا للإحساس بالتناقض والغثاثة ولا السقم ولا التكرار.
كم تجد هذه الثقافة سخاء دعمها من السلطات ومن لف لفها من تجار وسماسرة ودعاة الفكر ووصوليي المناصب، لنجد أنفسنا في نفق الظلم والظلام.. نوهم أنفسنا بأننا نقرأ، لكن الحقيقة أننا أمة "ضحكت من جهلها الأمم".