وصف خبراء سياسيون ونقاد رياضيون مصريون، مبادرة مالك نادي بيراميدز المصري، رئيس هيئة الترفيه بالمملكة العربية السعودية تركي آل الشيخ، بالتبرع بمبلغ 100 مليون جنيه (5.7 مليون دولار) للقرى الأكثر احتياجا بمصر، بأنها رشوة واضحة من المسؤول السعودي لاسترضاء الشعب المصري.
وبحسب الخبراء فإن المجتمع المصري يواجه تحركات آل الشيخ برفض شديد، ما جعل أزمته غير مقتصرة على النادي الأهلي وجماهيره، وإنما مع الشعب المصري بشكل عام، وإن خطواته الأخيرة، جاءت بعد انتقادات واسعة لطبيعة الاستثمار الذي يقوم به في مصر.
وكان آل الشيخ أعلن فى بيان عبر الصفحة الرسمية لناديه، عن رصد 100 مليون جنيه لتنفيذ برنامج اجتماعى خدمى بمصر، مؤكدا أنه بصدد الحصول على الموافقات والتصاريح اللازمة من الجهات المسؤولة تمهيدا لانطلاق برنامجه في قطاعات التعليم والصحة والمرافق العامة للقرى الأكثر احتياجا ودعم الأسر المحتاجة والأيتام.
ويضمن البرنامج إنشاء ملاعب بالقرى والنجوع لتشجيع الشباب على ممارسة الرياضة لتوسيع قاعدة المشاركة الرياضية، داعيا كل من لديه اقتراحات تفيد البرنامج بالتواصل مع إدارة ناديه.
وفي تعليقه على المبادرة أكد الناقد الرياضي علاء صادق، أن ما أعلنه آل الشيخ، يأتي ضمن حملته لاستعطاف حب وقبول الشعب المصري، بعد حالة الرفض والغضب التي تعامل بها الجمهور مع تدخلات آل الشيخ بكرة القدم المصرية.
وبحسب تصريحات صادق "لقناة الجزيرة الرياضية" فإن الهدف من هذه المبادرة هو شراء ذمم جديدة بالأوساط المصرية، تقوم بالتهليل للمسؤول السعودي الذي كاد أن يتسبب بتدخلاته وتصرفاته في إشعال الفتنة بين الجماهير المصرية.
اقرأ أيضا: آل الشيخ يتراجع عن انسحابه من الاستثمار الرياضي بمصر
إنذار أمني
من جانبه يؤكد الناقد الرياضي محمود حلمي لـ "عربي 21" أن الأيام الأخيرة شهدت توترا ملحوظا بين آل الشيخ والمسؤولين المصريين، وأن قرار تأجيل مباريات بطولة الكأس، وخاصة مباراة الأهلي وبيراميدز، كانت بسبب تصرفات آل الشيخ وتسخينه المتواصل ضد الجماهير، ما اعتبره المسؤولون الأمنيون تجاوزا للخطوط الحمر للمسؤول السعودي.
ويضيف حلمي أن الحملة الترويجية التي قامت بها وسائل الإعلام المصرية، قبل وبعد الإعلان عن مبادرة الـ 100 مليون جنيه، كشفت عن سيطرة آل الشيخ على قطاع عريض في الإعلام المصري، خاصة أن المبادرة عبارة عن اقتراح ولم يكن لها أية خطوات عملية، كما أن قيمتها أقل بكثير من قيمة لاعب واحد من المحترفين الأجانب بنادي آل الشيخ.
ويؤكد الناقد الرياضي أن المبادرة التي أطلقها آل الشيخ تعد ردا على الانتقادات التي تلقاها بعد إعلان انسحابه من الاستثمار الرياضي قبل عدة أيام، ثم تراجعه عن القرار بعد 24 ساعة، وما صاحب ذلك من حملة التشكيك التي واجهها في طبيعة هذا الاستثمار، وأنه لا يحقق عائدا حقيقيا للشعب المصري، بينما يستفيد منه مجموعة من اللاعبين والفنيين والإداريين لا يتجاوز عددهم الـ50 شخصا، وهو ما لا يمثل أي شكل من أشكال الاستثمار.
ويوضح حلمي، أن آل الشيخ استطاع شراء ذمم عدد من المسئولين بكرة القدم، وبعض الإعلاميين والصحفيين، ولكنه لن يستطيع شراء ذمم 100 مليون مصري، كما أن مبادرته لن تحقق له الشعبية التي يتمتع بها فريق مثل النادي الأهلي، والذي وجه لآل الشيخ ولاتحاد الكرة صفعة قوية، عندما استطاع بموقفه تأجيل مباريات الكأس على غير رغبة الاتحاد وآل الشيخ، ليثبت أنه في النهاية هو الأقوى بتاريخه وشعبيته.
اقرأ أيضا: آل الشيخ يتراجع عن انسحابه من الاستثمار الرياضي بمصر
القوى الناعمة
وعن جدوي هذه المبادرة يؤكد الباحث السياسي أحمد الشافعي لـ "عربي21" أن مبلغ 100 مليون جنيه (5.7 مليون دولار)، ليس كبيرا لإحداث فارق اقتصادي، ولكن أيضا لا يجب التقليل من قيمته، لأنه في النهاية يمكن أن يساعد في توفير خدمات حقيقية تحتاجها القرى والأماكن الغائبة عن أعين الحكومة، وبالتالي فهي خطوة جيدة.
ويعود الشافعي ليوضح أن القضية ليست في المبادرة من عدمها، وإنما في استغلال الشعب المصري لخدمة أهداف سياسية، مشيرا إلى أن كثيرا من المصريين الذين يعملون بدول الخليج، استطاعوا مساعدة القرى التي نشأوا فيها، بتبرعات حصلوا عليها من أثرياء عرب، وهؤلاء لم يسمع عنهم أحد، رغم أن مشروعاتهم منتشرة في كثير من المحافظات المصرية.
ويرى الباحث السياسي أن هناك أهدافا تدعو للقلق من تدخلات آل الشيخ في الشأن المصري، مستدلا بقائمة الشخصيات التي ذكرها عندما أعلن انسحابه قبل أيام من الاستثمار بمصر، والتي ضمت عددا من الممثلين والمطربين والمؤلفين والإعلاميين والرياضيين، ما يعني أن المسؤول السعودي يقوم بشراء قوة ناعمة تخدم أهدافه وتساعده في تحركاته بمصر.
وعن تأثيرات ذلك يؤكد الشافعي أن قوى التأثير الناعمة في الفن والرياضة والإعلام، لا يستهان بها، في صناعة شخصيات والقضاء على تاريخ شخصيات أخري، وهو ما يدفع آل الشيخ للاهتمام بشراء عدد منهم بطرق مختلفة مستغلا مناصبه المتعددة، ولكن ذلك في النهاية، لن يجعله شخصية جماهيرية محبوبة لدى عموم المصريين.
هل نجح الجيش المصري بسيناء بعد عام من عمليته العسكرية؟
هل الخيار الأوحد لمصر هو الثورة.. وهل لا ثورة دون الإخوان؟
نظام السيسي يحظر تداول "تعديلات الدستور" إعلاميا لإشعار آخر