كشف صحفيون وإعلاميون يعملون بمكاتب الصحف الأجنبية بمصر، أن السلطات المصرية حذرتهم بعدة طرق، "من نشر أخبار مسيئة عن التعديلات الدستورية"، التي يتم التجهيز لطرحها للاستفتاء الشعبي قبل نهاية نيسان/ إبريل الجاري، موضحين أنهم يواجهون أزمة كبيرة في الحصول على التصاريح الأمنية التي تمكنهم من التصوير في الشوارع والميادين العامة.
وحسب عدد من العاملين بهذه المكاتب، فإنهم طالبوا من مكتب المراسلين الأجانب بالهيئة العامة للاستعلامات، منحهم تصاريح خاصة تمكنهم من الحديث مع الجماهير عن التعديلات الدستورية، إلا أن المسؤولين أخبروهم برفض الجهات الأمنية، كما أن التصاريح الخاصة بتغطية عملية الاستفتاء سوف تخضع لإجراءات أمنية مشددة.
وتزامن ذلك مع رسائل اعتراض وجهتها الهيئة العامة للاستعلامات، لعدد من المكاتب التابعة لمؤسسات إعلامية غير مصرية، حول أسلوب التغطيات الصحفية الخاصة بالتعديلات الدستورية، وقضية المعتقلين السياسيين والاختفاء القسري، حيث تلقت مكاتب عدد من الوكالات الأجنبية، تنبيهات غير مباشرة، بـ"عدم الانجرار وراء الشائعات التي تشوه التعديلات الدستورية، حتى لا تتعرض هذه المكاتب لمشاكل مع السلطات المصرية".
ويشير إعلاميون تحدثوا لـ "عربي21" إلى أن النظام المصري "يحاول فرض أسلوب تعامله بملف الصحافة المحلية، على الصحافة الأجنبية، التي تقلص دورها بشكل كبير بعد الانقلاب العسكر".
ويؤكد الإعلاميون أن تعامل نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، مع أزمة شبكة BBC البريطانية، وقبلها أزمة قناة الجزيرة القطرية، والمكاتب الإعلامية التابعة لصحف ومجلات أجنبية، "يأتي في إطار محاولاته فرْضَ قيود على عمل المراسلين الأجانب بعدة آليات، وصل بعضها لسجن المراسلين وغلق مكاتبهم".
شرعنة الملاحقة
وفي هذا الإطار، يرى الكاتب الصحفي سليم عزوز أن نظام السيسي تعامل مع الإعلام المصري بمنتهى العنف والقسوة، واستخدم العصا الغليظة منذ بداية الانقلاب ضد الصحفيين المعارضين له، وبادر في الأيام الأولى للانقلاب باعتقال بعضهم، وتوجيه التهم لآخرين، وغلق عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية.
ويضيف عزوز في حديثه لـ"عربي21" أن "ضغوط النظام على الصحافة لم يقف عند وسائل الإعلام المحلية، وإنما امتد للصحافة الأجنبية، وهو ما أعاد مصر سنوات كثيرة للوراء بعد غلق عدد من المكاتب، وفرض قيود على الأخرى، واتهام عدد من المراسلين في قضايا مفبركة، وحبس عدد منهم لأنه مارس عمله بشكل محترف أحرج نظام السيسي".
ووفقا لرؤية عزوز، فإن نظام السيسي، "مثل أي نظام ديكتاتوري دموي، سوف يظل في عداء مع الحريات بشكل متواصل، وأبرزها حرية الصحافة، وأن سياسة الإرهاب التي يمارسها ضد الصحفيين بالصحف المحلية، لن تفلح مع زملائهم في الصحافة العالمية، حتى لو كانوا من المصريين".
هوس من الصحافة الأجنبية
من جهته، يؤكد الخبير الإعلامي يحيي عبد الهادي أن نظام السيسي "لديه هوس من الصحافة والإعلام، واعتماده على اتهامات الإضرار بالأمن القومي وتشويه سمعة مصر، ونشر أخبار غير صحيحة، ومعلومات مغلوطة، كلها تبريرات تؤكد فشل المنظومة التي تتعامل مع الصحافة الأجنبية بمصر، خاصة أن الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية مفضوحة للجميع، وليست من نوعية تلك التي تحدث في الغرف المغلقة".
ويرى في حديث لـ "عربي21" أنه "ليس مستغربا أن تتهم السلطات المصرية قناة مثل CNN أو BBC أو CB، أو الجزيرة، غيرها من القنوات ووسائل الإعلام المصرية بالخارج مثل وطن والشرق ومكملين، بأنها تضر بالمصالح المصرية، لأن النظام العسكري، يعتبر نفسه الممثل للمصالح الوطنية، ومن ثم يعتبر فضحه وكشفه وانتقاده، هو فضح لمصر وانتقادها.
ويضيف عبد الهادي: "وضع المراسلين الأجانب في مصر خلال المرحلة الراهنة هو الأسوأ، بعد غلق العديد من المكاتب، والتوسع في التعامل الأمني مع العاملين بها، واستدعائهم للتحقيق بمقار الأمن الوطني والمخابرات العامة، وسحب تصاريح العشرات منهم، وهي أمور تعكس إلى أي مدى أصبح النظام العسكري في حالة عداء مع الصحافة والإعلام، وخاصة الأجنبي لأنه خارج السيطرة".
ويشير إلى أن "محاولات النظام وضع الصحافة العالمية المتعاملة مع الشأن المصري ببيت الطاعة، لن تفلح، وسيكون لها نتائج عكسية في تعاطي الإعلام الأجنبي مع الشأن المصري، خاصة أن انتشار وسائل الاتصال وسرعة نقل الأحداث، جعل نقل الحقائق ونشرها أكثر سهولة، وهو أساس عمل الصحافة الأجنبية، وهو أيضا ما لا يستطيع نظام السيسي إدراكه حتى الآن".
لماذا "تستثمر" الإمارات والسعودية بـ"الصحة" في مصر؟
شبهات حول شراء السيسي مقاتلات روسية بملياري دولار
بعام واحد.. هل يملك جيش مصر عصا سحرية لحل أزمة القطارات؟